رئيس «الشورى» السعودي: نسير بنهج التدرج الذي يؤكد عليه خادم الحرمين

د. عبد الله آل الشيخ أكد كسب المملكة تأييدا عالميا عبر «الصداقة البرلمانية»

جانب من جلسة المجلس في شهر مايو الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

قال الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي «إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما قرر تعيين المرأة عضوا في مجلس الشورى فهو يدرك أن المرأة السعودية بلغت درجة عالية من النضج الفكري والعلمي والخبرة العملية بما يمكنها من المشاركة بفاعلية في صناعة القرار الوطني»، لافتا إلى أن المجلس يمضي في التطوير بالتدرج الذي يؤكد عليه الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وكشف الدكتور آل الشيخ في حوار مع «الشرق الأوسط» عن اتخاذ المجلس قرارا بالموافقة على توصية قدمتها ثلاث عضوات في المجلس، تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في شروط الحصول على القرض من صندوق التنمية العقارية، وتبنتها لجنة الشؤون المالية وصوت عليها المجلس بالموافقة.

وتحدث الدكتور آل الشيخ في أول حوار يجريه منذ انضمام المرأة إلى عضوية المجلس بكامل الصلاحيات عن استراتيجية إعلامية قال: إنها ستؤسس وتعزز الحضور الإعلامي للمجلس، لافتا إلى رغبته الشخصية في الانضمام إلى مواقع التواصل.

وأشار رئيس «الشورى» السعودي إلى طلب المجلس تعديل قواعد إعداد التقارير السنوية للوزارات والمؤسسات العامة بما فيها الجامعات والأجهزة الحكومية الأخرى مؤشرات أداء الخدمة والبيانات المالية، وقال: إن المجلس يصبو إلى استقبال تقارير تتسم بالشفافية والوضوح والشمول لكل جهاز حكومي.

وردا على تساؤل يتردد حول دور المجلس، جاء رد الرئيس قاطعا، إذ استعرض أنظمة حديثة انبثقت من المجلس وشقت طريقها التنفيذي، مستدلا بنظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا، ومقترح نظام الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومقترح نظام الجودة وسلامة المريض في الخدمات الصحية، ومقترح تعديل نظام هيئة السوق المالية وإضافة مواد جديدة تعنى بعلاوة الإصدار، ومقترح نظام توطين وظائف عقود التشغيل والصيانة.

وأشار الدكتور آل الشيخ، الذي يرأس مجلس الشورى منذ سنة 2009. إلى ثمار التواصل وتعزيز علاقات التعاون البرلماني الدولي مع مختلف برلمانات دول العالم، مؤكدا أنها أكسبت السعودية تأييد مجالس وبرلمانات دولية في شأن الكثير من القضايا العربية والإقليمية والدولية التي تهم المملكة. وفيما يلي نص الحوار:

* هل لمستم تغيرا في قربكم من هموم المواطن، لا سيما أن التفاعل الاجتماعي مع «الشورى» بدأ يتخذ أشكالا حديثة، مثل مشاركة المواطنين في طرح الأسئلة على الوزراء الذين يحضرون تحت قبة المجلس، أو في العرائض التي تستقبلونها من المواطنين؟

- مجلس الشورى يعمل دائما على أن يكون قريبا من المواطن، يتلمس همومه وقضاياه، ويتناولها بالبحث في لجانه المتخصصة والنقاش تحت القبة، فأعضاء المجلس يمثلون المواطنين وهو ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الكلمة التي افتتح بها أعمال السنة الأولى من الدورة السادسة للمجلس حينما خاطب أعضاء المجلس قائلا: «واعلموا أن مكانكم في مجلس الشورى ليس تشريفا، بل هو تكليف وتمثيل لشرائح المجتمع السعودي».

وبخصوص مشاركة المواطن في طرح الأسئلة على الوزير أثناء حضوره تحت قبة مجلس الشورى، فهذا نهج اختطه المجلس لإتاحة الفرصة أمام المواطنين لطرح همومهم وقضاياهم ذات الصلة بالخدمة التي تقدمها الجهة التي يرأسها الوزير أو المسؤول الذي يحضر تحت القبة، حيث يتيح المجلس عبر القنوات المختلفة للمواطنين تقديم أسئلتهم التي يرغبون في طرحها على الوزير.

وفيما يتعلق بالعرائض التي يقدمها المواطنون للمجلس فهي قناة من قنوات انفتاح المجلس على أفراد المجتمع، حيث يعكس العدد الكبير من العرائض التي ترد للمجلس يوميا في مختلف الجوانب والموضوعات، حجم الآمال والتطلعات التي يعقدها المواطنون على المجلس. كما تعكس العرائض إيمانهم بأهمية المجلس ودوره في تلبية حاجاتهم ومعالجة همومهم وقضاياهم.

ويولي مجلس الشورى العرائض جل الاهتمام، ويدرس ما يندرج منها في صلب اختصاصاته وصلاحياته دراسة معمقة ومستفيضة، وربما يطور المجلس عبر لجانه المتخصصة مقترحا لأحد المواطنين إلى نظام جديد أو تعديل نظام نافذ بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام مجلس الشورى، ولعلي أشير هنا إلى مقترح مشروع نظام مركز بلاغات الطوارئ الذي وافق عليه المجلس في جلسته السادسة والخمسين من أعمال السنة الرابعة للدورة الخامسة الماضية، وهو مشروع نظام انبثقت فكرته من مقترح قدمه أحد المواطنين عبر عريضة للمجلس، وصاغته لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى في مشروع نظام وقدمته للمجلس بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام المجلس.

وهذا في الواقع يعكس اهتمام المجلس بمقترحات المواطنين، وتلمس قضاياهم ومعايشته لهمومهم.

* بعد مضي نحو خمسة أشهر على قرار خادم الحرمين الشريفين القاضي بتعيين 30 امرأة عضوا في مجلس الشورى، أود سؤالكم ماذا أضافت المرأة إلى المجلس؟

- عندما قرر خادم الحرمين الشريفين تعيين المرأة عضوا في مجلس الشورى فهو يدرك بنظرته الثاقبة ورؤيته السديدة أن المرأة السعودية بلغت درجة عالية من النضج الفكري والعلمي والخبرة العملية بما يمكنها من المشاركة بفاعلية في صناعة القرار الوطني، وقد أثبتت المرأة عضو مجلس الشورى من خلال المداخلات والتوصيات سعة أفقها وعدم حصر نفسها في قضايا محددة، بل حضرت بقوة في الكثير من القضايا وأضافت لمداولات المجلس ونقاشاته الكثير.

وفي شأن قضايا المرأة كانت أعضاء المجلس النساء حاضرات في طرح هموم النساء السعوديات وقضاياهن، ولعلي أستشهد هنا بقرار المجلس المساواة بين الرجل والمرأة بشأن شروط الحصول على قرض صندوق التنمية العقارية، الذي جاء بناء على توصية إضافية قدمتها ثلاث عضوات على التقرير السنوي للصندوق، وتبنتها لجنة الشؤون المالية ووافق عليها المجلس بالأغلبية.

* لاحظنا خلال الفترة الماضية كثرة ترحلكم شخصيا وأيضا تحرك ممثلين عنكم سواء أمين عام المجلس أو رؤساء وأعضاء لجان الصداقة البرلمانية خلال الفترة الماضية في الأنشطة الاجتماعات الثنائية البرلمانية، فما نتائج تحركاتكم وزياراتكم؟

- إن الزيارات والمشاركات الرسمية لوفود المجلس على مختلف مستوياتهم تأتي بناء على دعوات رسمية من دول شقيقة أو صديقة أو من اتحادات ومؤتمرات ومنتديات ومجالس برلمانية دولية أو إقليمية المجلس عضو فيها، وهذه الصفة ملازمة للمجالس الشورية والبرلمانات وليست نتيجة مبادرات من المجلس نفسه، فمعلوم أن مجلس الشورى كأي مجلس مماثل له دور في السياسة الخارجية يمارسه من خلال عدة وسائل أبرزها ما يسمى بـ«الدبلوماسية البرلمانية»، سعيا لتأكيد حضور المملكة العربية السعودية ومواقفها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني تجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، إضافة إلى تعزيز العلاقات السعودية مع تلك الدول، واستكشاف آفاق تطويرها إلى مجالات أرحب بما يخدم مصالح المملكة وشعبها، إلى جانب العمل على تعزيز وتوثيق علاقاته مع مختلف البرلمانات العربية والإسلامية والدولية، وإطلاع الدول والبرلمانات على تجربة المملكة الشورية، والاستفادة كذلك من التجارب العالمية في العمل البرلماني، وفي الوقت نفسه ينظم مجلس الشورى فعاليات دولية ويدعو المجالس التشريعية لها وعرض ما أعمال مجلس الشورى السعودي وما يقدم له من تسهيلات ودعم من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين. ولعل أقرب مثال على ذلك الاجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين الذي استضافه مجلس الشورى العام الماضي 2012.

ومن ثمار التواصل وتعزيز علاقات التعاون البرلماني الدولي مع مختلف برلمانات دول العالم، كسب تأييد مجالس وبرلمانات الدول للكثير من القضايا العربية والإقليمية والدولية التي تهم.

وبقدر ما نعتبر ذلك تقديرا دوليا لمجلس الشورى السعودي ودوره الذي يؤديه في المجالين التشريعي والرقابي وصناعة القرار، فإنه دليل على نجاح المجلس في استثمار علاقاته المتميزة مع المجالس البرلمانية العالمية بما يخدم مصالح المملكة وشعبها، ويرسخ مكانتها السياسية والاقتصادية على مختلف المستويات الإقليمية والدولية.

* «يقتصر دور المجلس على إبداء الرأي»، هذه المقولة بغض النظر عن مدى صحتها إلا أنها تتردد بين السعوديين، فهل تعتقدون أن عدم وصول القرارات مباشرة إلى المواطن يلعب دورا في فهم المواطن لدور المجلس؟ وإذا كان الجواب: لا، فما هو السبب وراء ذلك؟

- اسمح لي أن أوضح أن مجلس الشورى هو سلطة تنظيمية (تشريعية) مرجعها مثل السلطتين التنفيذية والقضائية هو الملك، فقرارات مجلس الشورى ترفع للملك بحسب المادة السابعة عشرة من نظام المجلس ويقرر ما يحال منها إلى مجلس الوزراء.

واختصاصات مجلس الشورى وفق ما نصت عليها المادة الخامسة عشرة من نظامه تتمثل في مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتفسير الأنظمة، ومناقشة التقارير السنوية للوزارات والأجهزة الحكومية.

لكن مجلس الشورى له دور كبير في المجال التنظيمي (التشريعي) ربما لا يعرفه بعض المواطنين – فالمادة الثالثة والعشرين من نظام المجلس أعطت المجلس صلاحية اقتراح مشروع نظام جديد، أو اقتراح تعديل نظام نافذ، حيث يحق لأحد أعضاء المجلس أو لعدد من الأعضاء اقتراح مثل تلك المشاريع ومن ثم دراستها في المجلس ورفع ما يقرره المجلس إلى الملك بوصفه المرجع الأعلى لكافة السلطات التنظيمية (التشريعية) والقضائية والتنفيذية كما سبق أن أشرنا.

ومن هنا يتضح دور المجلس ومرجعية قراراته، فقرارات مجلس الشورى ورغم إعلانها مباشرة بعد انتهاء الجلسة العامة للمجلس، في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة، لكنها لا تصبح نافذة حيث يتم رفعها للملك ليقرر ما يحال منها إلى مجلس الوزراء.

* أعلن المجلس حديثا تأكيده على جهات حكومية إدراج مزيد من التفاصيل في تقاريرها، لا سيما بخصوص الشؤون المالية؟ فإلى ماذا ترمي هذه المطالبة في ظل النظام الحالي للمجلس الذي لا يلزم الجهات الحكومية بتدوين الحساب الختامي في التقارير المرسلة إلى المجلس؟

- مناقشة مجلس الشورى لتقارير الأداء السنوية للوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى اختصاص أصيل في عمل مجلس لشورى وأداة من الأدوات الرقابية التي يمارسها مجلس الشورى، والمجلس يحرص على أن تستوفي تقارير الأداء السنوية جميع المعايير الأساسية لإعداد هذه التقارير، وإدراكا من المجلس بأهمية تطوير تلك التقارير فقد قدم عدد من أعضائه مقترحا بـ«تعديل قواعد إعداد التقارير السنوية للوزارات والمؤسسات العامة بما فيها الجامعات والأجهزة الحكومية الأخرى ومؤشرات أداء الخدمة والبيانات المالية» ودرس في اللجنة المعنية دراسة معمقة، ونوقش تحت قبة المجلس، ونطمح من خلال التعديلات إلى صدور تقارير تتسم بالشفافية والوضوح والشمول لكل جهاز حكومي كل حسب اختصاصه، وتصف وتصنف جودة الأداء ومعوقاته مما يمكن المجلس من الإسهام في تحسين أداء الأجهزة الحكومية والارتقاء بجودتها تحقيقا لتطلعات ولاة الأمر وما يؤمله المواطن من تلك الأجهزة.

* يتردد دوما الحديث عن مزيد من الصلاحيات التي يحتاجها المجلس لأن يتفاعل أكثر، هل لكم أن تضربوا لنا مثالا عن الصلاحيات التي لو امتلكها المجلس ستسهم في تفعيل دوره بشكل أكبر؟

- مجلس الشورى يحظى باهتمام ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني، والمجلس ليس ببعيد من منظومة التطوير والتحديث التي شهدتها المملكة في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي يؤكد دائما على ثقته في مجلس الشورى ويحرص على تطوير أعماله، فقد قال في كلمته التي افتتح بها أعمال السنة الأولى من الدورة السادسة للمجلس: «إن هدفنا جميعا قائم بعد التوكل على الله على تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية التي لا تدفع إلى العجلة التي تحمل في طياتها ضجيجا بلا نتيجة. إن التطور الذي نسعى له جميعا يقوم على التدرج بعيدا عن أي مؤثرات».

* استخدام المادة الـ23 من نظام المجلس يتردد دوما في الصحف ويعد نافذة تشريعية للمجلس. ما أبرز الأنظمة التي استخدمت أو أضاف إليها المجلس تعديلات؟

- المادة الثالثة والعشرون من نظام مجلس الشورى كما أشرت سابقا تتيح لعضو المجلس أو لعدد من أعضائه اقتراح مشروع نظام جديد، أو تعديل نظام نافذ، وأعضاء المجلس بما يملكونه من حس وطني، وإدراك للمسؤولية الجسيمة التي حملهم إياها الملك عبد الله يسعون إلى سد أي فراغ تنظيمي باقتراح نظام جديد، أو تعديل نظام نافذ يرى أحدهم أو عدد منهم ضرورة تعديله بما يستجيب لمقتضيات العصر ومستجداته.

ولا يسع المقام لسرد المقترحات التي تقدم بها أعضاء المجلس بموجب هذه المادة، ولكن لعل من المناسب الإشارة إلى بعض منها خصوصا ما صدر بشأنها قرارات من المجلس حديثا، أو ما تجري دراسته حاليا في اللجان المعنية، فمن المقترحات التي وافق عليها المجلس مقترح نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا، ومقترح نظام الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومقترح نظام الجودة وسلامة المريض في الخدمات الصحية، ومقترح تعديل نظام هيئة السوق المالية وإضافة مواد جديدة تعنى بعلاوة الإصدار، ومقترح نظام توطين وظائف عقود التشغيل والصيانة.

* هل هناك نوايا لزيادة عدد أعضاء المجلس خلال السنوات المقبلة، أو زيادة عدد اللجان وجعلها أكثر تخصصا؟

- اختيار أعضاء مجلس الشورى وتحديد عدد الأعضاء من اختصاص الملك كما نص على ذلك نظام لمجلس في مادته الثالثة، ومتى ما رأى ولي الأمر مصلحة في زيادة أعضاء المجلس فلن يتردد في ذلك، فقد كان عدد أعضاء المجلس في دورته الأولى في عهده الحديث 60 عضوا، ثم تمت زيادتهم إلى 90 عضوا في دورته الثانية ومن ثم إلى 120 عضوا في دورته الثالثة، وأخيرا إلى 150 عضوا في دورته الرابعة واستمر على ما هو عليه حتى دورته الحالية. ومن هنا نرى التدرج في تطوير المجلس الذي يؤكد عليه خادم الحرمين الشريفين.

* من خلال تجربة نقل وقائع الجلسات تلفزيونيا وقطع المجلس مسافة واسعة في ذلك، ألا ترون بأن نقل الجلسة بشكل مباشر قد حان أوانه، خصوصا أن الجلسة المباشرة ستحظى بمتابعة أكثر شمولية من المسجلة التي ستكون منشورة بطبيعة الحال في الصحف؟

- مجلس الشورى يقدر تقديرا عاليا اهتمام وسائل الإعلام بقنواتها المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة وفي مقدمتها صحيفة «الشرق الأوسط» بأعمال مجلس الشورى ونشاطاته، فهي المرآة التي تعكس لأفراد المجتمع على مختلف فئاتهم وشرائحهم منجزات المجلس، وفي المقابل تسهم في نقل نبض الشارع إلى المجلس من خلال تسليطها الضوء على قضايا الوطن وهموم المواطنين وحاجاتهم بما يعين المجلس على اتخاذ القرارات المناسبة عند مناقشته لمشاريع الأنظمة والتقارير السنوية للأجهزة الحكومية.

أما بخصوص سؤالك عن النقل التلفازي المباشر لجلسات المجلس، فجلسات المجلس تعرض حاليا في برنامج على القناة الأولى يومي الخميس والجمعة، وتم تعديل توقيت عرض البرنامجين من الظهيرة إلى فترة المساء بما يتيح المجال لمشاهدة أوسع من الجمهور، وهو تجاوب مشكور ومقدر من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إدراكا من مسؤوليها وفي مقدمتهم الأخ الدكتور عبد العزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة الهيئة.

وهناك لجنة متخصصة برئاسة الدكتور فهاد الحمد مساعد رئيس المجلس تضم في عضويتها أعضاء من داخل المجلس وخارجه تعكف على وضع استراتيجية إعلامية واتصالية خاصة بالمجلس، سنعمل على ضوئها على دراسة خيارات التواصل مع أفراد المجتمع التي تعود بالفائدة على المتلقي وستحدث بإذن الله نقلة نوعية في حضور المجلس إعلاميا.

* هل هناك رؤية لتفعيل رقابة المجلس بشكل يفعل الرقابة المبكرة التي تعلق على تقارير الأجهزة الحكومية أثناء العام وليس بعد انتهائه؟

- مجلس الشورى يمارس دوره الرقابي عبر آليات رقابية عدة من أبرزها دعوة الوزراء تحت قبة المجلس، ومناقشة المسؤولين في الجهات الحكومية في اللجان المتخصصة، وطلب معلومات من الجهات والأجهزة الحكومية عن الحاجة لذلك في أي وقت إضافة إلى ما يقوم به رئيس المجلس ورؤساء اللجان وبعض الأعضاء في أوقات مختلفة خلال العام من زيارات ميدانية لبعض الوزارات والأجهزة الحكومية للوقوف على أداء تلك الأجهزة والخدمات التي تقدمها للمواطنين وللتعرف على أبرز المعوقات التي تعترض سير عملها ومقارنتها بما مدون في تقارير الأداء السنوية التي ترفع للمجلس بعد انتهاء السنة وبشكل منتظم سنويا.

* لماذا لا نرى تواجدا للمجلس في مواقع التواصل الاجتماعي على غرار مؤسسات حكومية أخرى وثقت حساباتها وبدأت تغرد وتشارك؟ وألا ترون أن هذا الدخول سيبني علاقة أوثق بالجمهور ويزيد من توعيتهم حتى عن أنشطة المجلس؟

- المجلس وصل إلى مرحلة متقدمة في صياغة استراتيجيته الإعلامية والاتصالية التي ذكرتها سابقا وسوف تؤسس وتعزز من الحضور الإعلامي للمجلس في كل النوافذ الإعلامية والتي من بينها بعض مواقع التواصل الاجتماعي بغية الوصول إلى كل فئات المجتمع.

* هل سنرى حسابا لرئيس مجلس الشورى السعودي في وسائل التواصل الاجتماعي؟

- أرجو ذلك بإذن الله، وأتمنى أن يكون إضافة للمتلقي وليس ظهورا لأجل الظهور، فالطموح أن يكون الحساب هو لـ«التواصل» وأنا بلا شك كإنسان وكمسؤول أتطلع للتواصل مع الناس والتحاور معهم والاستفادة من مرئياتهم وتجاربهم، لذلك أرى أن قرار الدخول إلى عالم التواصل الإلكتروني يتطلب التواصل وليس الحضور لأجل الحضور.

* هل لكم أن تصفوا لنا سير يوم عمل كامل لكم في الأيام التي لا تنعقد فيها الجلسات؟

- لا يوجد شيء ثابت، لكن عادة ما يبدأ العمل بتسليم المعاملات التي أنجزتها في المنزل والنقاش حولها مع المسؤولين في المجلس ثم استعراض المعاملات الواردة والبت فيها، بعد ذلك استقبل المسؤولين في المجلس لمناقشة شؤون المجلس أو للتحضير للجلسات إذا كان اليوم يوافق إحدى جلسات المجلس، بعد ذلك يأتي دور الملف الصحافي اليومي والذي يحتوي على كل ما كتب في وسائل الإعلام المختلفة عن المجلس وأعمال المجلس، ونستفيد منه في البقاء على اتصال دائم مع وسائل الإعلام بما يضمن التفاعل معها وعدم تفويت الاستفادة مما تطرحه بشأن المجلس وأعماله، بعد ذلك يحين موعد استقبال ضيوف المجلس من المسؤولين الأجانب والمحليين، أما الأيام التي تكون فيها جلسات فيتم الانتقال بعد ذلك إلى جلسة المجلس.

ويمتد العمل اليومي في المجلس إلى ما بعد الساعة الثالثة ظهرا، ونحرص أنا وزملائي في المكتب على إنجاز أكبر قدر ممكن من المعاملات بحيث لا أضطر إلى حملها «كلها» معي إلى المنزل، إلا أن حجم العمل يجبر المسؤول أن يأخذ المتبقي منها إلى المنزل.

وفي الحياة الخاصة لا يوجد شيء ثابت يوميا إلا ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة بعد صلاة الفجر، وهو التزام لا أتخلف عنه حتى خلال رحلات العمل، حيث اعتدت أن أحافظ على هذه الرياضة.

* عبد الله آل الشيخ.. وجه السعودية في برلمانات العالم

* في سنة 1948، وفي الدرعية، وسط السعودية، فتحت عينا عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، لتجد أنها بين كنفي مفتي عام المملكة العربية السعودية.

دأب الفتى الذي خرج من مدرسة المحمدية بالرياض ثم انتقل إلى المعهد العلمي وتتلمذ خلالها على يد والده مفتي الديار، وكان الوحيد من بين أبناء الشيخ محمد بن إبراهيم الذي سكن معه في المنزل، أما بقية إخوته فقد كانوا يسكنون في منازل مستقلة.

لازم عبد الله والده داخل المنزل وخارجه وقرأ عليه عددا من المواد التي كانت تدرس في المعهد العلمي، وعلوم أخرى انتقاها والده.

انتقل بعد ذلك إلى كلية الشريعة في مدينة الرياض قبل أن تسمى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حائزا على شهادة البكالوريوس في الشريعة سنة 1975. عمل معيدا في نفس الجامعة وابتعث إلى جامعة الأزهر بالقاهرة في كلية الشريعة والقانون وأنهى فيها مرحلة الماجستير سنة 1980، وكان عنوان الرسالة «نشأة الفقه الإسلامي واستقلاله حتى نهاية القرن الرابع الهجري».

عاد إلى المملكة وواصل دراسته في جامعة الإمام وتخرج بعد حصوله على الدكتوراه عام 1987، ثم محاضرا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية الشــــريعة في قسم الفقه وأستاذا مساعدا إلى أن تم تعيينه وزيرا للعدل في سبتمبر (أيلول) 1992، في حين عين في فبراير (شباط) 2009 رئيسا لمجلس الشورى.

ويتواجد الدكتور آل الشيخ في مختلف المحافل الدولية، ويجول دائما في الاجتماعات البرلمانية على رأس الوفد السعودي المشارك.

ويدير رئيس «الشورى» السعودي دفة أعمال المجلس بطريقة حازمة لا تخلو من المرونة أيضا في تقبل أراء الأعضاء وبعض المداخلات التي قد تخرج أحيانا عن نص المواد المجدولة في الجلسات.

يصف الدكتور آل الشيخ القراءة بالملاذ لكل من يبحث عن غذاء فكري وروحي لا توفره عجلة الحياة السريعة، ولا خيارات الحياة العصرية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن آلات الطباعة أصبحت تدفع بآلاف المنتجات الثقافية والأدبية بشكل يومي ومثير بالنسبة لأبناء جيل عرف في الماضي صعوبة وقيمة الحصول على نسخة من كتاب، الآن لا تكاد تنتهي من كتاب إلا ويحرضك على قراءة آخر حتى تجد نفسك في دوامة ممتعة لا تنتهي، تنهل من هذا وترفض هذا وتنتقد الآخر وتتفق مع آخر وهكذا، في القراءة أجد نفسي حيث أحب، تلميذا عند كاتب لا يدري أني الآن أنهل من علمه وأستفيد من تجربته، وأتحدث معه كما لو أني في قاعة الدرس التي غادرتها منذ عشرات السنين».

ويتابع رئيس المجلس المقالات المنشورة في الصحف، ويقول: «لا توجد أسماء محددة لكني شخصيا حريص قراءة أغلب المنشور في الإعلام المحلي خصوصا المقالات المتعلقة بعمل مجلس الشورى.

ويفضل الدكتور آل الشيخ البرامج الحوارية بكل أنواعها ومستوياتها، على الشاشة الفضية، ويقول إنها «تجذبني حيث أجد فيها متعة الفائدة والاطلاع على التجارب والآراء».