الأمم المتحدة ترقب حالة من التوتر والتشنج في الدول المضيفة للاجئين السوريين

ممثلة مفوضية اللاجئين لـ «الشرق الأوسط»: اقترحنا على لبنان منذ أشهر إقامة مخيمات عبور مؤقتة

لاجئون سوريون في مخيم الزعتري ينتظرون دورهم للحصول على مياه الشرب (ا.ف.ب)
TT

ليست الحكومة اللبنانية وحدها من ترزح اليوم تحت عبء أزمة اللاجئين السوريين المتفاقمة، مع ندرة مساعدات المجتمع الدولي «المنتظرة». ويبدو أن المجتمعات اللبنانية المضيفة، والموجودة بمعظمها في مناطق محرومة، لم تعد قادرة على الاستمرار أكثر في تقاسم هذا الحمل الثقيل وتحمل انعكاساته.

ويدفع هذا الواقع المنظمات الدولية العاملة في مجال إغاثة اللاجئين في لبنان، ولا سيما تلك التابعة للأمم المتحدة، إلى التركيز على سبل تنمية المجتمعات المحلية اللبنانية بموازاة مواصلة أعمال إغاثة اللاجئين، الذين تخطى عددهم المعلن عتبة الـ630 ألف لاجئ يحتاجون كل أنواع المساعدات الممكنة.

الاهتمام الدولي بدعم المجتمعات المضيفة ومرافق الدولة الأساسية، ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم، عكسه النداء الخامس الذي سبق أن أطلقته الأمم المتحدة وشركاؤها في مجال الإغاثة الإنسانية من أجل لبنان، بالتعاون مع الحكومة اللبنانية، مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي لجمع 1.6 مليار دولار أميركي لدعم النازحين والمجتمعات المضيفة في آن معا. ويعتقد مسؤولون دوليون يعملون في مجال الإغاثة في لبنان أن تفاقم أزمة اللاجئين السوريين وتداعياتها قد يشكل فرصة لتسليط الضوء بشكل أكبر على وجوب دعم لبنان، الذي بات السوريون يشكلون ثلث عدد قاطنيه.

وقالت نينيت كيللي، ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة في بيروت، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المنظمات الدولية «نتطلع إلى كل السبل الممكنة التي من شأنها توفير التمويل من أجل تنمية مستدامة للبنان ودعم البنى التحتية فيه». وأشارت كيللي إلى أن أحد الاقتراحات المتداولة اليوم هو «تأسيس صندوق ائتماني بإدارة البنك الدولي وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية»، موضحة في الوقت عينه أنه «لا يمكننا التكهن من اليوم عما إذا كان بإمكان آلية عمله أن تنجح أم لا، علما أن هذا الاقتراح قابل للتطوير وهو أحد الاقتراحات المطروحة».

وكان وزير الشؤون في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وائل أبو فاعور، قد كشف في الثامن عشر من الشهر الجاري عن نقاش يجري مع الموفدين الدوليين يتناول موضوع إنشاء صندوق ائتماني يهتم بإغاثة اللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات اللبنانية المضيفة في آن معا، محذرا من أن المنظمات الدولية ستكون في وضع صعب نهاية العام الحالي، مع توقع تدفق عدد إضافي من اللاجئين وعدم تلبية الجهات المانحة لنداءات التمويل المطلوبة.

وفي سياق متصل، قال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان لوقا رندا لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «لا قرار نهائي بشأن الصندوق الائتماني بعد، وما نحاول القيام به حاليا هو إيجاد آلية لتسهيل عملية تدفق التمويل من الجهات المانحة إلى لبنان، بما يضمن من جهة فاعلية وشفافية الآلية، ومن جهة ثانية التأكد من أن كل النشاطات خاضعة للتنسيق». ولفت إلى أن «الصندوق الائتماني هو أحد الخيارات المطروحة، ونحن بصدد استكمال المناقشات في الأسبوعين المقبلين ونتوقع قرارا نهائيا بهذا الصدد خلال شهر سبتمبر (أيلول)».

ولا ينكر المسؤولان الدوليان، اللذان قدما أمس في مؤتمر صحافي في بيروت أمس ملخصا عن واقع اللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات المضيفة، في تصريحاتهما لـ«الشرق الأوسط»، وجود حالة من التوتر والتشنج في المجتمعات المحلية المضيفة جراء عبء أزمة اللاجئين. ويشير مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيروت إلى أنه «من الطبيعي أن تبدي المجتمعات المضيفة قلقها وأن تعير الموضوع أهمية وأن تشعر بالخوف ولكن في الوقت ذاته علينا الاعتراف بأن البلد الذي يأوي نازحين باتوا يشكلون 20 في المائة من قاطنيه أظهر حسن استقبال بطريقة لافتة».

وأشار رندا إلى أن «عدد السوريين اللاجئين بات في نحو 300 إلى 400 قرية لبنانية يتجاوز عدد اللبنانيين المقيمين فيها». وقال: «ليس بإمكاننا أن ننكر وجود بعض التوترات، والتي قد تتطور إلى أفعال عنف في بعض الأحيان لكنها لم تبلغ بعد مستويات دراماتيكية، لكن لا ننكر خشيتنا من أن تصبح هذه المشكلات أكثر سوءا مع استمرار الأزمة»، مضيفا: «لذا نضغط بشكل طارئ على المجتمع الدولي لدفعه إلى تأمين مزيد من التمويل للاستثمار في المجتمعات اللبنانية المضيفة، ولإرسال إشارات قوية بأن المجتمع الدولي يشارك لبنان في تحمل عبء اللاجئين».

وفي الإطار ذاته، أشارت كيللي إلى «أننا نلاحظ مزيدا من التوترات والقلق والأسئلة على غرار كم سيطول هذا الوضع، لكننا في المقابل نرى قدرا كبيرا من الدعم وحسن الضيافة التي تميز لبنان بموازاة استمرار الأزمة، في المجالات كافة». وقالت إنه «حتى في الأردن وتركيا لا يزال البلدان يدعمان عددا كبيرا من اللاجئين ويستمران في القيام بذلك على الرغم من التحديات الكبرى أمامهما».

وجددت كيللي الإشارة في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا تقدمنا منذ أشهر إلى الحكومة اللبنانية باقتراح إقامة مخيمات عبور مؤقتة للاجئين السوريين ونصحنا به مرارا لإيواء العدد المتزايد من اللاجئين»، لافتة إلى أن «هذا الخيار هو من الخيارات الخاضعة للنقاش اليوم». ولفتت إلى أنه «من خلال الشراكة مع الحكومة اللبنانية، تم اختيار مجموعة من الأراضي التي يمكن أن تصلح من الناحية التقنية لإقامة مراكز عبور، ولكننا لم نحظ حتى اليوم بأي موافقة سياسية من جانب الدولة اللبنانية».

وفي موازاة إشارة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن تنمية المجتمعات المحلية تشمل تأهيل البنى التحتية من مراكز الاستشفاء والمستشفيات والمدارس الرسمية التي تخطى عدد التلامذة السوريين عدد اللبنانيين فيها، لفتت كيللي إلى أن «بعض الجهات المانحة بدأت الاستثمار بالشراكة مع الأمم المتحدة لدعم الحكومة اللبنانية في مجالات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية في بعض المناطق اللبنانية».