الجيش الحر يتقدم نحو مدينتي إدلب وجسر الشغور

معارك عنيفة في مخيم اليرموك بدمشق .. ومكاسب ميدانية للأكراد في الشمال

مقاتل من الجيش الحر يركض حاملا سلاحه في حلب أمس (رويترز)
TT

بدأت كتائب «الجيش السوري الحر» أمس، معركة جديدة في مدينة إدلب للسيطرة على موقع معمل القرميد الذي يعتبر إحدى أكبر القواعد العسكرية للنظام في المدينة، بالتزامن مع اندلاع معارك عنيفة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق.

وقال القائد الميداني، حمزة حبوش من كتيبة «مجاهدي سلقين» التابعة للجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «مقاتلي المعارضة تمكنوا من السيطرة على 5 حواجز نظامية قرب معسكر معمل القرميد، لتبدأ بعدها عملية اقتحام المعمل الذي حوله النظام إلى ثكنة عسكرية». وأوضح أن «كتائب (الحر) التي شاركت في العملية ضمت حركة (أحرار الشام) ولواء (درع الثورة) وكتيبة (أحرار الحق) ولواء (درع الجبل)». وأكد أنه تم استخدام استراتيجية القصف التمهيدي قبل الاقتحام، متوقعا أن تستمر المعركة أياما إضافية بسبب اتساع مساحة المعسكر.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «الاشتباكات ما زالت مستمرة عند أسوار (معمل القرميد) في ريف إدلب، فيما سيطر مقاتلو المعارضة على كل الحواجز العسكرية المحيطة بالمعمل إثر اشتباكات استمرت عدة أيام». وبث ناشطون صورا تظهر ألسنة اللهب وهي تتصاعد من معمل القرميد إثر اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي والجيش الحر استمرت ساعات عدة. وبحسب حبوش، فإن «سيطرة الجيش الحر على هذا الموقع سيسهل الوصول إلى إدلب المدينة وتحريرها بشكل كامل، إضافة إلى أن السيطرة على المعسكر ستخفف من معاناة العديد من المناطق؛ حيث إن قذائف المدفعية التي يتم إطلاقها من المعسكر تطال مدن سراقب وأريحا وجسر الشغور ومعرة النعمان وتفتناز».

ويعتبر معسكر معمل القرميد بإدلب من أهم المعاقل العسكرية للنظام السوري؛ حيث يضم أكثر من 23 دبابة و14 راجمة صواريخ وسبعة مدافع ثقيلة إضافة إلى أسلحة فردية. ويتحصن في المعسكر نحو 500 عنصر من الجيش النظامي. وتقوم القوات النظامية الموجودة داخل معسكر القرميد منذ ما يزيد على عامين وبشكل شبه يومي بقصف تلك القرى والبلدات المناصرة للثورة بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، مما أدى، حسب ناشطين، إلى مقتل ما يزيد على ألف شخص وتدمير مئات المنازل، إضافة إلى حرمان أصحاب الأراضي الزراعية من الذهاب إلى مزارعهم لجني محاصيلهم.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أشار إلى اشتباكات أخرى حول حواجز عسكرية بريف مدينة جسر الشغور بإدلب؛ حيث تدور معركة أخرى أطلقت عليها المعارضة تسمية «معركة التوحيد والإخلاص» للسيطرة على كامل مدينة جسر الشغور ومحيطها.

ويأتي تقدم المعارضة السورية في ريف إدلب بالتزامن مع تقدمها أول من أمس في مدينة حلب؛ حيث تمكنت كتائب الجيش الحر من إجبار النظام على الانسحاب من قرية خان العسل الاستراتيجية في ريف حلب.

وأفاد ناشطون معارضون أن «الجيش الحر واصل معاركه في حلب، حيث شنت كتائبه هجوما على كتيبة الدفاع الجوي قرب بلدة خناصر في ريف المدينة الجنوبي وقتلت أكثر من 60 من القوات النظامية، كما قطع مقاتلو المعارضة الطريق بين مدينة السلمية بريف محافظة حماه الشرقي، ومعامل الدفاع قرب بلدة سفيرة بريف حلب الجنوبي. وأضاف المصدر أن «المعركة التي أطلق عليها معركة (رص الصفوف) في الريف الشرقي لا تقل أهمية عن تحرير خان العسل، وتهدف إلى قطع الشريان الذي يصل مطار حلب الدولي ومطار النيرب بمعامل الدفاع في السفيرة، ومنها إلى حماه». وأضاف أن «مقاتلين من الجيش الحر سيطروا على قريتي عبيدة والحجيرة قرب خناصر في ريف حلب الجنوبي».

في موازاة ذلك، شهدت العاصمة السورية دمشق، معارك شديدة بين الجيش الحر والقوات النظامية مدعومة بفصائل فلسطينية تحت إمرة أمين عام الجبهة الشعبية - القيادة العامة أحمد جبريل في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وذكر ناشطون معارضون أن «المعارك التي يشهدها مخيم اليرموك هي الأعنف منذ أشهر وقد تركزت قرب مستشفى فايز حلاوة وفي شارع فلسطين».. كما أفادت شبكة «شام» الإخبارية أن «مقاتلات النظام السوري شنت غارات على حي جوبر، بينما تعرضت أحياء برزة ومخيم اليرموك والقابون والتضامن لقصف بالمدفعية الثقيلة».

وفي دير الزور، استهدفت القوات النظامية جامع العثمان للمرة الثانية خلال عام ودمرت أجزاء منه. وذكرت مصادر أن «المدفعية النظامية المرابطة على جبل دير الزور قصفت الجامع في حي المطار القديم، ودمرت مئذنته التي أعيد بناؤها خلال الأشهر الماضية بعد قصفها عندما دخل الجيش النظامي إلى المدينة».

إلى ذلك، يواصل المقاتلون الأكراد تقدمهم في شمال سوريا حيث سيطروا على عدد من القرى بعد طرد مقاتلين جهاديين منها، في وقت تسود فيه حالة من انعدام الثقة بين العرب والأكراد في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة بين الطرفين.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «الاشتباكات مستمرة بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب (التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) ولواء جبهة الأكراد (التابع للجيش السوري الحر) من جهة، ومقاتلين من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» وكتائب أخرى مقاتلة من طرف آخر، في قرية اليابسة بمحيط مدينة تل أبيض وأطراف المدينة» في محافظة الرقة.

وكان المقاتلون الأكراد سيطروا على قرى كور حسو وعطوان وسارج وخربة علو إلى غرب تل أبيض. كما سيطروا على قرى كندار وسوسك وتل أخضر وتل فندر والكرحسات في المنطقة نفسها القريبة من بلدة كوباني ذات الغالبية الكردية. علما بأن معظم هذه القرى مختلطة بين عرب وأكراد.

في محافظة الحسكة، تستمر الاشتباكات لليوم السابع على التوالي في منطقة جل آغا بين مقاتلي وحدات «حماية الشعب» والمقاتلين الإسلاميين، بحسب المرصد الذي أشار إلى سيطرة المقاتلين الأكراد على كازية الشيخ ومزرعة كلمي اللتين كان يتمركز فيهما مقاتلون من «الدولة الإسلامية» في المنطقة. وقد حصدت حتى اليوم 70 قتيلا في صفوف الطرفين. وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى أن انتشار المعارك يترافق مع «اتساع الهوة بين السكان الأكراد والعرب في هذه المناطق». وقال: «المعركة تتحول من قتال بين (وحدات حماية الشعب) والجهاديين إلى صراع بين الأكراد والعرب».

ويتهم بعض أطراف المعارضة السورية شريحة من الأكراد لا سيما حزب الاتحاد بالتنسيق مع النظام. ولم تنجح المفاوضات بين الأطراف الكردية والائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية في ضم الأحزاب الكردية الأساسية إلى الائتلاف.