بعد خمس سنوات من النضال: القانون «ينتصر» على العنف في لبنان

16 امرأة تقتل سنويا على أيدي أفراد من عائلتها

TT

أتى موت اللبنانية رلى يعقوب، التي يشتبه ناشطون بأنها قتلت على يد زوجها ليقوم بما لم تنجح به نساء لبنان والمجتمع المدني لأكثر من 5 سنوات، من خلال مطالبتهم بإقرار قانون حماية المرأة من العنف الأسري، لتقر اللجان النيابية أول من أمس بالإجماع قانون حماية المرأة بعد توسيعه ليشمل بقية أفراد العائلة.

ولا تزال عيون الساعيات إلى إقرار القانون شاخصة إلى مجلس النواب حتى يصبح القرار نافذا. فإقرار نواب اللجان المشتركة بالإجماع للمشروع لا يعني أن الموقف نفسه سيكون في الجلسة العامة. وقد أقر مشروع القانون الذي تم تعديله ليشمل كل أفراد الأسرة في اللجان النيابية المشتركة على وقع اعتصام نظمته الجمعيات النسائية خارج المجلس، في حين سجل نائب القوات اللبنانية إيلي كيروز تحفظه لأن المشروع تجاهل حق المرأة وتم توسيعه ليشمل كل الأفراد. وهو الأمر نفسه الذي سبق لـ«منظمة كفى عنفا واستغلالا» قد اعترضت عليه مطالبة بتخصيص النساء بالقانون منعا لنسف الفلسفة الحمائية لهن في المشروع، والتي تنطلق من أن الأطفال محميون بقانون الأحداث، والرجل يستند إلى المنظومة الاجتماعية والذكورية والتشريعية والدينية والسياسية أيضا. وهذا ما لفتت إليه رئيسة الجمعية زويا روحانا لـ«الشرق الأوسط»، معتبرة أن الخطوة وإن كانت ناقصة تشكل محطة مهمة في مهمة القضاء على ظاهرة العنف التي تتعرض له المرأة في لبنان، وذلك بعدما بات هناك قانون يمكن للمرأة أن تلجأ إليه. وفي حين رأت روحانا أن الحملة التي انطلقت ووقع عليها 60 نائبا لإضافة بعض التعديلات على القانون ستستمر، لفتت إلى أن المهمة تبقى في العمل على نشر الوعي وتغيير عقلية بعض المجتمعات اللبنانية.

وفي حين أكد المعتصمون أن حملتهم التي بدأت في عام 2008 لن تتوقف، مرحبين بإقرار اللجان النيابية لمشروع القانون الذي لاقى بدوره ترحيبا سياسيا واجتماعيا واسعا من مختلف الفئات الاجتماعية، كما امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي في لبنان بعبارات التهنئة رغم تحفظ البعض على الأمور، رأت المحامية ليلى عواضة أن إقرار المشروع محطة مهمة، معلنة أن التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري سيعمل على إقراره في الهيئة العامة للمجلس النيابي.

وبعد سنوات من النضال والانتظار في بلد يسجل فيه مقتل نحو 16 امرأة نتيجة العنف الأسري سنويا، كان صوت رلى يعقوب (31 عاما) والحملات التي قادتها الجمعيات النسائية تحت عناوين مختلفة منها «رلى ماتت لكن صوتها لم يمت» و«صمتكم - كن يقتلهن يوميا»، وقبل ذلك «حياتهن أهم من كراسيكم»، هي المحرك لضمير نواب لبنان بعدما وفاة رلى الأم لخمس فتيات أكبرهن في سن الـ12 عاما وأصغرهن تبلغ 8 أشهر من العمر، وسط تأكيد عائلة رلى والشهود ومعظمهم من جيرانها أن الضحية كانت تتعرض للضرب على يد زوجها منذ أكثر من 5 سنوات، وهو الأمر الذي يجعلهم مصرين على تشريح الجثة لتبيان حقيقة ومسببات الوفاة وتحديد المسؤولية.

وكانت المحامية بشرى خوري التي تتولى مع عدد من المحامين قضية رلى، أعلنت أن التحقيق يسير وفق الآليات المتبعة قانونا وبشكل جدي، لكن المشكلة هي في التقارير السابقة والضغوط التي مورست في بدايات التحقيق التي أوصلتنا إلى هنا. كاشفة عن أن «الملف الطبي غير كامل وثمة أوراق مختفية منه، وهناك تقارير لأطباء غير متخصصين وغير مدركين لما يكتبونه».

وتوجهت خوري برسالة إلى النواب في لبنان قائلة: «إنكم نوابنا لأننا انتخبناكم لتمثلونا ولكي تشرعوا القوانين التي تحمي المواطنين وعليهم اليوم أن يطلعوا على ما ينشر ويحدث من مظالم فكل يوم تقتل وتهان وتعذب الكثيرات وهم لاهون عن كل ذلك ويهتمون فقط بالتمديد لمدة نيابتهم».

وطالبتهم بالتوقف عن تشويه صورة لبنان الذي يقوم على الحريات وعلى العدالة الاجتماعية وعلى المساواة. وسألت: «أين المساواة في قانون العقوبات في المادتين 503 و545 اللتين تحلل للرجل أن يقتل زوجته أو ابنته أو شقيقته من أجل جريمة شرف؟»، مؤكدة أنه «لن يُسكَت حتى يقر قانون وقف العنف ضد المرأة».