رئيس «مجتمع السلم» الجزائرية يستنكر استهداف حزبه من طرف «فاسدين في نظام الحكم» و«جحافل من المتطرفين»

مقري: طلبت من «الإنقاذ» عام 1992 تجنب التصعيد

TT

استنكر رئيس أكبر حزب إسلامي بالجزائر، محسوب تاريخيا على جماعة «الإخوان»، اتهامات وجهت له في سياق جدل محلي يثيره التشبيه بين تدخل الجيش في الجزائر لمنع زحف الإسلاميين إلى السلطة مطلع 1992، وعزل الرئيس المصري محمد مرسي. وقال إن «طائفتين» تريدان محو حزبه من الوجود.

وذكر عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» أمس في موقع الحزب الإلكتروني، وفي صفحته بـ«فيس بوك»، أن هناك طائفة تتكون من جحافل الفاسدين والمفسدين في نظام الحكم، وأتباعهم وأحلاسهم الذين يعرفون أنه لا يوجد في الطبقة السياسية حركة أقدر (من حزبه) على النمو والتطور والتكيف مع كل التحديات، وأكثر انتشارا في كامل التراب الوطني دون نفخ من خارجها، ومن دون دعم من غير رجالها ونسائها، وأقدر على جذب الشباب وإتاحة الفرص لهم، وأقدر على تحقيق الإصلاح والتغيير ولو بعد حين، وهذا لعمري مفسد ومفزع للفاسدين.

ولم يذكر مقري أي اسم من خصوم حزبه في السلطة، ولكنه يتحدث ضمنا عن مسؤولين في الجيش والمؤسسات المدنية، من ذوي الثقافة الفرانكفونية المعادين لكل ما يرمز للغة العربية وللأحزاب الإسلامية.

أما «الطائفة» الثانية التي هاجمها مقري، فهي «جحافل الفشل والغباء التي تتمسح على أعتاب التطرف من خلف الجدران، وهم أعجز من أن يعملوا شيئا لصالح الوطن والأمة، سوى أن ينصبوا أنفسهم قضاة على تاريخ الرجال والأبطال». ولم يوضح مقري أيضا من يقصد بكلامه، ولكن يفهم منه أنه موجه لقطاع من الإسلاميين يتهمون «حركة مجتمع السلم»، بأنها «هاجمت بشراسة الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر، بينما بقيت تتفرج على الانقلاب العسكري ضد الإسلاميين في الجزائر قبل 21 عاما، هذا إن لم تدعمه».

وجاء هذا الاتهام من أنصار «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» التي فازت في أول انتخابات برلمانية تعددية جرت في نهاية 1991، وكانت متوجهة نحو فوز ساحق في الدور الثاني مطلع العام الموالي، لكن قادة الجيش ألغوا نتائج الدور الأول، بدعوى أن الإسلاميين «يسعون إلى أفغنة البلاد»، وحلوا البرلمان وأرغموا الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة.

ودخلت بعدها الجزائر في دوامة عنف مدمر، ما زالت تعيش آثاره إلى اليوم. ويختلف الجزائريون في تحديد الجهة التي تتحمل مسؤولية ما حدث. فقطاع منهم يرى أن الجيش فتح أبواب جهنم على البلاد عندما تدخل في اللعبة السياسية، وانحاز للعلمانيين ضد الإسلاميين، فيما يرى قطاع آخر أن الإسلاميين يتحملون مسؤولية الدماء التي سالت (200 ألف قتيل)، لما حملوا السلاح ضد الدولة.

ودافع مقري على موقف «الحركة» من أزمة 1992، قائلا: «لقد كان صوتها واضحا في تحميل السلطة مسؤولية الأزمة، ولكنها في نفس الوقت طلبت من جبهة الإنقاذ تجنب التصعيد، كما فعلت بالضبط في الأزمة المصرية الآن. وحاولنا بجدية كبيرة الوصول لاتفاق مع الجبهة الإسلامية، من أجل تجنب ما يحاك ضدنا جميعا (كإسلاميين) ولكنهم كانوا ينظرون إلينا باستعلاء كبير ولا يقبلون أي تشاور. بل هددوا الجميع بشكل واضح بأنهم سيستعملون السلاح وقادتهم اليوم يعترفون بهذه الأخطاء الجسيمة». والشائع في أوساط «الإنقاذ» أن زعيم «الحركة» آنذاك الشيخ محفوظ نحناح زكى قرر منع «الجبهة» من الوصول إلى البرلمان، بعدما استشاره في ذلك ضابط كبير في المخابرات اسمه محمد سمراوي، وهو لاجئ سياسي حاليا في أوروبا.

وأشار مقري إلى أنه سينشر تقريرا، دون تحديد موعد لذلك، وصفه بـ«التاريخي» يتناول خمسة لقاءات جرت بين قيادة «الحركة» والقيادي في «الإنقاذ» عبد القادر حشاني (قتل)، لـ«تنبيه الجبهة إلى المخاطر التي كانت تهدد الحركة الإسلامية، والجزائر قبل وقوعها»، بحسب مقري الذي كان آنذاك قياديا في حزب تحت إشراف نحناح، ممثل جماعة الإخوان في الجزائر في تلك الفترة، وإن كان جزء من الإسلاميين يرون أن ممثلهم كان الشيخ عبد الله جاب الله، الذي يوصف بـ«زعيم التيار الإسلامي المتشدد».