اغتيال النائب التونسي المعارض محمد البراهمي يزيد من حالة الغليان في تونس

11 رصاصة أصابت جسده بينما كان رفقة عائلته

تونسيون خلال تشييع السياسي المعارض محمد البراهمي الذي اغتيل بالرصاص أمام منزله في تونس أمس (رويترز)
TT

اغتيل محمد البراهمي النائب في المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي، ومنسق التيار الشعبي (حزب منشق عن حركة الشعب ذات التوجه القومي) المعارض، صباح أمس أمام منزله الكائن في حي الغزالة بولاية (محافظة) أريانة القريبة من تونس العاصمة. وكان البراهمي أثناء تعرضه للاغتيال رفقة أفراد من عائلته. وحسب معلومات أمنية أولية فإن البراهمي، النائب عن منطقة سيدي بوزيد التي عرفت انطلاق الثورة التونسية، أصيب بـ11 رصاصة.

وقال شهود عيان إن مجهولين كانوا على متن سيارة قضوا وقتا طويلا في مراقبته، وانتظروا لحظة خروجه من بيته رفقة عائلته وأطلقوا عليه 11 رصاصة منها رصاصتان على مستوى الجزء الفوقي من الجسد.

وأشار الشهود ذاتهم إلى أن أحد جيران الراحل تفطن لعملية الاغتيال وتولى إبلاغ الأمن.

ولم يفارق البراهمي الحياة في مكان إصابته إذ جرى نقله على جناح السرعة إلى المستشفى الجامعي «عبد الرحمن مامي» القريب من حي الغزالة، بيد أن الإسعافات لم تكن مجدية، وفارق البراهمي الحياة في حدود الساعة الواحدة من زوال يوم أمس. وعقب الاغتيال لم تعلن أي جهة سياسية أو تنظيم مسؤوليتها عن الحادث.

ونقلت جثة البراهمي في حدود الساعة الثانية بعد الزوال إلى المستشفى الجامعي في منطقة شارل نيكول في العاصمة. وبعد ساعات قليلة من انتشار خبر الاغتيال خرجت مسيرات منددة بالعملية، في منطقة سيدي بوزيد، ومدينتي قفصة (جنوب غربي تونس) والقيروان.

ودعت الكثير من القيادات السياسية إلى الحداد لمدة ثلاثة أيام. وقرر مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) في مؤتمر صحافي عقده أمس اعتبار يوم أمس «يوم حداد وطني». وقال محمد الحامدي، منسق التحالف الديمقراطي المعارض في تصريحات إن عملية الاغتيال تستهدف كل الأطراف السياسية، وهي على حد تعبيره جرت في إطار غرفة عمليات لا نعرف من يديرها. وقال: إن الائتلاف الثلاثي الحاكم والمعارضة التونسية آخر من سيستفيد من عملية اغتيال البراهمي. وذكرت ابنة البراهمي لإذاعة «موزاييك» الخاصة أنها شاهدت شخصين على متن دراجة نارية من نوع «فيسبا».

وقال إياد الدهماني، النائب عن الحزب الجمهوري لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الاغتيال «فاجعة كبيرة للغاية لا يمكن للعقل أن يقبلها». وأضاف «فقدت صديقا عزيزا» لا يمكن تعويضه. وأشار الدهماني إلى أنه كان يفكر في الاستقالة قبل هذا الاغتيال وأن أصبح الأمر الآن لا رجعة فيه، على حد تعبيره.

وقالت مصادر برلمانية إن وزير الداخلية لطفي بن جدو لم يكن على علم بخبر اغتيال البراهمي وأصيب بالذهول عندما علم به وهو يتابع الاحتفالات بعيد الجمهورية في المجلس التأسيسي. وقال: «سأتحول إلى الوزارة وأبحث في الموضوع». وانخرط أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) في البكاء، ووصل البعض منهم إلى حد العويل بعد سماعهم خبر اغتيال زميلهم البراهمي.

وأكدت وزارة الداخلية التونسية أمس خبر اغتيال البراهمي، وقال المحامي مبروك كورشيد، رفيق البراهمي في العمل السياسي لـ«الشرق الأوسط» إن من اغتال البراهمي ينفذ مخططا خطيرا لإعادة الثورة إلى نقطة الصفر. وقال: إن الخطر الأساسي الذي يهدد البلاد هو أن «الدم أصبح جزءا من العمل السياسي».

وعبر البراهمي في أكثر من مناسبة عن إدانته للعنف واتهم قيادات حركة النهضة بالتعبير عن النزوع العدواني والمرضي تجاه المعارضة والشعب، وأدان رفض حركة النهضة المصادقة على الميثاق الوطني لمناهضة العنف والإرهاب. وعبر في أحد بيانات التيار الشعبي عن انتقاد ما سماها «مخططات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين» المسربة أخيرا عن مؤتمرهم الطارئ المنعقد في تركيا، وقال: إنها تتضمن «تآمرا صريحا لضرب الوحدة الوطنية في جميع الأقطار العربية بما يخدم المخطط الاستعماري والصهيوني في المنطقة»، كما أعرب عن مساندة مطلقة للثورة الثانية المصرية التي أطاحت بنظام محمد مرسي، وحيى الدور الوطني للجيش المصري.

كما ساند البراهمي دعوة تحالف الجبهة الشعبية، الذي يقوده حمة الهمامي، إلى عقد مؤتمر وطني للإنقاذ يحدد خارطة مستقبل لإدارة المرحلة الحالية في تونس، واتخاذ إجراءات حاسمة من شأنها أن تخرج البلاد من الأزمة الراهنة.

وشغل البراهمي سابقا الأمانة العامة لحركة الشعب، قبل أن يؤسس حزب التيار الشعبي بعد خلاف مع قيادات حزبه حول الانضمام إلى تحالف الجبهة الشعبية المنادية بحل المجلس التأسيسي (البرلمان)، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لإدارة البلاد. كما أنه حتى اغتياله أمس كان المتحدث باسم تيار القوميين الناصريين في تونس.

وكان شكري بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (حزب يساري)، القيادي في الجبهة الشعبية المعارضة، تعرض كذلك للاغتيال في السادس من فبراير (شباط) الماضي أمام منزله رميا بالرصاص من قبل مجموعة متطرفة، ولم يقع القبض على الفاعل الحقيقي حتى الساعة.

وتأتي عملية الاغتيال بعد يوم واحد من إعلان نور الدين البحيري، المنسق العام للحكومة أنه جرى الكشف عن منفذي ومدبري عملية اغتيال بلعيد، مضيفا أن وزير الداخلية بن جدو (مستقل) «سيعلن قريبا عن التفاصيل». وهذه أول مرة يعلن فيها مسؤول حكومي رفيع المستوى الكشف عن مدبري عملية الاغتيال التي نفذت في السادس من فبراير الماضي.