الحكومة العراقية ترفض تصريحات للجربا عن «تواطئها» في هروب سجناء «القاعدة» إلى سوريا

المالكي يحيل مسؤولين كبارا في وزارتي العدل والداخلية إلى القضاء

TT

رفض علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، تصريحات أدلى بها أحمد الجربا، رئيس الائتلاف السوري المعارض، عبر فيها عن شكوك حول تواطؤ حكومة المالكي في هروب المئات من عناصر «القاعدة» من سجنين قرب بغداد الأسبوع الماضي ووصولهم إلى سوريا.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» دعا الموسوي رئيس الائتلاف السوري المعارض إلى أن «يركز على الشأن السوري الداخلي لأن هناك مأساة حقيقية ومتراكمة في سوريا وأن عليه أن يعمل على كسب الأصدقاء وليس الأعداء». وأضاف الموسوي أنه «في الوقت الذي كان فيه العراق يصنف هؤلاء ومنذ البداية على أنهم إرهابيون ويشكلون خطرا على المنطقة كان السيد الجربا وغيره يعتبرونهم ثوارا ويدعمونهم»، مشيرا إلى أن «المالكي كان قد شخص منذ البداية حقيقة هذه العناصر الإرهابية وحذر منهم بشدة في وقت مبكر».

وأوضح الموسوي أن «المالكي أمر بمحاسبة عدد كبير من المسؤولين عن عملية هروب السجناء وأن التحقيق لا يزال جاريا وبالتالي فإنه من غير الصحيح إطلاق التهم الجاهزة علما بأن هؤلاء لا يزالون يشكلون خطرا على الأمن الوطني العراقي مثلما يشكلون خطرا على الأمن في سوريا ولبنان والأردن وغيرها».

وكان الجربا أعرب في سياق مقابلة مع «العربية» عن شكوكه في «تورط» و«تواطؤ» حكومة المالكي في هروب السجناء، واصفا موقف الحكومة العراقية من الثورة السورية بـ«المخزي».

في غضون ذلك، أعلنت الحكومة العراقية عن اتخاذها مجموعة من الإجراءات العقابية ضد عدد من كبار المسؤولين في وزارتي العدل والداخلية المسؤولين بشكل مباشر عن سجني «الحوت» في التاجي و«أبو غريب» غربي بغداد إثر هروب أكثر من 500 سجين من تنظيم القاعدة. وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء إن المالكي «اجتمع باللجنة الخاصة بموضوع هروب السجناء من سجن أبو غريب»، وإنه وجه «بحجز عدد من الضباط الذين أثبت التحقيق الأولي تقصيرهم في أداء واجبهم، وإحالة الملف إلى القضاء، ومنهم رئيس أركان الفرقة الرابعة شرطة اتحادية، وآمر فوج الشرطة الاتحادية المكلف بحماية السجن، ومعاونه، وأفراد استخبارات الشرطة الموجودون داخل السجن، وعناصر الشرطة الاتحادية المكلفون بحماية السجن أثناء الحادث، إضافة إلى طرد مدير عام دائرة السجون وإحالته إلى القضاء».

وأضاف البيان أنه «بعد الاستماع إلى تقرير اللجنة وإفادات عدد من الضباط المسؤولين عن حماية السجن من الداخل والخارج، أكد دولة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة أن جريمة هروب السجناء أمر خطير يجب أن يحاسب عليها كل من يثبت عليه التقصير أو أية درجة من درجات التهاون أو التواطؤ في هذا الملف».

وأكد البيان أن «التحقيق في مؤشراته الأولية أشار إلى تقصير وخلل واضح في إدارة السجن وتمكن نزلائه من التواصل مع الخارج عن طريق الهواتف النقالة أو بأساليب أخرى، إضافة إلى تراخي الرقابة وعدم اتخاذ إجراءات الحماية اللازمة رغم الإبلاغ عن احتمال حصول مثل هذا الحادث من قبل الجهات المختصة». وأوضح أن رئيس الوزراء أوصى «بمتابعة التحقيق لكشف جميع ملابسات الحادث وتقديم المتهمين إلى القضاء».

وفي وقت أعلنت فيه وزارة الداخلية أنها تمكنت من اعتقال عشرات الفارين من سجن «أبو غريب» وإعادتهم إلى السجن، كشف عضو في البرلمان العراقي عن القائمة العراقية، ينتمي إلى مناطق حزام بغداد التي تشهد حصارا منذ نحو أسبوع على خلفية هروب السجناء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الجيش تعامل مع الهاربين الذين كان يلاحقهم بقتلهم وليس الإمساك بهم». وقال الدكتور طلال حسين الزوبعي إن «الأسلوب الذي تعاملت به القطعات العسكرية مع الهاربين ممن كان بالإمكان اعتقالهم وإعادتهم إلى السجن ثانية والتحقيق معهم أو تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم أيا كانت بما فيها الإعدام، كان في الواقع أسلوبا همجيا؛ إذ قتلت أعدادا منهم، وهو أمر مخالف لكل القيم والشرائع، مهما كان نوع الجرم الذي قام به، وهو ما يعني أن هناك أسلوبا ثأريا في التعامل مع الموضوع، وليس مهنيا».

وفي وقت رفضت فيه وزارة الداخلية الدعوة التي وجهها القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي صدر الدين القبانجي بتسليم الملف الأمني إلى «منظمة بدر» مؤكدة أن «الخروق لا تبرر الاعتماد على المنظمة في إدارة الملف الأمني لبلد بحجم العراق، ودعت إلى حصر السلاح بيد الدولة»، فقد دعا أمين عام «منظمة بدر»، وزير النقل هادي العامري، إلى تغيير الآلية العسكرية بالكامل. واعتبر العامري في تصريحات أمس أن «انتشار الجيش داخل بغداد خطأ استراتيجي ولا بد أن يخرج من العاصمة، ويمسك بأطرافها، يقوم بإنشاء طوق حولها، والعمل على إخلائها من الإرهابيين».

وأضاف أن «من الخطأ أن يعتقد أن الملف الأمني هو ملف إجراءات أمنية عسكرية صرفة، وإنما هو حزمة من الإجراءات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، فإذا توحد الشعب العراقي وأصبح قاعدة واحدة ترفض الإرهاب قطعا، فلن تبقى حاضنة واحدة له في العراق». وأوضح العامري أن «المشكلة تكمن في أن هناك مناطق تعتبر حواضن للإرهاب، لذا فهي تحتاج إلى إجراءات اجتماعية ولحمة وطنية، حيث يكون هناك ميثاق شرف بين العشائر يعتبر بموجبه كل من يؤوي إرهابيا شريكا له، كما أن على السياسيين جميعا الاتفاق على حرمة الدم العراقي والوقوف صفا واحدا بوجه الإرهاب».