ترأس مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، مساء أول من أمس، اجتماعا موسعا بحضور 39 حزبا سياسيا تمثل أجزاء كردستان الأربعة (العراق وتركيا وإيران وسوريا) للتحضير لـ«المؤتمر القومي» الذي دعا إليه رئيس الإقليم والمقرر عقده بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل لتوحيد الخطاب السياسي الكردي.
وشارك في الاجتماع ممثلون عن أهم الأحزاب الفاعلة على الأرض ومنها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني وحركة التغيير والأحزاب الإسلامية في الإقليم، إضافة إلى حزب العمال الكردستاني الذي أوفد ثلاثة من أعضاء قيادته، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وحزب «بيجاك» (الجناح الإيراني لحزب العمال الكردستاني)، والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وغيرهما.
وتحدث بارزاني باسمه واسم كل من عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا، والرئيس طالباني الذي يعالج في ألمانيا، وقال: «يسعدني أن أستضيفكم اليوم في هذا الاجتماع التاريخي كبداية للتحضير الفعلي للمؤتمر القومي الكردي الذي نتداول به منذ سنوات طويلة. وأتذكر في سبعينات القرن الماضي كتبنا حول أهمية المؤتمر القومي، ولهذا يعتبر اليوم وبحق يوما تاريخيا». وقال بارزاني: «إن هدفنا الرئيس من عقد ذلك المؤتمر هو أن تتوصل كل الأطراف السياسية الكردستانية إلى خطاب واستراتيجية مشتركة مبنية على أساس إيصال رسالة السلام والتعايش إلى شعوب المنطقة، بأننا لا نعادي أي شعب أو دولة جارة أو دول المنطقة، بل نريد أن ننهي العداوة إلى الأبد ونتوصل إلى اتفاق كامل وحل سلمي وعادل للقضية الكردية، لأننا نعتقد أن الأمة الكردية وثروات وموارد كردستان باستطاعتها المساهمة بشكل كبير في تطور المنطقة ورفع المستوى المعيشي للشعوب». وتابع: «يود الكرد أن يكونوا عامل استقرار وعامل تقوية الديمقراطية في المنطقة، وكل هذه المهمات بحاجة إلى السلام وليس السلاح». وفي الختام «أناشد الجميع التحلي بروح المسؤولية تجاه هذا العمل المبارك وأن يبذلوا ما بوسعهم لتمتين الصفوف والمواقف المشتركة ويقدموا نموذجا حضاريا ومتقدما للعمل السياسي في المنطقة. وإنني لأرى مستقبلا زاهرا للشعب الكردي الذي يطمئنني أنه بوحدته ونضاله السلمي المستمر ينتظره غد مشرق».
في غضون ذلك، أنهت رئاسة إقليم كردستان تشكيل لجنة تحضيرية من 21 عضوا يمثلون مختلف القوى والأحزاب الكردية في أجزاء كردستان الأربعة مهمتها التحضير لعقد المؤتمر.
من جهته، بحث الدكتور برهم صالح، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، مع صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، تطورات الشأن السوري والوضع داخل المناطق الكردية. ونقل مصدر في قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» أن المحادثات كانت بناءة ومثمرة، تطرق خلالها الجانبان إلى الكثير من المسائل الآنية في المنطقة، وخصوصا أوضاع الكرد بالجانب السوري وتدفق الآلاف من المواطنين السوريين من حلب إلى المناطق الكردية وحاجتهم إلى الرعاية والمساعدة، إلى جانب بحث الأوضاع الأمنية وتهديدات القوى الإرهابية التابعة لجبهة النصرة وتنظيم القاعدة ضد الشعب الكردي. وشدد برهم صالح أثناء الاجتماع على أهمية «توحيد الموقف الكردي في مثل هذه الظروف الدولية والإقليمية لمواجهة تحديات المستقبل ولكي يتمكن الشعب الكردي في سائر أجزاء كردستان من أن يكون له موطئ قدم على صعيد الأحداث وانتزاع المزيد من حقوقه المشروعة في البلدان التي يوجد فيها وذلك عبر الممارسات والأساليب المدنية والحضارية».
من جانبه، أكد شيرزاد اليزيدي الناطق الرسمي باسم مجلس شعب غرب كردستان في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن هذا المؤتمر مهم جدا لوضع استراتيجية كردية موحدة للتعامل مع أحداث المنطقة المتسارعة، وخاصة أن الكرد أصبحوا اليوم عاملا مهما بتوازنات المنطقة، مما ينبغي أن نوحد صفوفهم لكي نتمكن من مواجهة التطورات. وأشار اليزيدي إلى أن «هناك أملا كبيرا بأن ينجح هذا المؤتمر لتحقيق هدف قومي طال انتظاره وهو توحيد الجهد والخطاب القومي الكردي». وكان الرئيس بارزاني قد أكد أثناء لقائه ممثلي الأحزاب من أرجاء كردستان، أنه يتحدث باسمه وباسم عبد الله أوجلان وجلال طالباني، وهذا تأكيد أن هناك توجها نحو توحيد الموقف، والتأسيس لمرجعية سياسية كردية، فلا يعقل أن يكون 40 مليون كردي يعيشون في هذه المنطقة وليس لهم خيمة جامعة يستظلون بها، أو مرجعية سياسية توحد قرارهم السياسي في الظروف الراهنة، بالنسبة لنا كشعب غرب كردستان نتطلع إلى إنجاح هذا المؤتمر وتحقيق هدفه بتأسيس تلك المرجعية لأننا نحتاج فعلا إلى العمق الاستراتيجي الذي يدعم نضالنا السلمي داخل سوريا، ويساعدنا على تثبيت أقدامنا للتعايش السلمي مع جميع المكونات الأخرى بالمناطق غرب كردستان.