نتنياهو: مفاوضات السلام ستكون صعبة.. وما نتفق عليه سيطرح في استفتاء

فصائل فلسطينية تريد التزاما إسرائيليا.. وطهران تعارض خطة كيري

فلسطيني يحمل ملصقا للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل خلال مظاهرة بمدينة نابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

في أعقاب التذمر الشديد الذي أبداه أقطاب اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية إزاء استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حدود 1967، والرضوخ لشروطهم في إطلاق سراح مئات الأسرى والالتزام الصامت بتجميد جزئي للبناء في المستوطنات وفقا لخطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طمأنة رفاقه وقال إنه لم يرضخ لشيء وإن «الفلسطينيين هم الذين فشلوا في فرض شروطهم الاستباقية للمفاوضات». وأعلن أن «المفاوضات لم تبدأ بعد، ولا حاجة لاختلاف في معسكر اليمين قبل أن يعرف أولها من آخرها». وقال إنه يتوقع مفاوضات صعبة للغاية «لكنني صادق في التوجه إليها». وعاد لتجديد وعده السابق بأنه في حال التوصل لأي اتفاق مع الفلسطينيين حول التسوية الدائمة، سيطرحه على الاستفتاء الشعبي.

وقال نتنياهو خلال جلسة عادية لحكومته، أمس «إنني ملتزم بتحقيق هدفين فيما لو توصلنا إلى نتيجة»، وتابع «أولا، في حال التوصل إلى اتفاق دائم فعلا فسيتم طرحه على الجمهور ليعطي رأيه فيه من خلال استفتاء شعبي عام». وأضاف «ثانيا.. منع خلق دولة مزدوجة القومية بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ومنع إقامة دولة إرهاب أخرى برعاية إيرانية». وأوضح نتنياهو «سيتوجب علينا إيجاد التوازن بين هذين الهدفين وسيتوجب على شركائنا في المفاوضات القيام بتنازلات تمكننا من الحفاظ على أمننا ومصالحنا القومية الحيوية. وفي إطار هذه العملية التفاوضية أصر بحزم على المتطلبات الأمنية لدولة إسرائيل وعلى مصالح حيوية أخرى».

من جهة ثانية، كشفت بعض أسرار المفاوضات المكثفة التي أجراها كيري في العاصمة الأردنية عمان، والضغوط التي راح يمارسها على القادة السياسيين في الطرفين، وبشكل خاص على نتنياهو وعلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في نهاية الأسبوع، والتي أدت إلى تمكنه من الإعلان عن استئناف المفاوضات، على الرغم من أنه لا يوجد بعد اتفاق كامل. فقالت مصادر إسرائيلية إن المفاوضات على صيغة نهائية لاستئناف مفاوضات السلام ما زالت مستمرة حتى الآن، وإن كيري دعا كبار المفاوضين من الطرفين إلى واشنطن، لمتابعتها، وإنه سيلتقي مع وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني، رئيسة الوفد الإسرائيلي، ويتسحاق مولخو الممثل الشخصي لنتنياهو في المفاوضات، وكذلك رئيس الوفد الفلسطيني الدكتور صائب عريقات، طالبا أن يحضروا ومعهم «أجوبة شافية للقضايا المتبقية حتى يتاح إعلان موعد لاستئناف المفاوضات المباشرة».

وأوضحت مصادر إسرائيلية أن موضوع إطلاق سراح الأسرى كان مركزيا في مفاوضات نهاية الأسبوع الماضي. ففي حين كانت إسرائيل ترفض إطلاق سراح الأسرى ما قبل اتفاقيات أوسلو عام 1993، طرح كيري حلا مبدعا ينص على أن تطلق إسرائيل سراح نصف عدد هؤلاء الأسرى (55 من مجموع 107)، وجميعهم من الأسرى «المؤبدين الثقيلين» الذين تسميهم إسرائيل «أسرى ملطخة أيديهم بالدماء»، وبدل النصف الثاني ستختار بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني آخر، على أن يطلق سراحهم على دفعات في مدى بضعة أسابيع على حسب تطور التفاوض. وقال مصدر إسرائيلي عسكري إن تحديد عيد الفطر موعدا للإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى يعني أن الفلسطينيين سيضطرون للقدوم إلى المفاوضات قبل عيد الفطر وإلا فإنهم لن يروا «أبطال الإرهاب» يحتفلون في البيت.

لكن كيري لم يتوصل إلى اتفاق تام بخصوص الرسائل التي يفترض أن يوجهها هو والرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قادة الطرفين، وسينهي إعداد الرسائل قبل أن يصل المتفاوضون إلى العاصمة الأميركية. والحديث يجري عن أربع رسائل: الأولى موجهة إلى أبو مازن، والثانية إلى نتنياهو، والوثيقة الثالثة هي وثيقة مبادئ تطرح كمرجعية توجيهية للتفاوض، والرابعة هي رسالة دعوة.

وكان حلفاء نتنياهو في اليمين المتطرف وعدد من رفاقه في حزب الليكود شعروا بأنه تنازل للفلسطينيين في عدة مواضيع أساسية خصوصا الأسرى وحدود 1967 والموافقة الصامتة على تجميد جزئي في المستوطنات النائية في الضفة الغربية، فراحوا يهددون بأزمة ائتلافية. لكن نتنياهو سارع للاجتماع مع رئيسة المعارضة، شيلي يحيموفيتش، بهدف تذكير حلفائه بأنه يملك بديلا عنهم في الحكومة. وصرحت يحيموفيتش بأن حزب العمل الذي تقوده مستعد لتوفير شبكة أمان من صفوف المعارضة لحكومة نتنياهو في حال كان صادقا وعاد باتفاق سلام مع الفلسطينيين. ولم تستبعد الدخول في محادثات مع نتنياهو على دخول الائتلاف الحكومي مكان حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، إذا ما انسحب هذا من الائتلاف الحاكم.

وفي رام الله، أكد مسؤولون فلسطينيون أمس وجود اعتراضات في أوساط القيادة الفلسطينية على قرار استئناف مفاوضات السلام.

وأبدت كل فصائل منظمة التحرير، في مواقف علنية وأخرى خلال اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة يوم الخميس الماضي، معارضة حادة لخطة كيري خصوصا عدم تضمنها التزام إسرائيلي بالحدود المحتلة عام 1967 ووقف الاستيطان.

وقال حنا عميرة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن اعتراضات فصائل المنظمة تتعلق بأسس استئناف المفاوضات وهل هي وفق مرجعية واضحة ووقف الاستيطان أم من دون هذه الأسس كما يتم الإعلان حاليا. وشدد عميرة على أن المطلوب فلسطينيا ليس تعهدات أميركية بشأن القضايا محل الخلاف، بل التزام إسرائيلي معلن لوضع مرجعية واضحة للمفاوضات تؤدي إلى نتائج ولا تؤدي إلى التجربة السابقة نفسها.

وفي غضون ذلك، أعربت إيران أمس عن معارضتها لاستئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية بوساطة أميركية، وقال عباس عراقجي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن «طهران والجماعات الفلسطينية تعرب عن معارضتها للخطة المقترحة، ومن المؤكد أن النظام الصهيوني المحتل لن يوافق مطلقا على الانسحاب من الأراضي المحتلة». وأضاف أن «التجارب السابقة تظهر أن النظام الصهيوني المحتل ليس مستعدا لدفع ثمن السلام لأنه نظام يقوم على إثارة الحروب والاحتلال».