مقتل العشرات وهروب عدد كبير من النزلاء في هجومين على سجنين قرب بغداد

انتحاري يستهدف رتلا عسكريا جنوب الموصل ويقتل 12 جنديا

صورة أرشيفية من داخل سجن بغداد المركزي (أبو غريب سابقا) بعد إعادة تأهيله عام 2009 (أ.ب)
TT

مشطت قوات الأمن العراقية أمس المناطق المحيطة بسجنين شمال بغداد وغربها وذلك غداة هجومين عليهما أسفرا عن مقتل عشرات الحراس والنزلاء وهروب مئات السجناء.. وفي غضون ذلك، استمرت أعمال العنف بما فيها هجوم انتحاري استهدف رتلا عسكريا في الموصل، مركز محافظة نينوى، وأوقع عشرات القتلى والجرحى.

وتعرض سجن «الحوت» في منطقة التاجي (شمال) وسجن بغداد المركزي (أبو غريب سابقا) لهجومين متزامنين بعد الإفطار أول من أمس. وقال ضابط برتبة عقيد في وزارة الداخلية إن المسلحين هاجموا سجن التاجي عبر ثلاثة انتحاريين بأحزمة ناسفة وسيارتين مفخختين بعد سقوط أربعة قذائف هاون على السجن. وفي الوقت ذاته، شنت مجموعة مسلحة هجوما مماثلا على سجن أبو غريب. وأكدت المصادر صباح أمس توقف الاشتباكات بعد معارك ضارية استمرت لساعات وسيطرة قوات الأمن على الأوضاع الأمنية في السجنين والمناطق المحيطة التي فرض عليها حظرا للتجوال.

بدوره، قال وسام الفريجي، المتحدث باسم وزارة العدل، لـ«الشرق الأوسط» إن 21 سجينا قتلوا وأصيب 25 آخرون بجروح خلال هذه الهجمات، فيما أكدت مصادر أمنية وطبية مقتل عشرين من عناصر قوات الأمن العراقية على الأقل وإصابة أربعين بجروح. وأضافت أن «الهجومين اللذين وقعا في تمام الساعة الثامنة والنصف بتوقيت بغداد وبعد نحو أقل من ساعة على الإفطار تزامنت معهما أحداث شغب داخل السجن من قبل نزلاء (القاعدة) مما يعني أن هناك تنسيقا بين الداخل والخارج». وأضاف أن «الهجمات التي وقعت على السجنين كانت منسقة وقد استخدمت فيها الأحزمة الناسفة والانتحاريين والسيارات المفخخة ومدافع الهاون؛ إذ جرى إطلاق نحو 100 قذيفة على السجن بالإضافة إلى قذاف (آر بي جي 7)». وأكد الفريجي أن «المنطقة المحيطة بالسجنين وهي مناطق شمال غربي بغداد فرض فيها حظر التجوال من أجل السيطرة على الموقف الذي هو الآن تحت السيطرة وتجري ملاحقة الفارين». وحول عدد القتلى في صفوف السجناء قال الفريجي: «لا نعرف. إنهم بالعشرات وتناثرت جثثهم في باحة السجن».

وبشأن طبيعة ومستوى هذا الخرق خصوصا أن المهاجمين مروا بالعديد من نقاط التفتيش في منطقة واسعة شمال غربي، بغداد قال الفريجي إن «هذا الخرق خطير وتتحمل الأجهزة الأمنية المسؤولية عنه». وكان عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والقيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي أعلن في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس أن «ما حدث ليلة أمس من عملية هجوم وتهريب وهروب لسجناء من سجن أبو غريب والتاجي أمر لا يمكن السكوت عنه». وأضاف أن «مشاغلة جميع القطاعات في قاطع التاجي وقاطع أبو غريب وقواطع أخرى في زمن واحد وتوقيت واحد يعتبر أمرا في غاية الخطورة»، لافتا إلى أن «هناك تكتما على عدد الهاربين». وأشار إلى أن «المعلومات التي وصلت إلينا تشير إلى هروب 500 نزيل فيما تحدثت أنباء عن هروب 1000 سجين» وأن من بينهم قياديين في تنظيم القاعدة محكومين بالإعدام. في مقابل ذلك، انتشرت على مواقع تعنى بأخبار الجماعات المتشددة أنباء عن تمكن «آلاف» السجناء من الفرار من السجنين. وذكر موقع «حنين» في خبر رئيس أن «سجن أبو غريب سيئ الصيت يتحول إلى خبر كان (...). هذا، وبلغنا وصول آلاف الإخوة خارج أسوار سجن التاجي». وتناقل مغردون على موقع «تويتر» وبينهم أشخاص ومجموعات مقربة من «القاعدة» خبر هروب 6 آلاف سجين. كما تناقلت عائلات في الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) أنباء عن فرار عدد من أبنائها من سجن أبو غريب.

وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة العدل إن «هذا الكلام غير دقيق لأنه تم تشكيل لجان تقوم حاليا بإعداد جرد بأعداد النزلاء، وتتولى القوات الأمنية مع الجهات المختصة ذلك، يضاف إلى ذلك أن هناك عشرات الجثث المتفسخة من السجناء ممن ينتمون إلى تنظيم القاعدة وقد تم إرسالها إلى الطب العدلي للتحقق منها، وعليه، فإننا لا نستطيع أن نتحدث عن أي رقم لمن تمكن من الهرب قبل أن تنهي اللجان عملها».

من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تكرار الهجمات المسلحة وبهذه الكثافة والنوعية من حيث الخطط والأساليب يكشف عن خلل خطير لم يعد ممكنا السكوت عنه لأن السكوت عنه بات جريمة». وأضاف المطلك أن «ما يجري يؤكد أن الحكومة فشلت على كل المستويات».

في موازاة ذلك، قتل 12 شخصا، أغلبهم من العسكريين، وأصيب نحو 16 بجروح في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف رتلا عسكريا في شرق مدينة الموصل شمال العراق، وفقا لمصادر أمنية وطبية. وقال النقيب أوس الحمداني في الجيش العراقي إن «الهجوم وقع نحو الساعة التاسعة لدى مرور الرتل في منطقة كوكجلي في شرق مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد)». وأكد الطبيب محمود الجابري في مستشفى الموصل حصيلة الضحايا، مشيرا إلى وجود أربعة قتلى وستة جرحى من المدنيين بين الضحايا. كما قتل جندي بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دورية للجيش في منطقة عين جحش (40 كلم جنوب الموصل)، وفقا لمصادر عسكرية وطبية. أيضا، أصيب سبعة أشخاص بينهم أربعة من عناصر الأمن في هجومين منفصلين بانفجار عبوات ناسفة في الموصل، وفقا لمصادر أمنية وطبية.

وتزامنت هذه الهجمات مع استقالة مفاجئة لقائد الفرقة «17» من الجيش العراقي اللواء الركن ناصر الغنام، التي تمسك مناطق واسعة جنوبي بغداد. وبرر الغانم استقالته بما وصفه بـ«الأوامر غير المهنية» و«السياسات الخاطئة» للقيادات العسكرية العليا. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية إيقاف الإجراءات القانونية بحق منتسبي فرقة المشاة ممن ارتكبوا «جرائم الغياب والهروب» فضلا عن المستقيلين منهم، ودعتهم إلى الالتحاق بوحداتهم قبل 29 يوليو (تموز) الحالي.