الرئاسة المصرية تستبعد فرض الطوارئ والسلطات تحذر من اقتحام المنشآت

القبض على رئيس حزب الوسط ونائبه.. والنيابة تحقق مع 174 متهما

مشاة يتحركون بين سواتر حجرية أقامها مؤيدون للرئيس السابق محمد مرسي على أحد الطرق الرئيسة المجاورة لمقر اعتصامهم في ميدان رابعة العدوية شرق القاهرة (أ.ب)
TT

استبعدت الرئاسة المصرية أمس فرض حالة الطوارئ في البلاد التي تشهد اضطرابا أمنيا وهجمات مسلحة في سيناء ومناطق أخرى مع استمرار احتلال جماعة الإخوان لعدد من الساحات في القاهرة مع تلويح بالتصعيد ضد منشآت الدولة، وبينما ردت السلطات بالتحذير من مغبة اقتحام منشآت الدولة، ألقت فجر أمس القبض على اثنين من كبار القيادات الداعمة لجماعة الإخوان، وهما أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط ونائبه عصام سلطان، وبدأت النيابة التحقق معهما في سجن طرة جنوب القاهرة، بالتزامن مع استمرار التحقيقات مع نحو 174 متهما في أحداث عنف متفرقة.

وجددت الرئاسة المصرية أمس الإعراب عن أسفها لوقوع ضحايا في أحداث المنصة، التي سقط فيها أكثر من 70 قتيلا عندما حاول أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بناء حواجز على كوبري السادس من أكتوبر الرئيس في القاهرة. وأكدت الرئاسة أمس أنه لا توجد نية لفرض حالة الطوارئ في البلاد. وقال أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس المصري، إن «رئاسة الجمهورية تعرب عن أسفها عن وقوع ضحايا في أحداث المنصة وطريق النصر، وتعزي أسر الضحايا، ولا نعتبر أن هناك فريقا وفريقا آخر، والأمر أمام النيابة والقضاء».

وأضاف، في مؤتمر صحافي أمس بقصر الاتحادية الرئاسي، أن الصلاحيات التي فوضها الرئيس لرئيس الوزراء بشأن قانون الطوارئ جاءت في هذا السياق، ولكن منح تلك الاختصاصات الخاصة بالطوارئ لا يعني فرض أو إعلان الطوارئ.

وقال الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحافي بمقر الحكومة تعليقا على احتمالية إعلان حالة الطوارئ في ظل الأحداث الحالية: «لا نستبق الأحداث.. فنحن نريد أن يستمر القانون، واللجوء لفرض الطوارئ له حالات استثنائية. ونحن حريصون على أن تحكم مصر بدولة القانون».

وعلي صعيد الموقف الميداني نظم مؤيدو «الإخوان» عدة مسيرات في القاهرة وعدد من المحافظات، نددت بما سمته الانقلاب العسكري ضد الرئيس المعزول وطالبت بعودته للرئاسة، بينما حذرت وزارة الداخلية من أي محاولة لاقتحام منشآت الدولة. وأكدت الوزارة أن هناك معلومات توافرت لديها عن اعتزام عدد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين المعتصمين بمنطقة رابعة العدوية شرق القاهرة اقتحام قاعة المؤتمرات بمدينة نصر.

وشددت الوزارة في بيان لها أمس على خطورة الإقدام على مثل تلك التصرفات أو أي محاولات للتعدي على منشآت الدولة، وأكدت أن الأجهزة الأمنية ستتصدى بكل القوة والحسم لتلك المحاولات، ولن تسمح بمثل تلك الممارسات التي تعد انتهاكا لسيادة الدولة، وتهديدا لمصالح الشعب.

وألقت طائرات مروحية تابعة للقوات المسلحة فجر أمس بيانا على المعتصمين بميدان رابعة العدوية بمدينة نصر، من مؤيدي الرئيس المعزول، ناشدتهم فيه عدم الاقتراب من المنشآت والوحدات العسكرية أو حرق ممتلكات أو مرافق أو تعطيل سبل الحياة.

وأضاف البيان: «أن قواتكم المسلحة تعمل جادة وجاهدة لمنع ذلك عنك وعن غيرك، فنناشدك ألا تقترب من منشأة أو وحدة عسكرية.. فساعدنا للحفاظ على سلامتك.. ولا تجعل أحدا يدفعك غضبا للعنف أو التخريب دون دواع فصوتك يكفي».

وأفادت الداخلية في بيان لها أن 25 من رجال الشرطة قتلوا وأصيب 480 آخرون منذ الأحداث التي صاحبت عزل مرسي. بينما قالت وزارة الصحة إن حصيلة الاشتباكات التي اندلعت يوم أول من أمس (الأحد) في مدينة بورسعيد بين مؤيدين للرئيس المعزول وبعض الأهالي في المدينة بلغت 3 قتلى و30 مصابا.

وفي سيق متصل صرح مصدر أمني بوزارة الداخلية بأن إجمالي عدد «الجثث المنقولة من منطقة رابعة العدوية وميدان النهضة وبها آثار تعذيب أدت إلى الوفاة بلغ 11 جثة». وأضاف المصدر، في بيان نشر على صفحة الوزارة على موقع «فيس بوك»، إن 6 جثث وجدت بميدان النهضة الذي يعتصم فيه أنصار لمرسي أيضا و5 بمحيط رابعة العدوية.

وتابع أن عدد المواطنين الذين تقدموا ببلاغات للأجهزة الأمنية للإبلاغ عن تعرضهم للتعذيب داخل ميداني النهضة ورابعة العدوية وصل إلى 10 مصابين، بينهم 3 في النهضة و7 في رابعة العدوية. واتهم المواطنون عناصر الجماعة بالتعدي عليهم.

وأضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية كشفت غموض واقعة العثور على ثلاث جثث مجهولة الهوية بها آثار تعذيب داخل قطعة أرض فضاء بمنطقة العمرانية بالجيزة، وتم ضبط أحد المتهمين، وهو من المنتمين لجماعة الإخوان، واعترف بأنه وآخرون من معتصمي ميدان النهضة بالجيزة اشتبهوا في المجني عليهم وسط المعتصمين، وتعدوا عليهم بالضرب في إحدى الخيام، ثم قاموا بالتخلص منهم بإلقائهم في المكان الذي تم العثور فيه على جثثهم.

وأمر المستشار محمد البشلاوي رئيس نيابة شرق القاهرة بحبس 72 متهما في أحداث منصة الجندي المجهول بمدينة نصر 15 يوما علي ذمة التحقيقات، وجدد طلب ضبط وإحضار الداعية الإسلامي صفوت حجازي. كما أمر بتسليم طفل مضبوط في الأحداث لذويه.

ووجهت النيابة للمتهمين تهم القتل والشروع في القتل بغرض الإرهاب والتجمهر بغرض تعطيل السلطات عن عملها وحرمان العاملين من حرية العمل وتخريب مباني وممتلكات واستعراض القوى بالعنف بغرض ترويع المواطنين. كما اتهمتهم باستعمال العنف مع أفراد الشرطة وحيازة متفجرات وأسلحة وذخيرة دون ترخيص وتخريب وإشعال النار في سور قاعة المؤتمرات وإتلاف ممتلكات خاصة.

وفي الإسكندرية قررت النيابة العامة حبس 92 شخصا أربعة أيام على ذمة التحقيقات، من المتهمين بأعمال عنف بمحيط مسجد القائد إبراهيم، ومكتبة الإسكندرية.

وكانت ساحة مسجد القائد إبراهيم قد شهدت اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس السابق، أسفرت عن مقتل 12 وإصابة أكثر من 180 آخرين، إضافة إلى إصابة 8 ضباط شرطة، و5 أفراد.. وتم ضبط 82 متهما وبحوزتهم عدد من العصي وبعض الأسلحة البيضاء وفوارغ خرطوش، وكرباج وكمية من القيود البلاستيكية، كما قررت النيابة العامة حبس 7 آخرين عقب اتهامهم بالاعتداء على مكتبة الإسكندرية.

وأدان حزب الوسط القبض على رئيسه أبو العلا ماضي ونائبه المحامي عصام سلطان ليلة أمس، مضيفا أنهما لم يرتكبا جرما. وقال مصدر أمني إنه تم القبض على أبو ماضي وسلطان بالمقطم، مشيرا إلى أنه تم ترحيلهما إلى منطقة سجون طرة واتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة حيالهما وإخطار النيابة العامة لتتولى التحقيق.

وأضاف المصدر أن تحريات فريق البحث أسفرت عن تحديد مكان اختباء ماضي وسلطان بأحد العقارات التي ما زالت تحت الإنشاء بمنطقة المقطم، وكان العقار مغلقا بسلسلة حديدية جنزير وعقب تقنين الإجراءات الأمنية اللازمة وبالاشتراك مع قطاع الأمن المركزي تمت مداهمة العقار وضبطهما وبحوزتهما مبالغ مالية كبيرة منها 30 ألف يورو و80 ألف جنيه.

ويواجه ماضي وسلطان تهم التحريض على العنف، وتمويل أعمال عنف وبلطجة وإرهاب المتظاهرين السلميين بميدان نهضة مصر بالجيزة ومحيط مكتب الإرشاد بالمقطم، وأمام دار الحرس الجمهوري، وأمام قصر الاتحادية الرئاسي. كما يواجهان تهما بالتجسس، بجانب اتهامهما بإهانة القضاة والتعدي بالسب والقذف على مستشاري مجلس الدولة.

وأظهر تسجيل فيديو مسرب للحظة القبض على أبو ماضي وسلطان، عملية مداهمة الشقة بواسطة عناصر مسلحة من الشرطة. وظهر أبو ماضي وسلطان وهما يرتديان قميصين مخططين، ويضعان ملابسهما ومتعلقاتهما في حقائب سفر قبل اقتيادهما إلى السجن. وبدا أن الشقة تعرضت لعملية تفتيش من جانب قوات الأمن أثناء القبض على الرجلين اللذين لمعا في الوسط السياسي المصري المحسوب على التيار الإسلامي وجماعة الإخوان عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011.