عقبات كثيرة تعرقل حسن سير الانتخابات الرئاسية في مالي

ستة أيام تفصل عن موعد الاقتراع

المرشح للانتخابات الرئاسية إبراهيم بوبكر كييتة في مسيرة لحملته الدعائية في مدينة باندياغارا بمالي (أ.ب)
TT

عقبات كثيرة ما زالت تعطل حسن سير الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المقررة الأحد المقبل في مالي، منها خطر الاعتداءات الانتحارية، والتوزيع غير الكامل لبطاقات الناخبين، والغموض حول تمكن 500 لاجئ ونازح من الاقتراع في مختلف أنحاء البلاد، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتحققت أكبر أهداف التدخل العسكري الدولي الذي بادرت به فرنسا في يناير (كانون الثاني) الماضي، لدحر جماعات المقاتلين الإسلاميين الزاحفين من شمال البلاد، الذي احتلوه طيلة تسعة أشهر، نحو الجنوب. لكن الجنرال غريغوار دي سان كانتان الذي قاد عملية سرفال الفرنسية في مالي، أقر أول من أمس (الأحد) بأن هذا البلد لم يتوصل بعد إلى «الاستقرار الكامل».

وصرح الجنرال دي سان كانتان في حديث نشرته صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الأسبوعية الفرنسية أول من أمس: «يجب الاعتراف لخصومنا بقدرتهم الفائقة على الاختفاء في هذا البحر الشاسع من الرمال الصحراوية. لكن لا بد حتى لأفضل بحار أن يرسو يوما في ميناء». وأضاف: «لذلك استهدفنا قبل كل شيء معاقل الإرهابيين».

ويخشى أن تنتهز بقايا الجماعات الإسلامية المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة التي احتلت شمال مالي، فرص الاقتراع لارتكاب اعتداء انتحاري كبير، كما فعلوا خلال الأشهر الأخيرة في مالي، وكذلك في النيجر المجاورة.

من جهة أخرى، شددت فرنسا والأمم المتحدة والنظام الانتقالي الحاكم في باماكو على ضرورة إجراء الاقتراع في كل أنحاء مالي، كي يتمتع الرئيس الجديد بالمصداقية الضرورية للنهوض بالبلاد والمصالحة في بلد يعاني من انقسام شديد.

وألقت أعمال عنف وقعت أخيرا، وأسفرت عن سقوط أربعة قتلى في كيدال (1500 كلم شمال شرقي باماكو)، وخطف نائب وأربعة موظفين في اللجنة الانتخابية السبت، بظلالها على إجراء الاقتراع فعلا في هذه المنطقة الواقع شمال شرقي مالي، التي تعتبر مهد الطوارق وحركة تمردهم الحركة الوطنية لتحرير أزواد.

ووقعت تلك الأحداث، على الرغم من اتفاق السلام المبرم في 18 يونيو (حزيران) المقبل في واغادوغو بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والسلطات الانتقالية في باماكو، مما سمح بتجميع وحصر المقاتلين الطوارق وعودة 150 جنديا ماليا إلى مدينة كيدال.

وقال المحلل جيل يابي من مجموعة الأزمات الدولية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «التوتر وأعمال عنف كانت على حتمية على الأرجح في كيدال، لأن التوقيع على الاتفاق بين قادة الجماعات المسلحة وباماكو لا يمكن أن ينهي واقع العداوة والتطرف في الجانبين».

وأضاف يابي: «بما أنه (اتفاق واغادوغو) ليس سوى اتفاق مرحلي قبل فتح عملية حوار أكثر أهمية بعد الانتخابات الرئاسية، فإن لعبة المزايدة لن تتوقف»، مؤكدا أن «انعكاس ذلك على الانتخابات ومصداقيتها سيكون رهن ما سيجري في كيدال يوم الاقتراع».

وفي مؤشر إيجابي، استقبل الرئيس دينكوندا تراوري، أول من أمس، في باماكو ممثلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد ومجموعة تمرد طوارق أخرى، وهي المجلس الأعلى لوحدة أزواد، وتحدثوا عن «السلام» و«المصالحة».

وفي حين تثير منطقة كيدال أكبر قدر من القلق، هناك أيضا مخاوف من أن لا يجري توزيع بطاقات الناخبين وعددها ستة ملايين و830 ألفا في المناطق الأخرى في الوقت المناسب.

وأفادت وثيقة رسمية لمنظمي الاقتراع بأن «نسبة توزيع البطاقات» بلغت «تقريبا 60 في المائة». ولا يشمل هذا التوزيع النازحين واللاجئين الماليين، وعددهم نصف مليون تقريبا، الذين انتقلوا إلى مناطق أخرى من البلاد أو إلى الخارج، وما زالت إجراءات اقتراع هؤلاء النازحين غامضة، خصوصا في مخيمات اللاجئين الواسعة في النيجر وبوركينا وموريتانيا.

وإضافة إلى هذه العراقيل، هناك الانتشار الجزئي فقط للإدارة المركزية في الشمال وإجراء الاقتراع في موسم «شتوي» في غرب أفريقيا يتسم بأمطار غزيرة تهطل عادة على جنوب مالي، وهبوب رياح وعواصف رملية على شمالها، وكل ذلك قد يصعب أو يمنع التنقلات.

وقد تؤدي كل هذه الأمور، إضافة إلى حلول رمضان في هذا البلد الإسلامي، إلى ارتفاع عدد الممتنعين عن التصويت، الذي هو أصلا متدنٍّ نسبيا في مالي عادة.

واعتبرت مجموعة الأزمات الدولية أن الاقتراع قد يجري «بفوضى» وقد يجري «الطعن» على نتائجه، مما قد لا يمنح الرئيس الجديد «الشرعية الضرورية للنهوض بالبلاد».