عدوى الاغتيالات السياسية تنتقل من تونس إلى ليبيا

محامي نجل القذافي: نقله إلى طرابلس يعني تسليمه لـ«الجنائية الدولية»

TT

في تطور درامي خطير، انتقلت عدوى الاغتيالات السياسية وأسلوبها من تونس إلى ليبيا، حيث اغتيل أمس الناشط والمحامي الليبي المعروف عبد السلام المسماري عندما أطلق مجهولون النار عليه لدى خروجه من المسجد عقب صلاة الجمعة بمدينة بنغازي بشرق ليبيا.

ومن المتوقع أن يثير اغتيال المسماري ردود فعل شعبية ورسمية غاضبة، وخاصة أنه كان المنسق العام لائتلاف ثورة 17 فبراير (شباط) الذي اعتبر بمثابة القوة المؤسسة للانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي قبل نحو عامين.

وشهدت مدينة بنغازي التي تعتبر ثاني كبريات المدن الليبية ومهد الانتفاضة الشعبية ومعقل الثوار ضد القذافي في الآونة الأخيرة سلسلة من عمليات الاغتيال التي شملت مسؤولين أمنيين وعسكريين، لكن اغتيال المسماري يعتبر أول حالة لناشط سياسي مدني.

وجاء مصرع المسماري بعد ساعات من اغتيال مجموعة دينية متشددة متهمة بتهريب أسلحة من ليبيا للمعارض التونسي محمد البراهمي.

ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن مصرع المسماري الذي كانت آخر كلماته على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» يوم الأربعاء الماضي تمثل انتقادات لاذعة لجماعة الإخوان المسلمين، حيث تساءل إلى أين تريد جر البلاد هذه الجماعة غير الليبية؟! وهل تسيء إلى علاقات ليبيا الدولية، لا سيما مع دول الجوار لإرضاء خاطر المرشد العام وتابعه المعزول؟ وذلك على خلفية بيان مثير للجدل أصدره أعضاء إسلاميون في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) ينتقد التطورات السياسية الراهنة في مصر ويعتبر خلع الرئيس محمد مرسى بمثابة انقلاب على الديمقراطية.

وسعى المؤتمر إلى تفادي أزمة سياسية وإعلامية مع مصر، حيث كشفت مصادر ليبية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن رئيس المؤتمر نوري أبو سهمين أحبط محاولة من بعض أعضاء المؤتمر المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي لإصدار بيان رسمي باسم المؤتمر الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في ليبيا، لإدانة التطورات الأخيرة في مصر بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق محمد مرسي.

وقالت المصادر التي طلبت عدم تعريفها لـ«الشرق الأوسط» إن أبو سهمين رفض أيضا طلبا من أعضاء المؤتمر من الإخوان والسلفيين بتخصيص جلسة في المؤتمر لمناقشة الوضع الراهن في مصر.

ولاحقا عقد 35 عضوا من أعضاء المؤتمر من المحسوبين على «الإخوان» والسلفيين، اجتماعا مغلقا في أحد فنادق العاصمة الليبية طرابلس أصدروا في ختامه بيانا نددوا فيها بما حدث في مصر والذي وصفوه بأنه انقلاب عسكري على الديمقراطية والشرعية.

لكن عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر قال في بيان أصدره أمس، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن المؤتمر لم يصدر عنه أي إدانة أو استنكار وبأي شكل لما حدث في مصر، مشيرا إلى أن المؤتمر باعتباره أعلى سلطة في البلاد يحترم إرادة الشعب المصري ويعتبر ما حدث في مصر شأنا داخليا ينأى المؤتمر بنفسه عن التدخل فيه، وأنه لن يسير مسار النظام السابق والذي غالبا ما كان يزج بنفسه في شؤون الدول الداخلية.

وشدد على أن ليبيا الجديدة وانطلاقا من مبادئ ثورة 17 فبراير ستبني علاقاتها الدولية على أسس قانونية واحترام متبادل مع كل الدول، وخصوصا دول الجوار.

وأكد حميدان أن المؤتمر والشعب الليبي يدعمان استقرار مصر الشقيقة واستقلالها وأنهما يقفان إلى جانب الشعب المصري ويحترمان حقه في تقرير مصيره، معتبرا أنه وإن صدر عن بعض أعضاء المؤتمر أي تصريحات تخالف ذلك فهي لا تعبر إلا عن رأي أصحابها ولا علاقة لها بالمؤتمر المكون من 200 عضوا ممثلين عن الشعب الليبي بمختلف مكوناته وأطيافه.

من جهة أخرى، قال جون جونز المحامي البريطاني لسيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، إنه في حال تم نقل موكله من محبسه حاليا في مدينة الزنتان الغربية إلى العاصمة طرابلس، فإن ليبيا ستكون ملزمة بتسليمه إلى لاهاي دون تأخير.

وأكد جونز في رسالة وجهها إلى الدكتور أحمد الجهاني، محامي ليبيا أمام المحكمة الجنائية الدولية وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن هذا الإخلال سيمثل انتهاكا مباشرا لقرارات المحكمة ولالتزامات ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن 1970.

وأضاف جونز مخاطبا المسؤول الليبي: «يبدو أنكم قد أسأتم تفسير قرار المحكمة عمدا من أجل التلاعب بالرأي العام لصالحكم. ويعتبر ذلك إخلالا بواجباتكم المهنية أمام المحكمة وأمام الشعب الليبي».

وجاءت هذه الرسالة التي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشرها ردا على تصريحات أدلى بها ممثل ليبيا أمام المحكمة الجنائية الدكتور أحمد الجهاني، لقناة تلفزيونية ليبية، اعتبر خلالها أنه إذا تم نقل سيف الإسلام من الزنتان إلى طرابلس، ستنتهي علاقة المحكمة الجنائية الدولية في قضيته وستوافق المحكمة على محاكمته على الأراضي الليبية.

وكانت المحكمة قد قضت في نهاية شهر مايو (أيار) الماضي بأن الدولة الليبية لا تزال ملزمة بالامتثال لطلب تقديم نجل القذافي، ونقله إلى لاهاي فورا، علما بأن دائرة الاستئناف ردت في الثامن عشر من الشهر الحالي طلب ليبيا إيقاف هذا الالتزام إلى حين البت في الاستئناف الكامل بشأن المقبولية.