أجراس الكنائس تعانق أذان المغرب في جمعة «الصائمين»

أقباط مصر أعلنوا الصيام مشاركة لمسلميها

TT

في لحظة استثنائية، تدق أجراس الكنائس لتعانق أذان المغرب في مصر، ليُفطر ملايين من مسلمي مصر وأقباطها في ميادين البلاد في جمعة «الصائمين»، استجابة لدعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة.

وطالب السيسي في كلمة له الأربعاء الماضي، المصريين بالعودة إلى الميادين لتفويض الجيش في التصدي إلى ما وصفه بـ«الإرهاب والعنف المحتمل»، وتأكيدا لشرعية تحرك الجيش، الذي عزل الرئيس السابق محمد مرسي مطلع الشهر الجاري، ما أغضب قطاعا عريضا من القوى الإسلامية التي يعتصم أنصارها منذ أسابيع في عدة مناطق بالبلاد. ودعا نشطاء أقباط إلى صيام المسيحيين مشاركة للمسلمين، وهي الدعوة التي وجدت استجابة واسعة بين أقباط مصر، كما دعا النشطاء إلى دق أجراس الكنائس بالتزامن مع أذان المغرب، للتأكيد على «وحدتهم الوطنية».

وتقول ماري عادل (23 عاما) التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أمس قبيل توجهها إلى محيط قصر الاتحادية للمشاركة في مظاهرات تأييد الجيش إن «فكرة الصيام عند الأقباط هي أصلا انقطاع عن الأكل، كل يوم جمعة وأربعاء طوال السنة، لكن عموما هذه فرصة طيبة من أجل أن نفكر بحسب هذا المبدأ وفرصة أفضل أن نشترك مع الصائمين في رمضان».

وقبل نحو عامين ونصف العام، أبهر المصريون، مسيحيين ومسلمين العالم بإظهارهم لتماسك بدا نادرا خلال 18 يوما انتهت بالإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، عقب سنوات من التوترات الطائفية التي شهدتها البلاد خلال عقود حكمه. وتناقلت وسائل الإعلام صورا لأقباط يحرسون مسلمين أثناء صلواتهم في ميدان التحرير.

وبنبرة فخر تقول سالي مصطفى (43 عاما): «اليوم (أمس) في السابعة إلا خمس دقائق الأذان يرفع وأجراس الكنائس تدق معلنة للعالم أننا شعب لم يتوقف عن تقديم المعجزات منذ فجر التاريخ، اليوم أستطيع أن أقول لبناتي هيا ارفعن رؤوسكن فأنتن مصريات».

في ميدان التحرير الذي بات قبلة الثوار، رفع متظاهرون أمس لافتة في ميدان التحرير تتعانق فيها كلمتا «مسلمسيحي»، حيث حرف الميم لا ينتهي إلا ليبدأ مجددا، في إشارة إلى وحدة المصريين. وعلى مدار عام حكم خلاله الرئيس المعزول مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، اتسعت هوة الخلاف بين مؤسسة الرئاسة والكنيسة المصرية، وبدا لمراقبين أن الجفاء بين الطرفين بات مستحكما.ورحبت الكنائس المصرية بدعوة الفريق أول السيسي، وأعلن البابا تواضروس الثاني بابا الكنيسة الأرثوذكسية، بطريرك الكرازة المرقسية، رسميا على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلا: «المسؤولية الوطنية للكنيسة القبطية المصرية تدعونا جميعا لتدعيم الإجراءات التي تحمى بلادنا وتحقق حريتنا بلا عنف أو تهور. عاشت مصر سالمة آمنة».

وشارك البابا تواضروس الثاني في اجتماع السيسي بالقوى السياسية والدينية، وهو الاجتماع الذي انتهى بتعليق العمل بالدستور، وتعيين المستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا للبلاد، للإشراف على خارطة المستقبل، التي تضمنت إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. وتبادل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، صورا تظهر عددا من أنصار جماعة الإخوان المسلمين يشربون الماء ظهر أمس في عدد من المسيرات. وعلق النشطاء ساخرين مما اعتبروه «مفارقة»، في إشارة لصيام المسيحيين وإفطار نشطاء مسلمين. وواصل المصريون الروح الساخرة التي ميزت ثورتهم منذ 25 يناير (كانون الثاني) 2011، ونصح نشطاء مسلمون المسيحيين الصائمين: «لا تنظر في ساعتك كثيرا، لا تمش في الشمس ولا حتى في الظل، وممكن تصوم لغاية الظهر على اعتبار أنها أول مرة، لو تعبت جدا اعمل نفسك بتغسل وشك واشرب، وأخيرا اشرب على الإفطار حاجة دافئة وصل المغرب وعد إلى الأكل.. ملاحظة: المغرب 3 ركعات».