عملية سرفال في مالي حققت نجاحا عسكريا أكيدا لكنه انتصار ما زال ضعيفا

بسبب عدو سرعان ما يتوارى في الصحراء

TT

شكلت العملية العسكرية الفرنسية في مالي نجاحا عسكريا أكيدا أتاح خلال بضعة أسابيع وقف وصد الجيوب الجهادية، وأخيرا ملاحقتها في شمال شرقي البلاد بمؤازرة القوات الأفريقية، لكن هذا الانتصار يعتبر هزيلا أمام عدو سرعان ما يتوارى في الصحراء، حسبما قالت وكالة الصحافة الفرنسية.

* سرعة اتخاذ قرار التدخل اتخذ الرئيس فرنسوا هولاند قرار التدخل في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد دخول جهاديين إلى كونا (وسط) التي مهدت لهم الطريق إلى باماكو. وبعد مضي بضع ساعات، وصلت طلائع الوحدات الفرنسية المتمركزة في أفريقيا (تشاد وساحل العاج...) إلى باماكو لتأمين حماية الرعايا الفرنسيين.

وأقلعت طائرات رافال بعد قليل من سان - ديزييه (هوت مارن) وقصفت أرتال المجاهدين على بعد أربعة آلاف كلم، بعد خمس عمليات تزود بالوقود أثناء الطيران، أي ما اعتبره مقررا لجنة الإعلام في الجمعية الوطنية كريستوف غيوتو (الاتحاد من أجل حركة شعبية) وفيليب نوش (الحزب الاشتراكي) «أطول غارة في العالم».

وانتشرت طليعة الجنود الفرنسيين لدعم الجيش المالي. وفي ذروة العمليات في فبراير (شباط) الماضي، وصل عدد الفرقة الفرنسية إلى ذروته وبلغ 4500 جندي.

وأضاف النائبان أن «الاستعانة بدوائر قرار مصغرة كان حاسما»، مشيرين إلى «منافع عملية اتخاذ القرار الفرنسية في عهد الجمهورية الخامسة لدى إرسال قوات مسلحة إلى الخارج»، مع «هيمنة رئيس الجمهورية». وقد استفادت عملية سرفال أيضا من توافق سياسي واسع جدا في فرنسا.

وقال الجنرال غريغوار دو سان - كوانتان الذي قاد عملية سرفال في تصريح لصحيفة «جورنال دو ديمانش»: «نعرف جيدا أن من الصعوبة بمكان أن توزع على عدد من الأشخاص القرار السياسي بشن عملية عسكرية خصوصا في حالة طارئة ثم تتولى قيادتها».

وأضاف: «في المقابل، فإن من يتحلى بالشجاعة لأن يأخذها بأكملها على عاتقه، يجب أن يكون على ثقة من الحصول على الدعم التام من حلفائه وخصوصا على الصعيد اللوجيستي».

* سرعة العمليات العسكرية منذ الأيام الأولى، جرى وقف تقدم أرتال الجهاديين إلى الجنوب وقفا تاما. وسرعان ما تراجعت هذه الأرتال في خلال شهر. وسقطت معاقل الإسلاميين الواحد تلو الآخر جراء تقدم القوات الفرنسية بمؤازرة الجيش المالي وقوة الأمم المتحدة في مالي التي أصبحت تحت اسم «مينوسما».

ووقعت أعنف المعارك في سلسلة جبال ادرار في ايفوقاس في الشمال الشرقي حيث تلقت القوات الفرنسية مساعدة من القوات التشادية ولاحقت الجهاديين في معاقلهم، إلا أن الجنرال دو سان - كوانتان قال إن مالي «لم تنعم بالاستقرار التام» على رغم «دينامية النجاحات العسكرية المتكررة». وأضاف: «من الضروري أن نعترف لخصومنا بقدرتهم الفائقة على التلاشي في خضم هذا المحيط من الرمال الذي هو الصحراء».

لكنه قال إن «عملية سرفال أثبتت قدرة الجيش الفرنسي على أن يكون أول المتدخلين على مسرح العمليات بطريقة سريعة جدا وقوية، وهذا أمر يستطيع عدد قليل من الجنود القيام به في الواقع».

* خسائر محدودة في الجانب الفرنسي لقي ستة جنود فرنسيين مصرعهم منذ 11 يناير الماضي، وأحصي بالتالي مقتل ثمانية وثلاثين جنديا تشاديا أواخر مايو (أيار) الماضي، كما ذكر العسكريون التشاديون.

ومن جانب الجهاديين، تحدثت مصادر فرنسية عن مقتل «بضع مئات» أو نحو 600 مقاتل، وأحصي مقتل 63 جنديا ماليا أواخر مارس (آذار).

* على الصعيد اللوجيستي كشف النزاع في مالي ضعف قدرات التزود بالوقود في الجو لدى الجيش الفرنسي في عملية على بعد آلاف الكيلومترات. وأتاحت الولايات المتحدة وعدد كبير من البلدان الأوروبية (ألمانيا وإسبانيا...) التخفيف من فداحة هذه الثغرة.

وكتب كريستوف غيوتو وفيليب نوش «سواء كان الهدف منها حماية العناصر أو حماية التجهيزات، على المستوى الاستراتيجي كما على الصعيد التكتيكي، أكدت عملية سرفال النقص الذي نعاني منه».

وكشفت العمليات في مالي أيضا الحاجة الماسة للطائرات من دون طيار للمراقبة على ارتفاع متوسط والقدرة على الاحتمال، أي ستة إلى ثمانية آلاف كلم خلال 24 ساعة. وقررت فرنسا شراء عشر طائرات أميركية من دون طيار.

والتجهيزات الحديثة (طائرات رافال ومروحيات تيغر ومدافع سيزار) كان أداؤها ممتازا، لكن الأسلحة القديمة (مروحيات غازيل وبوما) كشفت عن وجود ثغرات، كما قال غيوتو ونوش.