سفيرة الاتحاد الأوروبي تزور حزب الله عشية صدور القرار بـ«إرهابيته» رسميا

الحزب يسخر من التمييز بين «العسكري» و«السياسي»: نحن جسم وقيادة واحدة

سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى زيارتها مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ ب)
TT

أعلن حزب الله، أمس، أن «الأوروبيين لا يريدون الوصول إلى لحظة تكون فيها خطوط الاتصالات مع حزب الله مقطوعة»، بالتزامن مع إعلان الاتحاد، رسميا، تعديل لائحته للمنظمات الإرهابية، بإضافة الجناح العسكري لحزب الله إلى قائمته للكيانات والأشخاص الضالعين في أعمال إرهابية، على أن يعلن، اليوم، عن الإجراءات القانونية في الجريدة الرسمية للاتحاد.

وأعلن الاتحاد موافقة المجلس على أن هذا القرار «لا يمنع استمرار الحوار مع جميع الأحزاب السياسية في لبنان كما لن يؤثر على تقديم المساعدة إلى لبنان». وأشار إلى أنه «عقب صدور القرار سيتم تجميد الأصول وتعزيز التعاون الأمني والقضائي بين الدول الأعضاء في التحقيقات ذات الصلة بالأشخاص والكيانات المضافة للقائمة».

وبموازاة الإعلان عن القرار في بروكسل، تحركت ممثلة الاتحاد الأوروبي في لبنان أنجيلينا إيخهورست، أمس، لتوضيح ملابسات القرار، خصوصا بعد إعلان الأمين العام لحزب الله، مساء أول من أمس، أن الحزب لم يعرف الأسباب الحقيقية وراء اتخاذ القرار. وبعد لقائها وفدا من حزب الله ترأسه مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي، أكدت أن «قرار الاتحاد الأوروبي تصنيف الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب لا يبرر أي تحرك أو أي هجوم لأي دولة أو حتى لإسرائيل ضد لبنان».

وجاء هذا الرد بعد أقل من 24 ساعة على إعلان أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أن الاتحاد الأوروبي، شرع أي عملية عسكرية مستقبلية لإسرائيل على لبنان، ويمنحها الغطاء الأوروبي، بذريعة أنها حرب على الإرهاب. وأوضحت إيخهورست بعد لقائها الموسوي، قائلة «إننا تحدثنا عن تداعيات القرار وأسبابه»، مؤكدة أن «سبب القرار هو الهجوم الذي حصل على الأراضي الأوروبية في بلغاريا»، مشيرة إلى أن «الاتحاد يدين أي هجوم على أرضه». وأشارت إلى أن «هذا القرار وراءه رسالة سياسية للجناح العسكري لحزب الله»، موضحة أن «الاجتماع كان جيدا وطويلا، والموسوي أعرب عن رأي حزبه». وأكدت أن «هذا القرار لا يلغي تعاوننا مع لبنان ومساعدات الاتحاد الأوروبي له لكونه شريكا بالنسبة إلى الاتحاد، ونحن ملتزمون بهذه الشراكة».

وتحركت إيخهورست، غداة أول تصريح لنصر الله منذ صدور قرار الاتحاد الأوروبي، اعتبر فيه أن القرار «يجعله شريكا كاملا في المسؤولية» عن أي عدوان إسرائيلي على لبنان. ووصف نصر الله القرار بـ«التافه» و«غير السيادي»، مؤكدا أنه لن يحصد إلا الفشل. كما سخر من التمييز بين «الجناح العسكري» لحزب الله، و«الجناح غير العسكري»، واصفا التفريق بينهما بأنه «بدعة». وقال إن القرار الذي اتخذته الدول الأوروبية «أمر خطير، ويسيء إلى المقاومين ولبنان والحكومة اللبنانية»، كما دعا الأوروبيين إلى «العودة عن الخطأ».

وكرر عمار الموسوي، بعد لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، أمس، ما قاله نصر الله، أن القرار «هو إهانة للشعب اللبناني وللكثير من الدول العربية بالقول لهؤلاء إن مقاومتكم التي حررت أرضكم هي إرهابية». وأعلن الموسوي «أننا أبلغنا إيخهورست الرفض الكامل لهذا القرار وأننا نراه رضوخا للإملاءات والشروط الأميركية والإسرائيلية». وشدد على أن هذا القرار أساء إلى لبنان وإلى العلاقات اللبنانية - الأوروبية ولا يخدم الأوروبيين بشيء. وأكد أنه «ستكون للقرار تداعيات ولن يمر مرور الكرام، فلا يستطيع أحد أن يدينني بيد ثم يمد اليد الأخرى للمصافحة»، معتبرا أن ما يمنع إسرائيل من القيام بأي مغامرة ضد لبنان ليس وجود هذه التصنيفات أو عدمها. وردا على سؤال، قال الموسوي إن «الأوروبيين لا يريدون الوصول إلى لحظة تكون فيها خطوط الاتصالات مع حزب الله مقطوعة»، مشيرا إلى أن إيخهورست «أبدت حرصها على استمرار التعاون».

وشدد الموسوي على أن «الفصل بين جناحين عسكري وسياسي لحزب الله، هو تصنيف يخص الأوروبيين، وربما اخترعه البعض لأنه يلبي حسابات تخصه، وإلا فالجميع يعرف أن حزب الله جسد واحد وله قيادة موحدة، فالعسكري فيه والسياسي موحد».

ويطرح سعي الاتحاد الأوروبي إلى التواصل المستمر مع حزب الله، أسئلة عن فعالية القرار المتخذ ومدى تطبيقه، وسط معلومات نقلتها قناة «الجديد» عن أن القرار سيتوجه إلى أشخاص محددين في حزب الله. لكن الفصل بين الجناحين، يشبهه سفير لبنان السابق في واشنطن، عبد الله بوحبيب، بالقرار الدولي رقم «242» الذي كتبه البريطانيون أيضا، و«يتيح للإسرائيليين وللعرب ترجمته بحسب ما ينظرون للقضية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الاتحاد الأوروبي، هو «حمال وجوه، يتيح لكل دولة أوروبية أن تتعاطى مع القرار وفق مصلحتها».

ويرى بوحبيب، الذي يشغل منصب رئيس مركز «عصام فارس» للشؤون اللبنانية، أن «القرار الأوروبي ليس واضحا، ويمتاز بازدواجية المعايير، إذ يدين حزب الله من جهة، ويترك الباب مفتوحا من جهة أخرى للحوار والتواصل معه». ويعرب عن اعتقاده أن «القسم الأكبر من دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء بريطانيا وفرنسا، سيعيد علاقاته مع حزب الله إلى طبيعتها بعد القرار». ويوضح أن القرار يلزم دول الاتحاد الأوروبي بقطع علاقاتها مع الجناح العسكري في حزب الله، وغير ملزم في الوقت نفسه لها بمقاطعة الجناح السياسي في الحزب. ويضيف: «هذا يعني، أن القرار غير ملزم بمقاطعة حزب الله، لمن يرغب في ذلك».

ودفعت تطمينات الاتحاد الأوروبي للمسؤولين اللبنانيين عن حصر تداعيات القرار بالجناح العسكري لحزب الله، وعدم تأثر لبنان به، إلى الاعتقاد بأن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يعدل عن قراره. لكن بوحبيب يؤكد أن تراجع الاتحاد الأوروبي عن القرار، يتحقق «إذا اتبع حزب الله الخيار الدبلوماسي في التعاطي مع الأزمة»، مشيرا إلى أن التراجع «مستبعد لأن حزب الله يتعاطى مع الموضوع بغطرسة».