80 قتيلا في كارثة قطار إسبانيا.. ووضع السائق رهن التحقيق

تسجيل لقائد الرحلة إلى المراقبة: نحن بشر.. وآمل أن لا يكون هناك قتلى حتى لا يؤنبني ضميري

صور التقطتها كاميرا المراقبة تظهر حادث القطار حسب الترتيب الزمني (البدء بأعلى اليسار باتجاه عقارب الساعة) في سانتياغو دي كومبوستيلا مساء أمس (أ.ب)
TT

وضعت الشرطة الإسبانية سائق قطار رهن التحقيق أمس بعد مقتل 80 شخصا على الأقل عندما اجتاز القطار منحنى حادا بسرعة كبيرة وخرج عن السكة الحديد بالقرب من مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا، في واحدة من أسوأ كوارث القطارات في أوروبا.

وأظهرت لقطات فيديو التقطتها كاميرا أجهزة الأمن القطار وهو يتجه بسرعة صوب جدار على جانب القضبان حين خرج عن مساره لدى وصوله إلى منحنى مساء أول من أمس. وقالت متحدثة باسم المحكمة العليا في غاليثيا إن الشرطة وضعت سائق القطار رهن تحقيق رسمي، دون أن تذكر اسمه. وقالت حكومة إقليم غاليثيا إن للقطار سائقين وإن أحدهما في المستشفى لكن لم يعرف على الفور من منهما يجري التحقيق معه.

وروى الكثير من الشهود المصدومون أنهم سمعوا صوت انفجار عنيف في حين عزت كل الصحف الإسبانية ذلك إلى سرعة القطار الزائدة. وأفادت صحيفة «الباييس» عن سائق القطار: «كنت أسير بسرعة 190 كلم في الساعة» عندما وصل إلى المنعطف الذي وقع فيه الحادث، في اتصال بالراديو. ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من التحقيق أن السائق أخذ يردد لمحطة القطارات: «نحن بشر. نحن بشر. آمل أن لا يكون هناك قتلى لأن هذا سيؤنب ضميري».

وقالت ماريا تيريسا راموس البالغة من العمر 62 عاما والمقيمة على مسافة أمتار من موقع الحادث: «كنت في منزلي وسمعت ما يشبه دوي الرعد، صوت قوي جدا، ورأيت دخانا كثيفا». وتابعت المرأة وهي جالسة في حديقتها من حيث تراقب رافعة عملاقة تستعد لحمل العربات المنقلبة والمحطمة: «إنها كارثة. الناس كانوا يصرخون. هرع الجميع لإحضار أغطية لمساعدة الجرحى. لم يسبق لأحد هنا أن رأى مثل هذا المشهد».

وقعت الكارثة عشية احتفال ديني كبير في مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا القديمة التي تقع في شمال غربي إسبانيا في الساعة الثامنة و41 دقيقة مساء الأربعاء. وقال مسؤولون إن هناك مصابين من عدة جنسيات من الجرحى البالغ عددهم 130 شخصا، وإن بينهم 36 في حالة خطرة، منهم أربعة أطفال. ويوجد مواطنون أميركيون وبريطانيون بين الجرحى.

وقال القائم بالأعمال الأميركي في بيان مكتوب على موقع السفارة الأميركية على الإنترنت: «إننا نقوم بجمع معلومات بشأن الحادث، ونحن على اتصال بأسر بعض المواطنين الأميركيين الذين أصيبوا». وقال متحدث باسم السفارة البريطانية إنه يعرف أن أحد البريطانيين أصيب. وامتنع عن ذكر أي تفاصيل بشأن حالة البريطاني الجريح.

وفي مشهد وصفه مسؤول محلي بأنه مشهد من الجحيم غطيت الجثث التي انتشلت من موقع الحادث ووضعت بجوار العربات التي انقلبت بينما تصاعدت أعمدة الدخان من الحطام وترنح ركاب غطتهم الدماء وهم يسيرون بعيدا عن القطار المنكوب. وكانت الرافعات ما زالت ترفع الحطام حتى صباح أمس بعد 12 ساعة من وقوع الحادث. وقالت المتحدثة باسم المحكمة إن عمال الطوارئ أوقفوا عمليات البحث عن ناجين.

وزار رئيس الوزراء ماريانو راخوي الذي ولد في مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا موقع الحادث والمستشفى الرئيس أمس. وأعلن الحداد الوطني رسميا ثلاثة أيام.

وسرعان ما هرعت سيارات الإسعاف إلى مكان الحادث، مطلقة صفاراتها، وعمل المسعفون في سباق مع الوقت لإجلاء أكبر عدد من الجرحى، ومع غروب الشمس امتلأت كل الشوارع المجاورة بسيارات الإسعاف في حين كان المنقذون يعملون بكد على السكك. وخصصت بناية بلدية لعائلات الضحايا لمقابلة إخصائيين نفسانيين وتلقي معلومات، بينما دعت السلطات إلى التبرع بالدم. وقال رجل ينتظر خبرا عن صديقيه كانا في القطار، وهما طالبان (21 سنة)، وهو يجهش بالبكاء: «نظن أنهما توفيا»، مضيفا أن «أهلهما داخل المبنى منهارون».

وتقوم شركة «رينفيه» بتشغيل قطار سانتياغو دي كومبوستيلا الذي كان يحمل 247 شخصا وخرج عن السكة بينما تستعد المدينة لاحتفالات القديس سان جيمس حيث تمتلئ شوارع المدينة بآلاف المسيحيين من أنحاء العالم. وقالت هيئة السياحة بالمدينة إن جميع الاحتفالات بما فيها القداس التقليدي الذي يقام في الكاتدرائية التي بنيت منذ قرون قد ألغيت مع إعلان الحداد بعد الحادث.