لبنان: «حزب الله» وحلفاؤه يوحدون قرارهم بشأن الحكومة.. على أساس «المشاركة معا أو الخروج معا»

قوى «14 آذار» تدعوه للعودة إلى «الشرعية» والحوار بشأن سلاحه

سيارة تمر قرب علامة وضعت على جانب الطريق تحث على وقف استخدام السلاح في مدخل بيروت الشمالي أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن حزب الله اللبناني على لسان رئيس كتلته النائب محمد رعد أنه اتفق مع حلفائه على «المشاركة معا في الحكومة، أو الخروج منها معا»، في موقف يتناقض مع ما سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري وقوى تكتل «8 آذار» أن أعلنته لجهة فض هذا التحالف، ومن ثم إبلاغ رئيس الحكومة المكلف تمام سلام أن التفاوض معه سيكون منفصلا، بين الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) من جهة، وتكتل التغيير والإصلاح، الذي يرأسه النائب ميشال عون، من جهة أخرى.

جاء موقف رعد في موازاة مواقف من أحزاب في قوى «14 آذار» تطالب بعودة حزب الله إلى «الشرعية»، واعتبارها أن قرار الاتحاد الأوروبي بوضع «الحزب» على لائحة الإرهاب سينعكس سلبا على لبنان.

الشرط القديم الجديد الذي أعلن عنه رعد، لم تجد فيه مصادر الرئيس المكلف تطورا جديدا، واصفة الوضع الحكومي اليوم بأنه كان معقدا، وبات أكثر تعقيدا. كذلك استبعدت هذه المصادر حدوث أي أمر مفاجئ في هذا الإطار قبل عيد الفطر المبارك، وقالت لـ«الشرق الأوسط» أن كلام رعد «يتناقض مع ما سبق أن أعلنه فريق 8 آذار. وبالتالي يشكل دليلا على أن هذا التحالف ما زال موجودا، وبالتالي أن ما أعلن في وقت سابق ليس إلا تغييرا في الشكل، إذ بعدما كانت المطالب بالثلث المعطل (بالجملة)، أصبحت اليوم (في المفرق) أي (القطاعي)، بأكثر منه أي بعشرة وزراء».

وتعليقا على ما أعلنه رعد، اعتبر النائب حكمت ديب، من «تكتل التغيير والإصلاح» العوني، أنه لا شيء جديدا في هذا الأمر، «لا سيما أن أطراف 8 آذار، وإن كان هناك بعض الاختلافات فيما بينها، فقد سبق لها أن أعلنت أن تحالفها الاستراتيجي مستمر، وهذا ما تنطبق عليه المباحثات بشأن الحكومة».

وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «كل فريق يتفاوض بمعزل عن الآخر، لكننا متوافقون على مبادئ أساسية توحد هذه القرارات، وأهمها حكومة الوحدة الوطنية والتمثيل الصحيح والعادل للطوائف والأحجام السياسية».

في المقابل، وفي حين يعمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على تكثيف جهوده على الخط الحكومي، وكان آخرها اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور بالرئيس المكلف سلام، صرح ظافر ناصر أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «نحن مع استنفاد كل الوسائل من أجل التوصل إلى حل، وعلى القوى اللبنانية أن تتنازل وتتواضع على قاعدة لا عزل أو إقصاء لأي طرف، وعدم التمسك بالثلث المعطل، لكن يبدو أنه وفي ظل تمسك كل فريق بمطالبه لا تزال المسألة لغاية اليوم مستعصية وليست سهلة». وأردف: «إن المطالبة بحكومة غير سياسية أمر غير واقعي، في ظل الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة».

وبالعودة إلى كلام رعد، فقد طالب رئيس كتلة حزب الله البرلمانية بـ«حكومة وطنية سياسية جامعة» لا لبس حول تركيبتها، وقال: «نريد المشاركة في هذه الحكومة إلى جانب كل أطياف ومكونات مجتمعنا اللبناني، لأن الدستور ينص على أن تتمثل الطوائف في الحكومات بصورة عادلة، أي بحسب حجمها التمثيلي في المجلس النيابي». وشدد على أنه «لن نقبل بأي حكومة تكون خارج هذا المعيار، بل نحن مصرون على المشاركة، لا لأننا نرغب في موقع وزاري، بل لأننا نريد أن نطمئن إلى أن أحدا لا يستطيع أن يتآمر علينا. ولذلك نحن نريد حقنا في المشاركة بالحكومة بحسب حجمنا التمثيلي في المجلس النيابي، ولقد اتفقنا مع حلفائنا بأن نشارك جميعا أو أن نخرج جميعا، أما الذين يريدون أن يشكلوا الحكومة على قياس نتائج رهاناتهم على ما يحدث من حولنا في سوريا أو في غيرها، فهذا يعني أنه لن تُشكّل حكومة في وقت قريب، بل ربما يحين موعد الاستحقاق الرئاسي وتكون البلاد بلا حكومة وفقا لهذا الرهان».

وأضاف رعد: «إننا ننصح هؤلاء بأن لا ينتظروا لأنهم سينتظرون طويلا، وسيعطلون مصالح العباد والبلاد كثيرا. ونتمنى أن يراجع الجميع حساباتهم وأن يعيدوا النظر في الضوابط التي وضعوها لتأليف الحكومة، لأن هذه الضوابط لا يمكن أن تخرج حكومة إلى حيز الوجود».

وردا على مواقف 14 آذار من قرار الاتحاد الأوروبي وانعكاساته على لبنان، ودعوتها حزب الله إلى الحوار حول السلاح، وصف رعد القرار بـ«الممارسة الإرهابية ضد خيارات شعبنا والتزاماته، لكي يثنيه عن الالتزام بها».

واستطرد: «لن يفلحوا في تحقيق هدفهم من هذه الممارسة، وسيضطرون عاجلا أم آجلا للعودة عن هذا القرار، وسيقفون بالصف من أجل أن يعيدوا تطوير العلاقات مع حزب الله المقاوم الذي يمثل كل الجهاد وكل العمل السياسي».

في المقابل، دعا الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل رئيس حزب الكتائب اللبنانية، إلى «توظيف القرار الأوروبي إيجابا في المسألة الداخلية، وليكن حافزا للبنان لكي يستفيد منه حتى ننطلق من جديد ونعود إلى (إعلان بعبدا) ونشكل حكومة حتى نتفادى الفراغ».

وأشار إلى أن «الدولة اللبنانية ضحية، وعليها التقيد بالقرار الأوروبي، لأن معارضتنا لأي قرار دولي بمثابة انتحار للبنان، فهناك مصالح يومية مع الاتحاد الأوروبي، وهناك قوات الطوارئ الدولية في الجنوب».

ومن جهة أخرى، قال الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري «نواجه اليوم مشكلة كبيرة اسمها حزب الله، الذي وصل إلى مكان بات فيه الحوار متعذرا، لأن معلمه موجود خارج لبنان»، مضيفا: «هذا الحزب يسبب لنا المشكلات مع كثير من الدول الصديقة، بدليل القرار الأخير الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي بوضعه على لائحة الإرهاب، وما يعنيه ذلك من تداعيات تصيب صورة البلد».

وأبدى الحريري أسفه «لإصرار البعض على ضرب صورة لبنان أمام العالم»، متابعا: «إنهم لن يستطيعوا أن يحققوا هذا الأمر، لأن علاقاتنا بالدول الصديقة ستبقى قوية، لا سيما أوروبا والدول العربية التي سنستمر ببناء أفضل العلاقات معها، كتيار المستقبل وكدولة لبنانية».

أما النائب في كتلة القوات أنطوان زهرا فقال أمس إن «مشروع حزب الله ليس لبنانيا، ولا إمرته ولا سلاحه ولا تطلعاته، ونتطلع إلى استردادهم إلى الولاء للبنان ولمشروع لبنان الدولة والوطن». وأضاف: «قبل أن يعودوا إلى هذا المشروع فلا هم منا ولا نحن منهم، ونحن نسعى لإقناعهم بالعودة عن هذه المغامرة وبالتخلي عن السلاح للدولة، والتخلي عن توريط لبنان واللبنانيين فيما لا شأن لهم به، وقد وافقنا على إعلان شاركوا في وضعه (إعلان بعبدا) للنأي بلبنان عن أحداث سوريا، مع تأكيدنا على حقوق الشعوب العربية في تحقيق الربيع العربي الذي يحاول محور إيران تحويله إلى صراع مذهبي».

ورأى زهرا أن الحزب في محاولته تبرير أصوليته وانتمائه إلى مشروع «الولي الفقيه يحاول تخويف الناس من الأصوليات الأخرى لكي يتبين في النتيجة أنهما (حزب الله والأصوليين التكفيريين) وجهان لعملة واحدة يبرر كل منهما الآخر ووجوده».