«القاعدة» تحاول تحسين صورتها في سوريا بالاحتفالات الرمضانية

جديدها فيديوهات مهرجانات الآيس كريم بدلا من الإعدامات الميدانية

TT

مسابقات الألعاب الحربية المرحة وأكل الآيس كريم سمة مميزة لأي مهرجان في مدينة. لكن مهرجانات العائلة في مدينة حلب السورية التي دمرتها المعارك كان لها منظم غير متوقع: «القاعدة».. لقد نشرت الذراع الإعلامية للدولة الإسلامية في العراق والشام، فيديوهات تصور المهرجانات التي أقامتها في رمضان في وقت تصارع فيه المجموعة لكسب العقول والقلوب، والتي تختلف كلية عن الفيديوهات العادية للمنظمة التي تشمل عمليات إعدام جماعي.

تأتي محاولة تحسين صورة الدولة الإسلامية في وقت تسعى فيه الجماعة جاهدة لكسب الدعم في المناطق السورية التي خرجت عن سيطرة الحكومة. وينظر الكثير من السكان إلى المجموعة باعتبارها قوة أجنبية أكثر شغفا بفرض الشريعة الإسلامية من القتال ضد الرئيس بشار الأسد وحلفائه.

وقال تشارلز ليستر، المحلل في مركز «آي إتش إس جاينز» لدراسات الإرهاب والتمرد: «إنهم يدركون تماما أن الشعب السوري لا يرحب بالكثير من المقاتلين الأجانب الذين يصلون لقتال الجهاديين في بلادهم. إنهم يدركون أنهم بحاجة إلى إعادة التأكيد للشعب على أن تواجدهم ليس سلبيا. وتأتي هذه الاحتفالات الرمضانية ومسابقات أكل الآيس كريم أحد الأمثلة المحلية على ذلك. لكن نجاح ذلك سيعتمد على الأجنحة المسلحة الأخرى وكيفية تصويرهم لها».

تبوأت الدولة الإسلامية الصدارة بشكل سريع في سوريا منذ ظهورها في أبريل (نيسان). وقال محللون إن المجموعة تضم فصائل جهادية معروفة تقاتل تحت راية موحدة، وتضم نحو 2500 إلى 3000 مقاتل في سوريا. وهي أكثر نفوذا في حلب وريفها وفي إدلب واللاذقية. لكن الجماعة تواجه عزلة دولية في الوقت الذي تحاول فيه جماعات أخرى النأي بنفسها عن تكتيكات الدولة الإسلامية المتشددة.

عملت الدولة الإسلامية على توسيع نفوذها في حلب، التي شهدت عاما من القتال الرهيب. لكنها كانت هدفا لمظاهرات هذا الشهر بعد فرض حصار على نقطة التفتيش الرئيسة التي تفصل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة عن مناطق الثوار.

وقد تصاعد الغضب نتيجة حصار المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ومنع السكان والطعام من العبور، وهو ما تسبب في نقص شديد وزيادة في الأسعار في بداية رمضان. وتواجه حلب بالفعل أزمة إنسانية حادة والحصار وحده هو الذي يزيد الأوضاع سوءا.

ويشكو بعض المعارضين من أن الأحداث الكبيرة مثل الاغتيال الأخير لقائد معتدل في الجيش الحر، التي ألقي فيها اللوم على الدولة الإسلامية، قد أفقد المعارضة الدعم. وقام المقاتلون الإسلاميون المتشددون بالتحرش بالسكان على عدم الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية. ويقول محمد فايزو، أحد مقاتلي جبهة أنصار الدين في مدينة اللاذقية الساحلية، حيث التواجد الواضح للدولة الإسلامية: «إنهم يطلقون علينا ألقابا سيئة».

إزاء تزايد الغضب تسعى الدولة الإسلامية لتحسين صورتها من خلال توزيع الطعام في رمضان، بحسب سكان حلب. ويقوم مقاتلو الدولة الإسلامية أيضا بتوزيع نسخ من المنشورات في أعزاز، القريبة من الحدود التركية، تتحدث عن مسابقات لحفظ القرآن الكريم بجوائز يومية تصل إلى 10000 ليرة سورية (ما يعادل 95 دولارا).

في عدد من فيديوهات المجموعة، يقوم أحد أفراد الدولة الإسلامية الذي يعرف نفسه بأبو وقاص من تونس، بالترويح عن الجمهور. في أحدها يرتدي قناعا لامعا على عينيه وهو يقدم مسابقات وألعاب الحفل. وفي فيديو آخر تم تصويره في حلب الأسبوع الماضي وقف يشرف على طفلين يتناولان الآيس كريم ويداهما مربوطتان خلف ظهريهما.

وزاد من سعادة الجمهور المعركة التي تم تمثيلها. عندما هجم فريق من ثلاثة ملتحين تابعين للدولة الإسلامية في العراق والشام على الفريق الآخر التابع لجبهة النصرة، التي صنفتها الولايات المتحدة كجماعة إرهابية. تجمع الأطفال في كلا الجانبين وانتهوا بإعلان كل فريق انتصاره.

لكن الفيديوهات تستخدم لنشر الرسالة الأساسية للدولة الإسلامية، في أحدها يشرح أبو وقاص أسباب حضور مقاتلي الجماعة إلى سوريا وهي: «فرض الشريعة الإسلامية». ووجه سؤاله إلى الجمهور: «من منكم يرفض الشريعة؟ كلا، كلا بالطبع. فنحن جميعنا مسلمون». وصاح الأطفال: «الله أكبر» مع تحول الخطاب إلى خطاب طائفي لسب الشيعة. وقال، مستخدما لفظة مهينة لوصف العلويين، الذين ينتمي إليهم الرئيس الأسد: «لقد أوقفناهم في العراق، وقد حضرنا هنا من أجل النصيريين».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»