كوريا الشمالية تعرض قوتها الدفاعية في الذكرى الستين للهدنة

عرض عسكري تاريخي شمل صواريخ بعيدة المدى ومدفعيات وتحليق طائرات

محاربون قدامى يرددون شعارات تشيد بكيم جونغ - أون خلال الاحتفال بذكرى الهدنة في بيونغ يانغ أمس (رويترز)
TT

بعد ستين عاما على انتهاء الحرب الكورية، نظم النظام الكوري الشمالي أمس أضخم عرض عسكري في تاريخ البلاد شمل عرض صواريخ بعيدة المدى بحضور الزعيم كيم جونغ - أون ووسائل الإعلام الدولية التي دعيت خصيصا لحضور الاحتفال.

مرت الصواريخ بعيدة المدى التي وضعت على منصات مقطورة في ساحة كيم إيل - سونغ الواسعة في بيونغ يانغ والمزينة بالأعلام بينما هتف آلاف الجنود والحضور عند ظهور الزعيم الكوري الشمالي على المنصة «لنحم كيم جونغ - أون طوال حياتنا». وعرضت صواريخ أخرى ودبابات وقاذفات صواريخ متعددة ومدفعيات في الساحة فيما حلقت طائرات حربية ومروحيات فوق سمائها الملبدة بالغيوم. وقالت كوريا الشمالية إنه أضخم عرض عسكري ينظم في تاريخ البلاد.

وأدى العسكريون التحية العسكرية لكيم جونغ - أون خلال توجهه إلى المنصة على وقع مقطوعات موسيقية عسكرية. وفي السماء الملبدة بالغيوم انتشرت رايات كبيرة وبالونات فيما ازدانت الساحة بالإعلام الكورية الشمالية. وأنشد الجنود «لنحارب، لنحارب، لنحارب من أجل جمهوريتنا». وطلت على الساحة صورتان عملاقتان لكيم ايل - سونغ ونجله كيم جونغ - ايل والد كيم جونغ - أون تزينان واجهة القصر الملكي الكبير لدراسات الشعب. وكان كثيرون يترقبون خطابا لكيم جونغ أون أمس لكن بعد ساعتين من العرض كان لم يتحدث بعد.

وانضم إلى الزعيم الكوري الشمالي نائب الرئيس الصيني لي يوان تشاو على المنصة التي تشرف على ميدان كيم إيل - سونغ الرئيس، وشوهد كيم جونغ أون يتحدث إلى ضيفه الصيني من خلال مترجم فوري لكنه لم يدل بتصريحات علنية. وقال تشوي ريونغ - هاي المساعد العسكري الرئيس لكيم والقائد السياسي للجيش الكوري الشمالي الذي يبلغ عدد جنوده 1.2 مليون جندي إن كوريا الشمالية تعتبر السلام الأولوية الوطنية الأولى وإن جيشها وظيفته حماية كوريا الشمالية من الاحتلال. وكانت تصريحات تشوي معتدلة النبرة وخلت من الخطاب العدائي المعتاد في التصريحات العامة في كوريا الشمالية كما لم يذكر برامج الأسلحة النووية لبلاده ولم يذكر الولايات المتحدة كعدو رئيس لبلاده.

يذكر أن الهدنة الموقعة في 27 يوليو (تموز) 1953 أنهت المعارك الدامية التي استمرت ثلاثة أعوام في شبه الجزيرة الكورية التي شطرت بعد ذلك إلى شمال شيوعي متحالف مع بكين وموسكو وجنوب رأسمالي قريب من واشنطن.

ويُعتقد أن العرض العسكري الذي نظم في بيونغ يانغ أمس جرت متابعته بانتباه في الخارج لمعرفة ما إذا كانت كوريا الشمالية حققت كما تدعي تقدما ملموسا في برنامجها لتطوير الصواريخ البالستية. ويعود آخر عرض عسكري كبير في بيونغ يانغ إلى 15 أبريل (نيسان) من العام الماضي في ذكرى مرور مائة عام لولادة مؤسس الجمهورية الديمقراطية الشعبية لكوريا كيم إيل سونغ.

وتتزامن ذكرى مرور ستين سنة على توقيع الهدنة في وقت تسعى فيه الكوريتان إلى تهدئة دائمة للتوترات التي برزت بعد عملية إطلاق ناجحة لصاروخ (اعتبرته سيول تجربة صاروخ عابر للقارات) في تجربة نووية جديدة، وتهديدات متكررة بتوجيه ضربات ضد أعدائها. وفي خضم هذه التوترات أعلنت كوريا الشمالية في مارس (آذار) الماضي من جانب واحد قطع الهدنة الموقعة تحت إشراف الأمم المتحدة، وأنها لم تعد تشعر بأنها مرتبطة بها. لكن سيول رفضت على الدوم ما تعتبره ادعاءات لا أهمية لها.

وأثناء الحرب الكورية (1950 - 1953) أرسلت الصين مئات آلاف الجنود إلى شبه الجزيرة لتكرس علاقات بين البلدين وصفها ماو تسي تونغ بأنها «قريبة مثل قرب الشفتين من الأسنان». لكن هذه العلاقات سجلت بعض التشنج في الأشهر الأخيرة. فقد اعتمد الرئيس الصيني الجديد شي جينبينغ المولود قبل شهر من هدنة 1953 لهجة قاسية على غير عادة، بإعلانه في أبريل الماضي أنه لن يتهاون مطلقا مع الذين «يتسببون بالفوضى لغايات أنانية». وقال لي يوان تشاو لكيم جونغ - أون بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة إن الصين ستعمل على استئناف المحادثات حول نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.

وفي المقابل كانت الاحتفالات بذكرى الهدنة أمس أقل أبهة في كوريا الجنوبية. وبهذه المناسبة، جددت الرئيسة بارك غيون - هاي دعوتها لكوريا الشمالية بالتخلي عن طموحاتها النووية. وقالت «إذا اعتمدت الشمالية الخيار الصائب فسنطور مبادلاتنا وتعاوننا وسنفتح الطريق لتحقيق الازدهار في الشمالية والجنوبية».