دبلوماسي أميركي يكشف عن «وساطة» لتقريب وجهات النظر بين العراق ودول الخليج العربية

قيادي في ائتلاف المالكي: التحرك الأميركي جاء متأخرا

TT

كشفت الولايات المتحدة الأميركية عن أنها تقوم حاليا بجهود لتقريب وجهات النظر بين العراق ودول الخليج العربي. وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان لها أمس إن «وكيل وزارة الخارجية لشؤون العلاقات الثنائية نزار الخير الله استقبل القائم بالأعمال الأميركي في السفارة الأميركية في بغداد دوغلاس سليمان»، مشيرا إلى أنه جرى خلال اللقاء «تبادل وجهات النظر حول الأوضاع السياسية في العراق والمنطقة».

وأكد المسؤول العراقي، طبقا للبيان، أن «بناء الديمقراطية يحتاج إلى وقت وجهد استثنائيين وتوافق بين الأطراف السياسية»، مبينا أن «العراق رغم الظروف والتحديات مستمر في بناء مؤسساته ونظامه السياسي الديمقراطي».

من جانبه، قال القائم بالأعمال الأميركي إن «الولايات المتحدة تبذل ما في وسعها لتقريب وجهات النظر خصوصا بين العراق ودول الخليج العربي»، معربا عن تفاؤله «لما يجري من حوارات بين القوى السياسية العراقية».

وشهدت العلاقات العراقية - الخليجية تطورا ملموسا خصوصا مع دولة الكويت لا سيما بعد خروج العراق من البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وفي وقت لا تزال العلاقات ملتبسة إلى حد كبير مع دولة قطر إلا أن من آخر المسؤولين العراقيين الكبار الذين زاروا دولة قطر مؤخرا، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم. من ناحية ثانية، تشهد العلاقات العراقية السعودية نموا في ميادين كثيرة لا سيما بعد أن سمت الرياض سفيرا غير مقيم بها في العراق في حين يعمل البلدان الآن على تنظيم اتفاقية ثنائية لتبادل السجناء التي صادق عليها البرلمان العراقي الأسبوع الماضي.

في السياق ذاته، أكدت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي أن «العراق عبر منذ البداية وبعد عام 2003 مباشرة عن حرصه على إقامة أفضل العلاقات مع دول الخليج العربية وهو الحرص الذي استمر خلال الحكومات العراقية التي تولت الحكم بعد التغيير وإلى اليوم». وقالت صفية السهيل، عضو اللجنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما عبرت عنه الولايات المتحدة الأميركية على صعيد العمل على تقريب وجهات النظر بين العراق وبلدان الخليج إنما هو تجديد لالتزام أميركي سابق لا سيما أن واشنطن لم تجد يوما أن العراق لا يبدي القدر الكافي من الحرص من أجل تطوير علاقاته الخليجية بصرف النظر عن بعض الأمور والمواقف هنا أو هناك». وأشارت إلى أن «العراق يحتفظ اليوم بعلاقات ممتازة مع الكويت وهي دولة خليجية مهمة وبالتالي فإن إزالة مخاوف الكويتيين من العراق ما أدى إلى خروجه من البند السابع إنما يعكس حالة الاطمئنان التي نتمنى أن تمتد إلى جميع دول الجوار وفي المقدمة منها بلدان الخليج». وأوضحت أن «العراق لديه سفارات في هذه الدول ومنها المملكة العربية السعودية حيث إنه بالإضافة إلى أن لدينا سفارة فهناك أيضا قنصلية في مدينة جدة».

وأشارت صفية السهيل إلى أن العلاقات العراقية - الخليجية «كانت ستكون أقوى لو أن الكثير من القيادات العراقية فتحت أبوابا ونوافذ مختلفة ومنها البعد العشائري، إذ أن هناك امتدادا قبليا واسعا بين كبرى القبائل العراقية والقبائل والعشائر في مختلف بلدان الخليج العربي». وأكدت أن «لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية بوصفها رقابية ستتابع هذا الأمر مع وزارة الخارجية من أجل وضع الأفكار الأميركية موضع التنفيذ خصوصا أن الأوضاع في المنطقة الآن تتطلب رؤية أوضح وأكثر قدرة على استيعاب المتغيرات واحتوائها».

لكن عدنان السراج، القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، اعتبر أن «التحرك الأميركي بهذا الاتجاه جاء متأخرا وربما حتمته الظروف والمتغيرات الجديدة في المنطقة». وقال السراج لـ«الشرق الأوسط» إن «الولايات المتحدة الأميركية نأت طوال السنوات الماضية عن أي جهد واضح حيال العلاقات العراقية - الخليجية ويبدو أنها كانت تصطدم بنوع من الرفض الخليجي للتقارب مع العراق الجديد من منطلق أن الحكم في العراق طبقا لوجهة نظرهم طائفي». وأضاف أن «الولايات المتحدة الأميركية أدركت الآن أن الوضع الطائفي في المنطقة بات يشكل خطورة على الجميع، لا سيما تدهور الأوضاع في سوريا وتصاعد عمليات العنف في العراق، وبالتالي فإن إيجاد حلول سياسية للأزمات يمكن أن يؤدي إلى محاربة الإرهاب الذي يدفع ثمنه الجميع». وشدد على أن «جزءا كبيرا مما يجري في العراق من تصعيد في أعمال العنف له بعد طائفي سياسي ولذلك فإن السعي الأميركي للتقارب بين العراق ودول الخليج إنما يقع في سياق إعادة النظر في رؤيتها للمنطقة بمحاربة مبادئ التطرف وبناء ديمقراطية متوازنة تحفظ حقوق الجميع».