ليبيا: زيدان يهدد باستقالة حكومته وتحالفه الرئيسي يلوح بالانسحاب منها

متظاهرون يهاجمون مقار أحزاب وفرار سجناء وبعثات أجنبية تغلق أبوابها

محتجون ليبيون أمام أحد مراكز تحالف القوى الوطنية أمس في طرابلس (رويترز)
TT

تسارعت وتيرة الأحداث السياسية في ليبيا على نحو مفاجئ بعدما تصاعدت عمليات اغتيال ناشطين سياسيين ومسؤولين عسكريين على نحو غير مسبوق، مما دفع رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور علي زيدان إلى التلويح باستقالة حكومته، كما لوح تحالفه الرئيسي في البرلمان بالانسحاب منها، في وقت هاجم فيه ناشطون ومتظاهرون عددا من المقرات التابعة لبعض الأحزاب في عدة مدن ليبية، على رأسها أحزب تابعة لجماعة الإخوان المسلمين الليبية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن عددا من السفراء الأجانب المعتمدين في العاصمة الليبية طرابلس قد غادروها أمس عائدين إلى بلادهم في مؤشر على توقعاتهم بتدهور الوضع الأمني والسياسي في القريب العاجل.

وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن ديبورا كيه. جونز، السفيرة الأميركية التي عينت حديثا في ليبيا قد غادرت أمس من دون إعلان رسمي، فيما أغلقت السفارة المالطية في العاصمة طرابلس أيضا أبوابها على الرغم من كونها المنفذ الوحيد أمام الليبيين للحصول على تأشيرات الشنغن لزيارة دول الاتحاد الأوروبي.

وشيعت أمس جنازة الناشط والحقوقي الليبي المعروف عبد السلام المسماري الذي قتل أول من أمس برصاص أطلقه مجهولون لدى مغادرته المسجد عقب صلاة الجمعة بمدينة بنغازي التي تعتبر معقل الثوار ومهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

واستبق متظاهرون غاضبون لمصرع المسماري جنازته بمهاجمة مقرات تابعة لحزب العدالة والبناء (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) وأيضا تحالف القوى الوطنية وهما أكبر الأحزاب المهيمنة على غالبية مقاعد المؤتمر الوطني العام (البرلمان).

كما فر مئات السجناء من سجن الكويفية في بنغازي، حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة أن نحو 1200 سجين فروا من سجن الكويفية مشيرا إلى أن القوات الأمنية تمكنت من القبض على بعضهم.

وقال أعضاء بالمؤتمر الوطني عن مدينة بنغازي إنهم وجهوا دعوة إلى كل من رئيس الوزراء ووزير الداخلية ومدير جهاز المخابرات الليبية للمساءلة الأسبوع القادم بخصوص حوادث الاغتيالات التي شهدتها المدينة.

ومن جانبه كشف زيدان في بيان صحافي عقده مساء أول من أمس عن اتخاذ المؤتمر الوطني والحكومة لكل الإجراءات اللازمة من أجل الوصول إلى الجناة مرتكبي عمليات العنف مطالبا المواطنين بالتحلي بالصبر والاحتكام إلى التعقل وعدم الخضوع للغضب والحماس المتأجج.

وأكد زيدان أن انتشار السلاح خارج إطار الجيش والشرطة، وخارج إطار القوى النظامية بحجة الثورة أو بحجة الحفاظ عليها مهدد للوطن ومهدد للجميع. وقال: «إذا خرج السلاح عن إطاره القانوني الذي تعارفت عليه الأمم وهو الجيش والشرطة سيكون فتاكا وسيفتك بمن يعتقد أن السلاح سيحميه، السلاح موجود عند الناس (الذين) نهبوه من مخازن النظام المنتهي، ونهبوه من مخازن تكونت أثناء الثورة واحتفظوا به، والقول بأن الدولة مقصرة في حفظ الأمن فيه كثير من التجني».

وأوضح أن الدولة لا تريد أن تكون في مواجهة مع مواطنيها تنتهي إلى اقتتال لا تحمد عقباه، محذرا من أن تأجيج المواقف في هذه الظروف أمر قد يؤدي إلى مهالك نحن في غنى عنها.

وتابع زيدان قائلا: «الحكومة ليست حريصة على البقاء في هذا الموقع بحال من الأحوال، والمؤتمر الوطني ضمانة مشروعة جاءت عبر الانتخاب والتفريط بها في غمرة انفعالات قد لا تكون واعية بما ستقوم به قد يؤدي بالبلاد إلى مهاوي لا تحمد عقباها».

وطالب زيدان الجميع بالتعقل، لافتا إلى أن الاستهداف هو استهداف لليبيا، واستهداف للشعب ومخطط له سواء من العناصر التي تريد أن تختطف ليبيا وتستفرد بها، أو من عناصر النظام أو من قوى أخرى تريد لليبيا أن لا تخرج من هذا المأزق وألا تنتصر (أو) تعود لها عافيتها.

وعلى الرغم من هذا البيان، فقد هدد تحالف القوى الوطنية، الذي كان يقوده في السابق الدكتور محمود جبريل، بأنه سينسحب من حكومة زيدان التي تشكلت المرة الأولى في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذا لم تظهر للشعب الليبي حقيقة من يقف وراء هذه الاغتيالات التي طالت عشرات الضباط من الجيش والشرطة وكثيرا من الشخصيات الحقوقية.

وقال التحالف في بيان أمس إنه «يمهل الحكومة مدة ثلاثة أيام لإظهار الحقائق وإلا فإن الكتلة الوزارية لتحالف القوى الوطنية سوف تنسحب نهائيا من الحكومة».

من جهته استنكر بشير الكبتي المراقب (المرشد) العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا إطلاق بعض الشخصيات السياسية لتصريحات إعلامية عند حدوث الأزمات أو عمليات الاغتيال تزج فيها بجماعة الإخوان الليبية وتتهمها بشكل مباشر نتيجة خلافاتها معهم.

ونقل موقع المنارة الإلكتروني المستقل، عن الكبتي، أنه يطمئن الجميع أن جماعة الإخوان المسلمين الليبية ليس من منهجها القتل والاغتيال، وهي تستنكر وتندد بمثل هذه الحوادث، وتحث على اللجوء إلى القضاء ليكون فيصلا وحكما بين الأفراد ومحاسبة المقصرين والمتآمرين على الدولة وأجهزتها.