قيادات بالأزهر والإفتاء المصرية تستنكر تحريض مرشد الإخوان

قالوا إن بديع استخدم أحاديث نبوية في غير موضعها للتحريض على العنف

TT

استنكر ثلاثة من كبار قيادات الأزهر ودار الإفتاء بمصر أمس رسالة مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع التي قال فيها إن ما فعله وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبد الفتاح السيسي بالبلاد، (أي الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي)، «يفوق جرما ما لو كان قد حمل معولا وهدم به الكعبة المشرفة حجرا حجرا».

ويختبئ المرشد بديع في مكان ما في القاهرة، ومطلوب القبض عليه من السلطات المصرية حاليا في تهم عديدة من بينها التحريض على القتل وعلى العنف وعلى الإرهاب.

وظهر بديع علانية للمرة الأخيرة مطلع هذا الشهر أثناء قيامه بإلقاء كلمة أمام معتصمي ميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة) المؤيدين للرئيس المعزول، دعاهم فيها للتضحية بأنفسهم لحين عودة الرئيس المعزول، وأسفرت دعوته عن مقتل العشرات أمام دار الحرس الجمهوري بحي مصر الجديدة، والذي يعتقد مؤيدو المعزول أنه محتجز فيها من قبل الجيش.

ووافق اثنان من مستشاري الأزهر على التعليق على رسالة المرشد بشرط عدم ذكر اسميهما بسبب حساسية الموضوع في وقت حرج تمر به البلاد. وتجدر الإشارة أن لشيخ الأزهر مستشارين غير مصريين أيضا لطبيعة تكوين مؤسسة الأزهر كمؤسسة عالمية. وقال هذان المستشاران لـ«الشرق الأوسط» (أحدهما مصري والثاني عربي) إن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، شعر باستياء شديد مما تضمنته رسالة بديع أمس. بينما قال مستشار لمفتي مصر الموجود في زيارة عمل خارج البلاد، إن رسالة بديع تعكس حالة من اليأس والتخبط الذي تعيشه جماعة الإخوان داخل مصر وخارجها.

ومن جانبه قال مسؤول آخر في مشيخة الأزهر إن «الأزهر يعفه في مثل هذه الظروف أن يرد على مثل هذه الأحاديث التي لا تريد الخير للبلاد». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: «الأزهر يرفض استخدام الدين في أمور السياسة»، مؤكدا أن موقفه واحد من رفض إراقة الدماء ودعمه لاستمرار المصالحة الوطنية ويدعو الجميع لضبط النفس.

وقال علماء أزهريون إن «مرشد الإخوان قصد توجيه رسالة تحريضية لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ضد الفريق أول السيسي مفادها أنه السبب في القتل والدماء التي تسيل في الشوارع لعزله مرسي»، مؤكدين «هو إسقاط لم يوفق فيه مرشد الإخوان».

وأضاف الشيخ رسمي عجلان، عضو الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، أن مرشد الإخوان عمل إسقاطا للحديث الشريف، لكن الحديث لم يأت بهذا الشكل، فالرسول يقول «إن قتل امرئ مسلم أو إهدار دم امرئ مسلم يساوي عند الله هدم الكعبة حجرا حجرا». وتساءل: «هل الفريق أول السيسي الآن هو الذي قتل من قتلوا في الشوارع؟ أم الذي قتل من قام بالبلطجة؟»، لافتا إلى أن الأيدي التي تقتل هي من تحمل هذا العبء (في إشارة لأنصار الرئيس المعزول) وليس الفريق أول السيسي.

وقال عجلان لـ«الشرق الأوسط»: «قول مرشد الإخوان إن السبب في إزهاق الأرواح في الشوارع هو الفريق أول السيسي لعزله مرسي.. هو إسقاط غير موفق فيه، والمرشد قصد توجيه رسالة تحريضية لأنصار الرئيس المعزول ضد وزير الدفاع للتظاهر ضده يوم الجمعة».

وأضاف الشيخ عجلان مخاطبا مرشد الإخوان: «أنت معارض وسلمي.. وتقسم أنك على السلمية دائما وأبدا، فلماذا تحرض على القتل؟ فالمحرض على القتل كالقاتل». وتابع أن «قول الإخوان بالتحريض؛ أنه إذا لم يرجع الرئيس السابق فسوف تستمر هذه التدميرات، مساومة أو مفاوضة دموية وليست سلمية، لأن من أراد المفاوضة السلمية يجلس للحوار والمصالحة».

وعلق الدكتور سالم عبد الجليل، المستشار الديني للقوات المسلحة المصرية، على رسالة مرشد الإخوان بقوله إن «الإنسان الجريح المكلوم، إنما يقول كلاما، ربما تكون فيه بعض المبالغات». وأضاف عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدت دائما أن الإنسان الجريح المكلوم، لا يُعلق على كلامه، ودائما يقول كلاما، ربما تكون فيه بعض المبالغات.. فلا يؤخذ به»، مضيفا أن «القرآن الكريم لم يعامل سيدنا موسي وقت الغضب لما ألقى الألواح من يديه على الأرض.. فالإنسان في وقت غضبه وفي وقت جرحه لا يؤاخذ على كل كلامه».

على صعيد متصل أصدر الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمقيم في قطر، بيانا بأن دعوة السيسي للمصريين بالتظاهر اليوم (الجمعة) تؤدي إلى حرب أهلية في مصر بعدما استطاع المتظاهرون (في إشارة لمؤيدي مرسي) أن يصمدوا على سلميتهم أمام القتل والإرهاب والتخويف (في إشارة للجيش والشرطة) طوال ما يقرب من شهر. وجاءت رسالة بديع وفتوى القرضاوي القيادي في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، بعد دعوة الفريق أول السيسي للمصريين للاحتشاد في الميادين لتفويضه بالتصدي للإرهاب ومواجهة عنف الإسلاميين الذين ينتمي إليهم الرئيس المعزول.

وكتب بديع في رسالته أمس: «أقسم بالله غير حانث أن ما فعله السيسي في مصر يفوق جرما ما لو كان قد حمل معولا وهدم به الكعبة المشرفة حجرا حجرا».. ودعا المرشد، أعضاء الجماعة وأنصارها، إلى تظاهرات سلمية لرفض (الانقلاب العسكري) في إشارة إلى عزل مرسي عن السلطة في 3 يوليو (تموز) الحالي».