المصريون مستاؤون من مواقف رئيس وزراء تركيا تجاه بلادهم

بينهم ساسة ودبلوماسيون سابقون وأزهريون ونشطاء

TT

لا تخلو أحاديث النخب المصرية من الاستياء من الموقف التركي تجاه بلادهم. وفي منتديات الساسة، وفي سهرات رمضانية لدبلوماسيين سابقين على كورنيش النيل، تجد علامات استفهام كبيرة تجاه التصريحات التي يطلقها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ضد مصر. وفي الجانب الآخر، ترتفع صيحات ألوف النشطاء منددة بـ«تحريض أردوغان» ضد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، التي تسببت في الإطاحة بحكم الرئيس السابق محمد مرسي مطلع هذا الشهر، خاصة بعد أن اتهم أردوغان دولا غربية بـ«الكيل بمكيالين» لعدم استنكارها عزل مرسي التابع لتيار الإسلام السياسي الذي ينتمي إليه أردوغان أيضا.

وقال وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا لن تغير موقفها من الوقوف خلف نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، لأنه مرتبط بالوضع الداخلي لديها. وأوضح العرابي، وهو مرشح لرئاسة حزب المؤتمر المصري المعارض، أن موقف رجب طيب أردوغان ليس نابعا من دعم الديمقراطية، وإنما الخوف من تكرار التجربة المصرية في تركيا بعدما كانت مصر تنظر لتكرار النموذج التركي، إلا أنه لم يستبعد أن يتحسن الموقف بعض الشيء بعد استقرار الوضع في تركيا.

وحول رؤيته للرد المصري الرسمي، وإمكانية التصعيد بالمثل مع تركيا، قال العرابي: «لا داعي للتصعيد، ويجب أن نبدي حرصنا على أهمية العلاقة مع تركيا، ولكن ما نأخذه على تركيا هو الخطاب الاستعلائي مع الآخر، وأتصور أن هذا المنهج قد انتهى، ويجب أن يتعاملوا مع الدول بمنطق الدول ذاتها، وليس برؤية أنهم أسود وأن الآخرين تابعون لهم». وأكد رفض الشعب المصري عودة مرسي للحكم، وقال إن الأوضاع سوف تتحسن بالتدريج بعد معاناة من قطع الطرق والمظاهرات.

وقال السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية لـ«الشرق الأوسط» إن موقف أردوغان من مصر سهل، ويمكن تلخيصه في ثلاث نقاط، وهو أن حكومته تنتمي إلى التيار الإسلامي الذي يتماثل مع نموذج النظام السابق في مصر، واستخدام الدين في السياسة ووصوله للحكم، مثل وصول الإخوان للحكم أيضا عن طريق خلط الدين بالسياسة.

وأضاف أن ما حدث في مصر تفسره تركيا بأنه انقلاب عسكري، وهو أكثر شيء يخيف الحكومة التركية، وقد عانوا منه كثيرا، حيث لديهم هواجس من تحرك الجيش التركي ضدهم. وقال إنه حدث اهتزاز في داخل تركيا نتيجة المظاهرات التي حدثت في ميدان تقسيم، وبالتالي بدأ أردوغان يدافع عن وجوده عن طريق مواقف ضد ما حدث في مصر.

وعلى الرغم من أن أميركا ودولا أوروبية لم تصف ما حدث في مصر بأنه «انقلاب»، فإنها عبرت عن قلقها تجاه عزل مرسي ودعت للإسراع بالعودة للديمقراطية، لكن أردوغان قال أمام سفراء غربيين وعرب مساء يوم الخميس الماضي إن «الدول التي تدعو للديمقراطية وتحرص عليها يجب أن لا تكيل بمكيالين تجاه هذا النوع من الأحداث»، في إشارة لعزل مرسي.

وحول كيفية تعامل الحكومة المصرية مع هذا الموقف التركي أفاد السفير شاكر بأن مصر ترفض التدخل في شؤونها الداخلية حتى تثبت الأيام أن مصر كانت على حق فيما اتخذته حيال جماعة الإخوان، وأن الجيش المصري تحرك مع رغبة جامحة لتحقيق الاستقرار بعد عام من الفوضى في عهد الرئيس المعزول، قائلا إن العلاقة سوف تأخذ وقتا حتى تعود لطبيعتها بين مصر وتركيا.

وعلق السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية، على موقف تركيا من مصر قائلا: «لست مع سحب السفير أو التصعيد مع تركيا، وإنما مع حوار وتبادل زيارات وإعطاء تطمينات لتركيا بمواقف مصر من العلاقة معها في ظل النظام الجديد، وأن شخص الرئيس أو الحزب ليس هو الأساس في تطوير العلاقات، التي يجب أن تبنى على مصالح الشعوب والدول». وأضاف أن موقف تركيا يمكن أن نلتمس لها العذر، لأنها فقدت حليفا من حزب الحرية والعدالة (حزب الإخوان بمصر)، وكانت تبني عليه آمالا كبيرة، وفجأة اختفى هذا الحلم بسقوط نظام الرئيس السابق.

ودعا خلاف قيادات النظام الجديد في مصر إلى فهم الضائقة التي تمر بها تركيا، وأن تؤكد على أن العلاقات مع تركيا خاصة التجارية لن تتأثر برحيل النظام السابق.