باريس الحريصة على فك الارتباط في مالي تحض على تنظيم انتخابات سريعة فيها

مصدر دبلوماسي فرنسي: بقدر ما نخرج باكرا من هذه القضية يكون ذلك أفضل

مجسم لفرس نهري في باماكو يشارك في الحملة الانتخابية الحالية بطريقته الخاصة عبر وضع صور مرشحين على رأسه (رويترز)
TT

حضت فرنسا المستعجلة لفك الارتباط في مالي ونقل الراية إلى الأمم المتحدة، على إجراء انتخابات في هذا البلد اعتبارا من 28 يوليو (تموز) على الرغم من الصعوبات التي تواجه تنظيم عملية انتخابية وفق القواعد الديمقراطية في بلد يعاني من انعدام الاستقرار جراء الحرب.

وبتعابير لا تتسم بالكثير من الدبلوماسية، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند منذ أبريل (نيسان) الماضي في مالي أن باريس تريد انتخابات في يوليو، وقال «سنكون متمسكين بموقفنا».

وكذلك فعل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي رافق هولاند أثناء زيارته إلى مالي في مطلع فبراير (شباط) الماضي إثر الانتصار على المجموعات الجهادية بعد ثلاثة أسابيع على بداية التدخل العسكري الفرنسي، إذ عاد في أبريل ومايو (أيار) إلى باماكو للتأكد من عزم السلطات المالية على تنظيم العملية الانتخابية في الموعد المحدد.

وبالنسبة إلى باريس، تقول وكالة الصحافة الفرنسية، وبدرجة أقل إلى المجتمع الدولي (الأمم المتحدة وغرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي)، فإن الانتخابات في مالي مسألة تحتل الأولوية خصوصا بعد طرد المجموعات الإسلامية المسلحة التي كانت تحتل شمال البلاد.

فالمطلوب، من جهة، إعادة إضفاء طابع الشرعية على الدولة المالية بقيادة السلطات الانتقالية بعد الانقلاب العسكري في مارس (آذار) 2012. ومن جهة أخرى، لا يمكن إلا لحكومة شرعية أن تطلق عملية حوار ومصالحة بين المجموعات المالية في جنوب وشمال البلاد.

وباريس التي أشركت أكثر من أربعة آلاف عسكري في مالي في يناير (كانون الثاني) الماضي، وسمحت باستعادة السيطرة على الشمال، تعتبر أن مهمتها أنجزت.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي «بقدر ما نخرج باكرا من هذه القضية، بقدر ما يكون ذلك أفضل». وأضاف «اليوم لم تعد (هذه القضية) ملفا فرنسيا، فالكرة أصبحت في معلب الأمم المتحدة» التي نشرت في يوليو الجاري قوة لحفظ السلام سيبلغ عددها مستقبلا 12600 رجل.

لكن الضغوط لتنظيم الانتخابات لم تلق قبولا جيدا في كل الفترات.

فالمرشح للانتخابات الرئاسية تيبيلي درامي مهندس اتفاق السلام بين باماكو وحركة تمرد الطوارق في يونيو (حزيران)، سحب ترشيحه الأسبوع الماضي بحدة احتجاجا على عدم الإعداد للعملية الانتخابية وتنديدا بتدخل فرنسي.

وقال درامي «ألاحظ أن فابيوس أصبح مدير الانتخابات في مالي»، معربا عن الأسف لأن «بعض المسؤولين الفرنسيين يراكمون الأخطاء».

وردا على سؤال حول هذه الانتقادات، قال فابيوس «لا أود الدخول في السجال».

وقال «في يناير، كانت المجموعات الإرهابية على بعد بضع ساعات من تولي إدارة مالي. والتدخل الفرنسي هو الذي سمح بعد سبعة أشهر بإعادة فرض الأمن على القسم الأكبر من الأراضي وبإجراء انتخابات رئاسية في غضون بضعة أيام وجمع مبالغ مالية ضخمة من المجتمع الدولي لإعادة انطلاق مالي».

وتكرر باريس القول أيضا إن «الماليين هم الذين حددوا بأنفسهم موعد العملية الانتخابية». وأعلن جيل يابي من مجموعة الأزمات الدولية «صحيح أن عددا من الفاعلين الماليين يريدون هم أيضا انتخابات في أسرع وقت لوضع حد للعملية الانتقالية وعدم بقاء السلطات الانتقالية في السلطة».

وأضاف «لكن إرجاء (العملية) بضعة أسابيع قد يسمح بتحسين الأمور على المستوى التقني» في حين تكثفت التحذيرات من انتخابات لا تتسم بالصدقية.

أما الذين يرغبون في إرجاء الانتخابات فيشددون على الصعوبات لجهة توزيع البطاقات الانتخابية في بعض المناطق وعدم التحضير وخصوصا الفلتان الأمني الذي لا يزال سائدا في منطقة كيدال في أقصى شمال شرقي البلاد التي كان يحتلها المتمردون الطوارق والتي لم يعد إليها الجيش والإدارة الماليان إلا في بداية يوليو.

ولفت المصدر الدبلوماسي الفرنسي «لن تكون انتخابات من دون مشكلات. الجميع متفق حول هذا الأمر، وسنبقى قلقين حتى اللحظة الأخيرة». وأضاف «لكنها ستكون انتخابات مقبولة يشرف عليها الآلاف من المراقبين الدوليين».

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 18 يوليو الحالي أن نتائج الانتخابات «ستلقى الاحترام» حتى ولو كانت «غير كاملة».

وقال جيل يابي ساخرا «يتفق الجميع على القول إن هذه الانتخابات ستكون غير كاملة، على الأقل هناك تفاهم حول هذه المسألة». وأضاف «لكن بجدية أكبر يمكن أن نتساءل حول عملية انتخابية ذات مسار إلزامي عندما نعتزم التشديد على مبدأ تجديد الديمقراطية».