مصادر رسمية أوروبية: لا مصلحة لحزب الله في التسبب بانسحاب اليونيفيل

قالت إن القرار اتخذ بعد دراسة معمقة لما قد يترتب عليه من نتائج

TT

بعد أربعة أيام على قرار الاتحاد الأوروبي وضع الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب الخاصة به، لا يبدو أن العواصم المعنية أكثر من غيرها بالوضع في الشرق الأوسط قلقة «أكثر من اللازم» لجهة تداعيات القرار الجديد على أمنها الداخلي أو أمن مصالحها، خصوصا تلك التي لها وحدات مشاركة في قوة اليونيفيل في جنوب لبنان، عرين الحزب وموطن ما يسميه «جمهوره». وواضح وفق أكثر من مصدر تحدثت إليه «الشرق الأوسط» أن إقدام الاتحاد على خطوة حساسة «لم يؤخذ اعتباطيا بل أخضع لدراسة معمقة لجهة النتائج المترتبة عليه ولردود حزب الله الممكنة».

ويشارك العديد من الدول الأوروبية في اليونيفيل (15 دولة)، بيد أن خمسة منها تشارك بقوات أرضية ذات معنى، وهي فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، تليها بولندا وآيرلندا. وتشارك بريطانيا، مبدئيا بقوة بحرية - جوية للرقابة وبلغاريا بوحدة طبية، فيما تضع قبرص قواعدها بتصرف القوة الدولية. ويقدم الأوروبيون ثلث القوة الدولية.

وتفيد أرقام منظمة الأمم المتحدة أن عدد اليونيفيل بتاريخ 31 مايو (أيار) 2013 كان 11800 عسكري يضاف إليهم 981 مدنيا. ومنذ بداية انتشارها، خسرت اليونيفيل في لبنان 281 عسكريا في أحداث مختلفة.

وتعتبر المصادر الأوروبية أن حزب الله «ليست له مصلحة» اليوم في التعرض لليونيفيل «خصوصا في الوقت الذي تشارك فيه قواته في الحرب في سوريا إلى جانب قوات النظام».

وتضيف هذه المصادر أن اليونيفيل «تحمي اليوم عمليا ظهر الحزب». ومن جهة أخرى، ترى المصادر نفسها أن الطرفين المعنيين بالدرجة الأولى ببقاء القوة الدولية في المنطقة الممتدة من الليطاني إلى الخط الأزرق، أي حزب الله وإسرائيل، «ليست لديهما بتاتا دوافع للتسبب اليوم في انسحاب القوة الدولية». ولهذه الأسباب، فإن الأجهزة الأوروبية الاستعلامية والدوائر السياسية «لا تتوقع عمليات عدائية تستهدف الوحدات الدولية» المنتشرة بقوة في الجنوب منذ عام 2006، أي بعد حرب إسرائيل وحزب الله التي دامت في صيف العام المذكور 33 يوما.

وترى المصادر المشار إليها أن الصيغة التي تبناها الوزراء الأوروبيون في اجتماعهم يوم الاثنين الماضي في بروكسل «مخففة»، ما يبين حرصهم على تلافي القطيعة، علما بأن الأطراف الأكثر تشددا كانت تدفع نحو اعتبار حزب الله ككيان واحد موحد بكليته منظمة إرهابية.

وتحرص المصادر الأوروبية على اعتبار أن الوحدات الأوروبية المشاركة في اليونيفيل إنما هي موجودة في جنوب لبنان بناء على قرار من مجلس الأمن الدولي (القرار 1701) وهي قوة سلام و«لا تأتمر إلا بأوامر الأمم المتحدة»، وبالتالي أن تكون أوروبية أو غير أوروبية فإن ذلك «لا يغير من طبيعة المهمة شيئا». وخلصت مصادر دفاعية فرنسية عالية المستوى إلى القول إنها «لا تتوقع نتائج سلبية على أمن ومهمة» القوة الدولية في الوقت الحاضر بعد القرار الأوروبي.

بيد أن هذه المصادر، رغم تعدد الاعتبارات «المطمئنة»، فإنها تعترف بوجود «تساؤلات» تتطارحها العواصم المعنية بشأن أمن وسلامة القوة الدولية خصوصا أنها كانت في الماضي عرضة لـ«مضايقات» من قبل الأهالي في جنوب لبنان. وثمة إجماع على أن أي أعمال عدائية تستهدف اليونيفيل في قابل الأيام ستكون رسالة «بالواسطة» من حزب الله. ولذا، فإن النقطة الأساسية في التدابير المطلوبة من اليونيفيل هي «توخي الحيطة والحذر».

وفي أي حال، تؤكد المصادر الأوروبية أن العامل الذي رجح حجة الأطراف الدافعة إلى اتخاذ القرار الأخير لم يكن الضغوط الأميركية - الإسرائيلية العلنية على العواصم الأوروبية التي لا تنفيها أي جهة، بل انخراط ميليشيا حزب الله «بهذا الشكل المفضوح في المعارك إلى جانب النظام السوري». ولذا، فإن الأطراف الأوروبية تدعو إلى اعتبار القرار بمثابة «رسالة» إلى قيادة الحزب «ليس فقط لإفهامها أن ارتكاب أعمال إرهابية على التراب الأوروبي (في إشارة إلى الاعتداء الذي استهدف سياحا إسرائيليين الصيف الماضي في بلغاريا) ليس أمرا مقبولا، بل إن دورها في الحرب الدائرة في سوريا لا يمكن تقبله».

يبقى أن الاتحاد الأوروبي بالغ القلق على الاستقرار ليس فقط في الجنوب، بل في كل لبنان. وترى المصادر الأوروبية أن الوضع اللبناني يقترب من «الخطوط الحمراء» التي، إذا ما تم اجتيازها، فإنها ستغرق لبنان في أزمة دامية سيكون من الصعب بعدها وقف استفحالها.