السيسي يطلب تفويضا شعبيا لمواجهة «الإرهاب» ويبدي الاستعداد لإشراف دولي على الانتخابات

القوى الثورية المصرية ترحب والإخوان يعتبرونها دعوة للاقتتال.. والداخلية تنسق مع الجيش لـ«تأمين الجميع»

بقايا سيارة مفخخة انفجرت في سيناء أمس قبل بلوغ هدفها ما أسفر عن مقتل ركابها الثلاثة وفي الإطار الفريق أول عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)
TT

وجه الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري دعوة إلى مواطنيه بالنزول والاحتشاد في الميادين غدا (الجمعة) لـ«تفويضه في مواجهة العنف والإرهاب المحتمل»، متعهدا بتأمين هذه المظاهرات، في مواجهة أي أعمال عنف متوقعة من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، كما أكد أنه «لا تراجع عن خطة خارطة المستقبل للانتقال السياسي».

وبينما رحبت القوى المدنية والثورية بدعوة السيسي مناشدة أنصارها بالنزول غدا الجمعة من أجل مواجهة ما سمته «قوى الإرهاب»، اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين أن خطاب السيسي «كارثي يحمل تهديدا واضحا للسلم الاجتماعي ويهدد بحرب أهلية.. و(أن الخطاب) طلب تفويض بالقتل»، مؤكدة استمرارها في الاعتصام بالميادين لحين عودة مرسي مرة أخرى إلى الحكم، مجددة دعواتها لتنظيم مظاهرات «لإسقاط الانقلاب» تنطلق من العديد من المساجد عقب صلاة الجمعة المقبل.

لكن وزارة الداخلية قللت من المخاوف المثارة حول احتمالات نشوب حرب أهلية أو ما شابه.. وقال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي باسم الوزارة لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، اجتمع بقيادات الأمن أمس عقب خطاب السيسي، حيث تم وضع خطة أمنية محكمة وصارمة لتأمين كل التجمعات للمؤيدين والمعارضين، من خلال وجود كثيف لقوات الأمن المزودة بأحدث أنواع معدات فض الشغب وتفكيك أي قنابل قد يتم العثور عليها وإبطال مفعولها فورا»، مؤكدا أن «هناك تنسيقا تاما مع القوات المسلحة في هذا الشأن».

وعزل الجيش مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) بعد احتجاجات شارك فيها الملايين ضده، وأقر الجيش، بمشاركة الأزهر والكنيسة وعدد من القوى السياسية، من دون الإخوان المسلمين وأنصارها، خارطة طريق تقضي بتولي رئيس المحكمة الدستورية منصب رئيس البلاد مؤقتا، وإجراء تعديلات على الدستور الذي أقر في نهاية 2012، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية خلال بضعة شهور.

وتشهد البلاد منذ عزل مرسي موجة من أعمال العنف أسفرت عن وقوع مئات القتلى والجرحى. وقبيل خطاب السيسي بساعات وقع تفجير أمام قسم شرطة مدينة المنصورة (شمال القاهرة) أسفر عن سقوط قتيل وإصابة نحو 25 شخصا. كما أعلنت وزارة الصحة المصرية أن حصيلة الاشتباكات التي اندلعت بين مؤيدي ومعارضي مرسي والمستمرة منذ يوم الاثنين وحتى فجر أمس أسفرت عن مقتل 14 شخصا وإصابة 90 آخرين.

وبينما أمر النائب العام المستشار هشام بركات بفتح تحقيق عاجل وموسع في حادث المنصورة. قال الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء، إن «ما حدث في المنصورة ما هو إلا عمل إرهابي خسيس، ولن تتهاون الحكومة في مواجهة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار للمواطنين».

وخلال حفل تخرج طلاب كليتي البحرية والدفاع الجوي أمس قال السيسي: «لا بد من نزول كل المصريين.. ينزلوا عشان يدوني (يعطوني) تفويض وأمر إني أواجه الإرهاب والعنف المحتمل» وأضاف: «لكم الإرادة والقرار.. أن تظهروا حجمكم وصلابتكم في مواجهة ما يحدث».

وقال السيسي: «يوم الجمعة موعدنا، كل المصريين والجيش والشرطة سيؤمنون هذه التظاهرات في كل المحافظات وليس فقط القاهرة والإسكندرية».

وأضاف: «نحن مستعدون لإجراء انتخابات تحت إشراف دولي من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الفرانكفونية وسيشهد لها العالم أجمع وستكون انتخابات حاسمة».

وسرد السيسي بعض الوقائع التي سبقت إعلان خارطة الطريق، وقال إنه التقى الرئيس السابق لمدة ساعتين صبيحة اليوم الذي ألقى فيه خطابه قبل الأخير في قاعة المؤتمرات واقترح عليه الدعوة إلى المصالحة ووعده بأن يتضمن الخطاب ذلك، وفي المساء «فوجئت بخطاب آخر تماما وخناقة مع كل الناس». وقال إن اللقاء تضمن تلميحات متكررة من الرئيس بوجود جماعات مسلحة وقمت بالرد بأن هذا الأمر «يخرب الدنيا».

وتابع أنه قدم حلولا لإيجاد مخرج للأزمة وأن الناس «لم يفاجأوا بالدبابات في الشوارع.. كنت أطلع الرئيس على الواقع المصري حتى ينتبه ويتحرك قبل فوات الأوان وكان الرئيس يقرأ كل بياناتنا قبل إعلانها وأصدرنا بيانا قبل 30 يونيو (حزيران) بسبعة أيام وبيانا آخر حدد مهلة للاستجابة للأزمة خلال 48 ساعة».

وقال الفريق السيسي إنه لا يريد من أحد أن يعتقد أنه خدع الرئيس السابق.. وقال: «أنا كنت أقول له إن الجيش لكل المصريين وعلى مسافة واحدة من كل الفصائل وإنه تحت قيادته بحكم الشرعية التي أعطاها له الشعب.. لم أقل له أنا معك كما تريد أنت».

وأكد السيسي أن الجيش المصري يؤمر بإرادة وأوامر المصريين، ونفى ما وصفه بالمؤامرة التي تروج لأن جزءا من الجيش يهاجم الآخر. وقال: «الجيش المصري على قلب رجل واحد».

وفي أول رد فعل على الخطاب، دعت حملة «تمرد» جموع المصريين للاحتشاد في ميادين مصر غدا (الجمعة)، والمطالبة رسميا بمحاكمة مرسي ودعم القوات المسلحة في حربها القادمة ضد الإرهاب، وتطهير أرض مصر من عملاء الوطن»، وقالت في بيانها «سنحارب الإرهاب شعبا وجيشا».

كما دعا تكتل القوى الثورية، للمشاركة في مليونية «لا للإرهاب» لإعلان رفض دعوات العنف التي «أطلقتها جماعة الإخوان وأنصار مرسي»، على حد قولهم. كما ناشد جميع أبناء مصر بالخارج لتنظيم مسيرات أمام السفارات المصرية تندد بأعمال العنف والإرهاب.

وبينما قرر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر دعوة نقاباته العامة والاتحادات المحلية لوقفة جماهيرية لتفويض السيسي للقضاء على الإرهاب. أعلن خالد المصري المتحدث باسم حركة شباب 6 أبريل، أن جميع المصريين يدعمون القوات المسلحة في مواجهة أي قوى إجرامية، لكنه أضاف «حتى الآن لم تقرر الحركة المشاركة في فعاليات الجمعة القادم».

وأعرب التيار الشعبي المصري عن بالغ قلقه من التطورات المتلاحقة في الشارع. وقال في بيان له أمس «استمرار سقوط ضحايا ومصابين ينبئ بأن ما يجري أقرب ما يكون إلى إرهاب منظم لا علاقة له بالتعبير السلمي عن الرأي»، مطالبا بـ«مواجهة واضحة وحاسمة بالاحتشاد الشعبي والقانون».

في المقابل، استنكرت جماعة الإخوان المسلمين خطاب السيسي، ووصف أحمد عارف المتحدث الإعلامي باسمها، الخطاب بأنه «دكتاتوري كارثي يحمل تهديدا واضحا للسلم الاجتماعي، وتصديرا لشؤم الانقلاب العسكري إلى الشارع المصري، وطلب تفويض بالقتل». وقال عارف في تصريح له أمس إن «فقدان الشرعية يطارد قائد الانقلاب العسكري وينتهي به إلى تكريس قانون الفوضى الكاملة بعد الإطاحة بطريق الانتخابات والانضباط الديمقراطي».

وقال عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، في بيان له أمس إن «قائد الانقلاب الدموي لم يكتف بقتل الركع السجود ويدعو لحرب أهلية ويكذب على الناس عن الرئيس مرسي»، منوها إلى أن «هناك إرادة شعبية غالبة كاسحة في الميادين كل يوم تؤيد الشرعية التي لا حل إلا بالعودة إليها».

من جانبه، ناشد حزب مصر القوية المؤسسة العسكرية مراجعة دعوتها للاحتشاد حرصا على السلم الأهلي. وقال أحمد إمام المتحدث الإعلامي للحزب إن «الحزب تلقى بقلق شديد تصريحات السيسي في غياب كامل للقيادة السياسية الحالية.. مؤسسات القوة ليست بحاجة إلى الحصول على تفويض شعبي للقيام بدورها الذي هو بالأساس سبب قيام تلك المؤسسات وأن فكرة استدعاء الجماهير للمشهد يخرج تلك المؤسسة من حيادها». وأضاف «تلك الدعوة قد تؤدي لاقتتال أهلي في ضوء الحشد المضاد لمؤيدي الرئيس المعزول».

لكن المتحدث العسكري العقيد أحمد علي أكد أن دعوة السيسي هي «مبادرة لمواجهة العنف والإرهاب لما يشمله من تهديد ومخاطر على أمن المجتمع والإضرار بالأمن القومي المصري»، مشيرا في بيانه أمس إلى أنها «تتزامن وتتسق وتتكامل مع جهود الدولة للمصالحة الوطنية لتحقيق خارطة المستقبل».