البنتاغون: الحملة الأميركية لترجيح كفة المعارضة في سوريا مكلفة

قائمة مفصلة من خمسة خيارات إذا أعطى أوباما الأمر بذلك

رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي قبل بدء جلسة في الكونغرس (أ.ف.ب)
TT

قدمت وزارة الدفاع الأميركية للكونغرس أول قائمة مفصلة بالخيارات العسكرية المتاحة لوقف الحرب الأهلية الدموية في سوريا، لكنه أشار إلى أن حملة من أجل تحويل الكفة من الرئيس بشار الأسد للمعارضة ستكون «مهمة ضخمة، تكلفتها مليارات الدولارات، وقد تعود بنتائج عكسية على الولايات المتحدة».

وكانت قائمة الخيارات - التي تم توضيحها في خطاب من رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، إلى رئيس لجنة الخدمات المسلحة لمجلس الشيوخ، كارل ليفين من ميتشغان - هي المرة الأولى التي يصف فيها الجيش بوضوح ما يراه التحدي الكبير للتدخل في الحرب.

وتتنوع هذه الخيارات بين تدريب قوات المعارضة إلى شن غارات جوية وفرض منطقة حظر جوي على سوريا. وقدم ديمبسي تفاصيل تتعلق بلوجيستيات وتفاصيل كل خيار منها. فأشار إلى أن الهجمات بعيدة المدى على الأهداف العسكرية للنظام السوري من شأنها أن تتطلب «مئات الطائرات والسفن والغواصات، وعناصر التمكين الأخرى»، وستكلف «المليارات».

وقدم ديمبسي، الخطاب المؤلف من ثلاث صفحات غير سري بناء على طلب ليفين، الديمقراطي، بعد شهادته الأسبوع الماضي باعتقاده أن الأسد سيبقى في السلطة لمدة عام من الآن.

في ذلك اليوم، بدأ البيت الأبيض يؤمن مراهناته حول الأسد بشكل معلن. بعد قوله لقرابة عامين إن أيام الأسد معدودة، قال السكرتير الصحافي، جاي كارني: «فيما توجد تحولات في الزخم في ساعة المعركة، فمن رأينا، أن بشار الأسد لن يحكم سوريا مجددا على الإطلاق».

وتمثل تلك الكلمات الأخيرة تحولا دقيقا ولكن مهما في كلمات البيت الأبيض، ففيها إقرار ضمني بأنه بعد مكاسب أخيرة من قبل قوات النظام ضد معارضة فوضوية على نحو متزايد، يبدو من المحتمل الآن أن يتشبث الأسد بالسلطة إلى المستقبل القريب، حتى لو كان ذلك على جزء من سوريا منقسمة.

وقد أثار ذلك التوقع غضب أنصار التدخل، بمن فيهم السيناتور جون ماكين، الجمهوري عن ولاية أريزونا، الذي دخل في نقاش محتدم مع ديمبسي، حينما أدلى الجنرال بشهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة حول سبب عدم اتخاذ الإدارة المزيد من الإجراءات لمد يد العون للثوار. وتدار خطة تزويد الثوار بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الأخرى كعملية سرية من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، ولم يشر ديمبسي لذلك في خطابه.

يوم الاثنين، قال مايك روجرز، الجمهوري عن ولاية ميتشغان، الذي يرأس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، إنه على الرغم من «المخاوف القوية جدا بشأن قوة خطط الإدارة في سوريا وفرص نجاحها»، توصلت اللجنة إلى إجماع للمضي قدما في استراتيجية للبيت الأبيض، من دون ذكر برنامج الأسلحة السري على وجه التحديد. وقال مسؤولو لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي إنهم قد وصلوا إلى موقف مماثل.

وقال قائد معارضة سوري في رسالة بريد إلكتروني عشية الاثنين إنه مع تحفظات الكونغرس التي تمت مخاطبتها على نطاق واسع، من المرجح أن يبدأ تدفق الأسلحة الأميركية إلى الثوار في غضون بضعة أسابيع. وقال المسؤول: «نعتقد أن شهر أغسطس (آب) هو التاريخ».

في المقابل، أعرب الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا، عن إحباطه من تصديق الكونغرس. وقال: «الأسلحة لا تصنع سلاما. سيروق لنا أن نرى منع وصول الأسلحة إلى كل الأطراف».

وكتب ديمبسي، أنه في حالة تلقيه أوامر من الرئيس، سيكون الجيش مستعدا لتنفيذ الخيارات التي تضم بذل جهود لتدريب صفوف المعارضة وتقديم الاستشارات لهم ودعمهم وشن غارات صاروخية محدودة وإنشاء منطقة حظر جوي وإنشاء مناطق عازلة، على الأرجح عبر الحدود مع تركيا أو الأردن، والسيطرة على مخزون الأسلحة الكيماوية للأسد. ورأى أن «من شأن كل هذه الخيارات أن تدعم الهدف العسكري المحدود الممثل في مد يد العون للمعارضة وإلقاء المزيد من الضغط على النظام». ولكنه أضاف: «بمجرد أن نتخذ إجراء، ينبغي أن نكون مستعدين لتبعاته. من الصعب تجنب التدخل بشكل أعمق».

وكتب ديمبسي أن اتخاذ قرار باستخدام القوة «لا يقل درجة عن عمل من أعمال الحرب»، محذرا من أنه «بإمكاننا تمكين المتطرفين أو كشف النقاب عن الأسلحة الكيماوية التي نسعى للسيطرة عليها».

لم يظهر أوباما أي رغبة في مشاركة عسكرية واسعة النطاق داخل سوريا، وفي حالة المشاركة.

وأشار مسؤولو البيت الأبيض إلى أن كارني لم يكن يعبر عن تحول سياسي أو تغيير في رسالة البيت الأبيض. لكن التأثير التراكمي للتعليقات الواردة على لسان القادة المدنيين والعسكريين واضح.

«إذا لم نغير شيئا، وإذا لم نغير لعبتنا، هل سيكون في السلطة بعد عام من الآن؟»، هذا هو السؤال الذي وجهته ليندسي غراهام لديمبسي الأسبوع الماضي، مشيرة إلى الأسد. فأجاب الجنرال: «أعتقد أنه من المرجح ذلك».

وفي خطابه، قام ديمبسي بتقييم مخاطر ومكاسب الخيارات العسكرية المختلفة. لكن كانت نبرة صوته تحذيرية، تشير إلى أن البنتاغون ينظر إلى كل هذه الخيارات بتخوف. وكتب أن تدريب وإرشاد ودعم قوات المعارضة قد يتطلب عددا يتراوح ما بين مئات إلى آلاف القوات وتقدر تكلفته بنحو 500 مليون دولار سنويا. وقد يتطلب هجوما لغارات جوية محدودة بعيدة المدى ضد أهداف من الجيش السوري مئات الطائرات والسفن الحربية، وربما تقدر تكلفته بمليارات الدولارات بمرور الوقت. ورأى أن فرض منطقة حظر جوي يتطلب إسقاط طائرات تابعة للنظام وتدمير مهابط الطائرات ومخابئ الطائرات. علاوة على ذلك، فإنه سيتطلب مئات الطائرات. وقد تصل التكلفة إلى مليار دولار شهريا. وأشار إلى «إن الأمر بإنشاء مناطق عازلة لحماية أجزاء من تركيا أو الأردن لتوفير ملاذ للثوار السوريين وقاعدة لتقديم مساعدات إنسانية يتطلب فرض منطقة حظر جوي محدودة ونشر آلاف من القوات البرية الأميركية».

وفي إطار وصف مهمة لمنع استخدام أو انتشار الأسلحة النووية، أشار ديمبسي إلى أن الجهود قد تتطلب فرض منطقة حظر جوي، إضافة إلى شن حملة ضخمة من الغارات الجوية والهجمات الصاروخية.

وقال: «ستكون هناك حاجة لآلاف من قوات العمليات الخاصة وغيرها من القوات البرية الأخرى لمهاجمة المواقع الحيوية وتأمينها، حسبما كتب، بتكاليف تربو على مليار دولار شهريا».

* ساهم مايكل غوردون وإريك شميت في كتابة التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»