انتخابات الكويت 2013: المرأة أكثر من نصف الناخبين.. والأقل ترشحا

معصومة المبارك: الإحباط وراء إحجام النساء .. محللة سياسية: ثقافة المجتمع أحد الأسباب

المرشحة صفاء الهاشم خلال حفل استقبال في مقرها الانتخابي (أ.ف.ب)
TT

في وقت بدأ فيه العد التنازلي للانتخابات التشريعية في الكويت، فإن اللافت في هذا الاستحقاق، الذي يجري للمرة الثانية في أقل من 8 أشهر، هو عزوف النساء عن الترشح، رغم أنهن يشكلن أكثر من نصف الناخبين.

ويتجه الكويتيون السبت المقبل إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الأمة، وسط تصاعد حمى الحملات الانتخابية، وسعي المرشحين إلى اجتذاب الأصوات. وأظهرت سجلات وزارة الداخلية بلوغ عدد الناخبين 439 ألفا و715 مواطنا ومواطنة، يحق لهم الاقتراع لاختيار 50 عضوا يمثلونهم في البرلمان. وتشكل النساء نسبة 53.12 في المائة من إجمالي عدد الناخبين، بواقع 233 ألفا و619 ناخبة، مقابل 206 آلاف و96 ناخبا يشكلون 46.87 في المائة، إلا أن هذه النسبة لا تتماشى مع عدد المرشحين للانتخابات البالغ 321 مرشحا، بينهم 8 مرشحات فقط، وهو العدد الأقل في تاريخ مشاركة النساء في الحياة السياسية الكويتية.

وتمكنت المرأة من المشاركة في العمل السياسي بموجب قانون أقره البرلمان في مايو (أيار) 2005، بعد أن كان حق الانتخاب والترشح مقصورا على الناخبين الذكور فقط. وشهدت جلسة إقرار القانون بالبرلمان شدا وجذبا بين الحكومة التي قدمت القانون بالتعاون مع مجموعة من النواب المستقلين والليبراليين في مواجهة النواب القبليين والإسلاميين المعارضين، إلا أن قانون منح المرأة حقوقها السياسية مر في النهاية بأغلبية فاقت نصف أعضاء البرلمان، لتتم بعدها إضافة جميع المواطنات الكويتيات البالغات سن 21 عاما فما فوق في سجلات الناخبين، وهو الأمر الذي ضاعف عدد الناخبين المقيدين من 136 ألفا و715 ناخبا موزعين على 25 دائرة انتخابية، إلى 340 ألفا و248 ناخبا وناخبة بعد إضافة النساء إلى سجلات الناخبين.

ويعود تاريخ حقوق المرأة السياسية في الكويت إلى عام 1971، حينما تقدم النائب السابق سالم المرزوق باقتراح قانون يطالب فيه منح المرأة حقوقها السياسية، إلا أنه ومنذ ذلك الوقت وحتى 1996 لم يتمكن النواب من تمرير القانون لعدم تمكنهم من عرضه للمناقشة، وفي عام 1999 حاول أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد تمرير القانون في فترة حل البرلمان بموجب ما يملكه من صلاحيات دستورية، إلا أن النواب رفضوا القانون الحكومي ووأدوا القضية في أدراج اللجان الانتخابية، وفشلت بعدها محاولات النواب الليبراليين تمرير القانون حتى استطاعوا اختراق صفوف المعارضة القبلية والدينية وتمكنوا من تمرير القانون في مايو 2005.

وتاريخيا، تعتبر أستاذة العلوم السياسية الدكتورة معصومة المبارك أول وزيرة تشارك في الحكومة خلال تعديل وزاري أجري عام 2005 تحت رئاسة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حينما كان رئيسا للوزراء وقتها، وهو الأمر الذي رفضته حينها القوى الدينية المتشددة. وكانت جلسة أدائها اليمين الدستورية أمام البرلمان صاخبة، حيث حاول أكثر من نائب إسلامي مقاطعتها بالضرب على الطاولات والصراخ احتجاجا، إلا أنها أدت اليمين بكل هدوء ولم تؤثر عليها محاولات التشويش.

وفي العام الذي تلا دخول أول امرأة الفريق الحكومي حُل مجلس الأمة بعد تقديم مجموعة من النواب استجوابا بحق رئيس مجلس الوزراء وقتها الشيخ ناصر المحمد، الأمر الذي دفع أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة في يونيو (حزيران) 2006 كانت هي أول انتخابات برلمانية تشارك فيها المرأة ترشحا وانتخابا، حيث شاركت فيها 26 مرشحة من أصل 249 مرشحا موزعين على 25 دائرة انتخابية، وبعدها انتخابات 2008 التي أجريت بعد تعديل تقسيم الدوائر من 25 دائرة إلى 5 دوائر، حيث شاركت فيها 21 مرشحة من أصل 272 مرشحا، إلا أن أيا من المرشحات لم تتمكن من الفوز في كلتا الانتخابات.

وعلى خلاف الدورتين الانتخابيتين السابقتين شهدت انتخابات البرلمان عام 2009 فوز أربع مرشحات بعضوية مجلس الأمة، هن معصومة المبارك، وسلوى الجسار، وأسيل العوضي، ورولا دشتي، من أصل 16 مرشحة خضن الانتخابات من إجمالي 211 مرشحا ومرشحة، إلا أن تداعيات الأزمة السياسية التي عصفت بالكويت عام 2011 وحُل على أثرها البرلمان صّعبت الوضع على المرأة في الانتخابات التي أجريت بعد ذلك في فبراير (شباط) 2012 وسط استقطابات سياسية حادة، إذ لم تتمكن أي من المرشحات الـ19 اللائي خضن الانتخابات إلى جانب 268 مرشحا من الفوز بعضوية البرلمان.

وفي يونيو من عام 2012 أبطلت المحكمة الدستورية انتخابات البرلمان التي أجريت في فبراير من العام ذاته، بناء على طعن قدمته المرشحة صفاء الهاشم، وهو ما دعا لإعادة الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته، وهي الانتخابات التي شهدت مقاطعة قادتها قوى المعارضة التي تتألف من الإخوان المسلمين والقبليين وفصيل من الليبراليين، احتجاجا على استخدام أمير البلاد صلاحياته الدستورية وإجرائه تعديلا جزئيا على نظام الانتخابات بتقليص عدد الأصوات التي يملكها كل ناخب لانتخابات البرلمان من أربعة أصوات إلى صوت واحد فقط. وشهدت انتخابات ديسمبر 2012 نيل ثلاث مرشحات عضوية مجلس الأمة من أصل 13 مرشحة خضن الانتخابات بمعية 294 مرشحا في الدوائر الخمس، وكان لافتا أنهن جميعا حظين مراكز متقدمة على مستوى دوائرهن، وهن معصومة المبارك، وصفاء الهاشم، وذكرى الرشيدي، وهي أول مرشحة قبلية تفوز بعضوية البرلمان عن دائرة معروفة بتركيبتها القبلية الصرفة.

وتبين مؤشرات المرشحين تراجعا ملحوظا في عدد النساء المتقدمات للترشح في هذه الدورة بتسجيل 8 نساء ترشحهن في الانتخابات من أصل 321 مرشحا يخوضون الانتخابات المقررة السبت المقبل، وهو ما أرجعته مرشحة الدائرة الأولى الدكتورة معصومة المبارك في تصريح صحافي إلى «تكرار الانتخابات في فترات قصيرة بما أجهد المرشح عموما والنساء بشكل خاص، لأننا نعلم أن النساء في جميع ديمقراطيات العالم وليس فقط في الممارسة الديمقراطية الكويتية هن أقل مشاركة في العملية السياسية ترشيحا، ولكن في المقابل نجد النساء لديهن حماسة قوية للانتخاب، ومن أسباب ضعف خوض النساء للعملية الانتخابية من خلال الترشح تكرار العملية الانتخابية والشعور بالإحباط وعدم الاستقرار السياسي في البلد وكذلك ما يتردد بشأن أن المجلس المقبل لن يكون مجلسا مستقرا».

فيما رأت الكتابة الصحافية إقبال الأحمد، في لقاء لها حول المسألة ذاتها، أن «عدم توازن نسبة الناخبات العالية مقارنة بنسبة المرشحات إلى المرشحين الذكور عائد إلى وجود تباين في قناعة المجتمع وثقافته وإيمانه بدور المرأة أو بقدرتها على المشاركة في الحياة السياسية والسلطة التشريعية، فالمجتمع الكويتي لا يعترف بدور المرأة أو بقدراتها على الرغم من أن الدولة تهتم بها وهي في مراحل الدراسة مثل الرجل تماما، لكنها ما إن تنتقل إلى مرحلة النضوج المهني أو الاستعداد لتولي مناصب قيادية عليا حتى تنحسر أهميتها وتتقلص ليتم تفضيل الرجل عليها لأسباب متعددة، وهو ما يتطلب من المرأة إثبات ذاتها».

وتقول الأحمد «المرأة تواجه صعوبات للوصول إلى مجلس الأمة، منها أنها تخوض تجربة الترشح مستقلة غالبا من دون سند ما إلا من ذويها والمقربين بما لا يقارن بالمرشحين المدعومين باعتبارات عدة، كما أن فرص نجاحها أقل بكثير من نظيرها الرجل صاحب الخبرة السياسية الطويلة».

يذكر أن أول انتخابات رسمية عامة شاركت فيها المرأة الكويتية انتخابا وترشحا هي الانتخابات التكميلية للمجلس البلدي التي أجريت في أبريل (نيسان) 2006 والتي شاركت فيها المهندسة جنان بوشهري كأول امرأة كويتية تخوض الانتخابات العامة بعد إقرار حقوق المرأة السياسية، وحلت فيها في المركز الثاني من بين 6 مرشحين رجال خاضوا الانتخابات.