حزب الله قد يتخلى عن دور «ضابط الإيقاع» في علاقة الـ«يونيفيل» بأهالي الجنوب اللبناني

ناطقة باسم القوة الدولية: جنودنا يخدمون تحت علم الأمم المتحدة ولا يمثلون دولهم

TT

مع إدراج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية، سرعان ما توجهت الأنظار في لبنان إلى قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل). واستعاد المراقبون محطات سابقة عدة تعرض فيها عناصر «اليونيفيل» لاحتكاكات أو مواجهات مع المدنيين من أهالي الجنوب لطالما وضعها حزب الله في إطار «ردود فعل عفوية» على خلفية دخول عناصر من اليونيفيل إلى أحياء داخلية حينا أو ترجلهم من آلياتهم لالتقاط الصور داخل البلدات الجنوبية حينا آخر.

ولا ينكر محللون ومتابعون لمراحل اتخاذ القرار الأوروبي أن قوات «اليونيفيل» كانت حاضرة في أذهان الأوروبيين القلقين من انعكاسات سلبية لقرارهم على عناصرها في جنوب لبنان. ويستندون في ذلك إلى تمايز الموقف الفرنسي والبريطاني، وبعض الدول الأوروبية عن سواها، لناحية الإصرار على إدراج «الجناح العسكري» لحزب الله على لائحة الإرهاب وليس الحزب كله.

ويبدو السؤال عشية اتخاذ القرار الأوروبي مشروعا حول إمكانية أن يلجأ حزب الله أو مناصريه إلى إجراءات ضد عناصر «اليونيفيل»، تحديدا الأوروبيين منهم، علما بأن لأوروبا العدد الأكبر من القوى العسكرية في جنوب لبنان، وتحديدا إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.

الرد الأول من جانب «اليونيفيل» ورد على لسان الناطقة باسم قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان أنطونيت ميداي التي ردت على التخوف من انعكاس القرار الأوروبي على عمل قوات «اليونيفيل» بالتأكيد أن «جنود (اليونيفيل) الذين يأتون من 37 دولة، يخدمون تحت علم الأمم المتحدة، وهم لا يعملون بالنيابة عن دولهم». وشددت على أن «(اليونيفيل) تعمل وفقا للولاية المعطاة لها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وأن كافة عمليات (اليونيفيل) وأنشطتها تنفذ بشكل صارم وفقا لهذه الولاية المحددة». وجزمت المتحدثة باسم «اليونيفيل»، وفق ما نقلته عنها أمس الوكالة الوطنية للإعلام، وهي وكالة الأنباء الرسمية في لبنان، بأن «كافة جنود (اليونيفيل) هم تحت قيادة الأمم المتحدة، والتي يمارسها على الأرض رئيس بعثة (اليونيفيل) وقائدها العام والمعين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة». ولفتت في الوقت عينه إلى أن «الجيش اللبناني هو الشريك الاستراتيجي لـ(اليونيفيل)، وهذه الشراكة أسهمت في استقرار الوضع على الأرض، كما أن كل أنشطة «اليونيفيل» تتم عبر تعاون وتنسيق وثيق مع الجيش اللبناني».

في المقابل، يقول الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير لـ«الشرق الأوسط» إن ما تغير بعد صدور قرار الاتحاد الأوروبي هو أن «قوات (اليونيفيل) التي جاءت إلى الجنوب للتهدئة وبموافقة حزب الله وجدت طوال السنوات الماضية في بيئة غير معادية لها، لكنها باتت من الآن فصاعدا موجودة في بيئة على خلاف مع الدول التي أرسلتها».

وفي موازاة تأكيده أنه «لا مصلحة لحزب الله عمليا باستهداف قوات (اليونيفيل) وليس بالضرورة أن يقدم على عمل أمني ضدها»، ذكر قصير بأن «حزب الله خلال السنوات السبع الأخيرة كان هو من يعالج المشكلات التي تنشأ بين الأهالي و(اليونيفيل) عند حدوثها، بمعنى أنه كان ضابط الإيقاع». ويلمح إلى أن حزب الله قد يتخلى في الفترة المقبلة عن دوره هذا، مكررا الإشارة إلى أن البيئة الجنوبية لن تبقى مريحة لـ«اليونيفيل» إذا كانوا يعتبرون حزب الله إرهابيا.

ويبدو أن حزب الله الذي اعتبر في رده الأولي أن القرار «كتب بأيد أميركية وحبر صهيوني، في حين لم يكن مطلوبا من أوروبا سوى أن تمهر توقيعها بالموافقة»، لا يزال يدرس القرار بمفاعيله المستقبلية، علما بأنه سيكون لأمين عام حزب الله حسن نصر الله إطلالة مسائية اليوم خلال إفطار حزبي، ومن المتوقع أن تتضمن ردا مباشرا وقويا على القرار الأوروبي.

ويقول قصير في سياق متصل، إن حزب الله لا يزال يدرس القرار بتأن «لمعرفة تداعياته اللاحقة وكيفية التعاطي معه». ويشير إلى أنه «في الوقت الذي بدا فيه واضحا حرص الأوروبيين على التواصل السياسي مع حزب الله، لا يفصل الأخير بين الجانبين العسكري والسياسي، والسؤال اليوم: هل سيقرر حزب الله الإبقاء على تواصله مع الأوروبيين أم سيكون له رد آخر؟».

ويختم قصير بالتأكيد أنه «على المستوى الداخلي في حال كان هناك من سيستغل القرار الأوروبي للدفع باتجاه عدم مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة، فإن حزب الله سيجد في القرار الأوروبي حجة للإصرار على المشاركة أكثر في الحكومة والرد على محاولة عزله أوروبيا».