الماليون يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيار رئيس من 28 مرشحا

250 مراقبا دوليا لمتابعة الانتخابات.. و4600 عنصر أمن في العاصمة وحدها

ماليون يجلسون خارج مركز للاقتراع في منطقة كيدال في انتخابات مالي أمس (أ.ب)
TT

يستعد أكثر من ستة ملايين ناخب مالي، للتوجه فجر اليوم إلى صناديق الاقتراع من أجل اختيار رئيس من بين 28 مرشحا، أنهوا للتو ثلاثة أسابيع من الحملات الدعائية تشهد عليها شوارع باماكو، حيث علقت صور المرشحين وملصقات وشعارات الأحزاب والكتل السياسية المتنافسة؛ بينما لا يزال الهاجس الأمني حاضرا بقوة خاصة في المناطق الشمالية من البلاد، حيث كانت إلى وقت قريب تنشط جماعات إسلامية مسلحة.

وفي باماكو، يبدو الوضع أكثر استقرارا، ولكن ذلك لم يمنع السلطات الأمنية من تعبئة أكثر من 4600 عنصر أمن، مهمتهم الوحيدة هي تأمين الانتخابات في العاصمة وحدها؛ وحسب ما أكده مصدر أمني مالي لـ«الشرق الأوسط» فإن السلطات الأمنية المالية حركت في باماكو وحدها أكثر من 4600 عنصر من الشرطة، والحرس الوطني، والدرك الوطني، إضافة إلى الحماية المدنية وقوات الأمن الخاصة.

وأضاف نفس المصدر الأمني أن هذه القوة الأمنية تتوزع ما بين عناصر مهمتها تأمين مكاتب التصويت، وعناصر أخرى تقوم بدوريات متنقلة في شوارع العاصمة؛ إضافة إلى مئات العناصر تمت تعبئتها داخل الثكنات للتدخل في الحالات الخاصة والطارئة؛ وقد تلقت هذه العناصر تعليمات واضحة وصريحة بعدم الإفراط في استخدام القوة في مواجهة أي متظاهرين محتملين، وفق المصدر الأمني.

أما المدن الكبرى شمال البلاد، كيدال وغاو وتمبكتو؛ فمهمة تأمين الانتخابات الرئاسية فيها تقع على عاتق قوات حفظ السلام الأممية والجيش الفرنسي، إضافة إلى كتائب من الجيش المالي.

على صعيد آخر، وصل إلى مالي 250 مراقبا دوليا لمتابعة الانتخابات الرئاسية، وذلك في ظل اهتمام دولي كبير، حيث التقى الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري، بقصره الرئاسي في باماكو المعروف بـ(كولوبا)، عددا من رؤساء بعثات مراقبي الانتخابات يتقدمهم رئيس بعثة مراقبي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والاتحاد الأفريقي؛ إضافة إلى السنغالي عليون تين، عضو اللقاء الأفريقي لحقوق الإنسان.

رئيس بعثة مراقبي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ورئيس غانا السابق، جون أغيكوم كوفور، خلال لقائه الرئيس المالي بالوكالة، أكد ثقته بانسيابية اقتراع اليوم، بينما كانت بعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي قد عقدت مؤتمرا صحافيا منذ أيام عبرت فيه عن قلقها من وقوع عمليات تزوير قد تهدد مصداقية الانتخابات الرئاسية.

وفي هذه الأثناء، كانت بعض الأحزاب السياسية في مالي قد أشارت إلى أن قرابة مليوني بطاقة ناخب تم صنعها في مالي؛ وقد بقي أغلبها من دون معلومات أو صور؛ وذلك ما جعل هذه الأحزاب تتهم السلطات القائمة بالتحضير لما سمته «انقلابا عن طريق صناديق الاقتراع»، على حد تعبيرها.

بالإضافة إلى التحدي الأمني والتزوير اللذين على السلطات المالية مواجهتهما، إلا أن مراقبين يرون أن خطرا آخر يتهدد هذه الانتخابات يتمثل في ضعف الإدارة والكادر البشري المشرف عليها، حيث أشارت هذه المصادر إلى أن هذا الضعف وعدم الفعالية نتج عنهما أن مئات آلاف من بطاقات الناخب لم تصل إلى أصحابها، وخاصة على مستوى اللاجئين والنازحين.

وتشير الإحصاءات شبه الرسمية إلى أن أكثر من 400 ألف مواطن مالي تركوا منازلهم منذ اندلاع التمرد في شمال البلاد والإطاحة بنظام الرئيس السابق أمادو توماني توري في انقلاب عسكري مارس (آذار) 2012، ويتوزعون حاليا على مخيمات خارج البلاد في موريتانيا والجزائر والنيجر وبوركينا فاسو؛ إضافة إلى نزوح بعضهم إلى مدن وبلدات داخل البلاد.

وفي هذه الأثناء، أكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن بعثات من الحكومة المالية مرفقة ببعثة حكومية موريتانية وبعض الهيئات الدولية، أشرفت في مخيمات اللاجئين الماليين شرق موريتانيا، على توزيع بطاقات الناخب، بينما سحب اللاجئون من العرب والطوارق بطاقاتهم وهم لا ينوون التصويت، وفق ما أكده مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة العربية الأزوادية محمد مولود رمضان.

مولود رمضان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أكد أن الحركة العربية الأزوادية غير معنية بالانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أنهم تعهدوا خلال مفاوضات واغادوغو بعدم عرقلة هذه الانتخابات حتى ينتخب رئيس لدولة مالي، يقع على عاتقه الشروع في المفاوضات للتوصل إلى سلام في شمال البلاد؛ وأكد أن أيا من المرشحين لم يتقدم ببرنامج انتخابي يتضمن حلا جذريا لأزمة أزواد، وبالتالي فلا يمكن أن يتوقع أحد أن نصوت لواحد من هؤلاء، وفق قوله.

على صعيد آخر، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يوم أمس، جميع الماليين إلى الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة، معتبرا أنها خطوة حيوية لاستعادة النظام الدستوري في البلاد التي مزقتها الأزمة، كما أكد أهمية ضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان: «يكرر الأمين العام دعوته لإجراء عملية سلمية، وذات مصداقية، وشفافة تتماشى مع تطلعات شعب مالي؛ كما يدعو جميع الأطراف المعنية إلى ضمان أن تجري العملية الانتخابية بطريقة منظمة».