جنبلاط: حذاري من الوقوع في فخ «الإخوان»

استغرب كيف أصبحت فتاوى القرضاوي وبديع مرجعا

TT

شدد رئيس جبهة النضال الوطني النائب اللبناني وليد جنبلاط على أهمية «الحفاظ على مكتسبات الثورة المصرية الثانية التي استعاد فيها الشعب المصري زمام المبادرة رافضا الحكم الأحادي». وحذر من الوقوع في الفخ الذي ينصبه «الإخوان المسلمون» وهو سيلان المزيد من الدماء لأنه يكسبها الشرعية ويطيح بآمال جماهير ميدان التحرير التي عبرت عنها جبهة الإنقاذ وحركة «تمرد»، معتبرا أن ذلك «يحتم على القوات المسلحة التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وعدم الانجرار إلى ملعب العنف المدان من أي جهة أتى».

واتهم جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الإلكترونية الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه، جماعة «الإخوان» بـ«استغلال نتائج صناديق الاقتراع لإقصاء الآخرين وفرض سيطرتهم الأحادية». وتساءل: «ألم يسبق للنازية والفاشية أن استلمتا الحكم من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع، إلا أنهما قادا أوروبا والعالم إلى الدمار والخراب؟ ألم يسبق للأنظمة البعثية التي تهلل اليوم لسقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر، أن أتت بالانقلابات العسكرية ثم شرعت وجودها من خلال صناديق الاقتراع في عمليات انتخابية وهمية أفضت إلى تجديد الاستيلاء على الحكم بنسب 99.99%؟». وتابع: «ألا تعبر موجة الاغتيالات السياسية التي تشهدها تونس، بدءا من شكري بلعيد وصولا إلى محمد البراهمي، عن شكل من أشكال الأحادية وإلغاء الصوت الآخر المختلف ورفض التعددية والديمقراطية؟».

وتابع جنبلاط تساؤلاته بالقول: «أليس غريبا ذاك التزامن المريب بين أحداث مصر الداخلية مع تحول منطقة سيناء إلى بؤرة للإرهاب، وكأنما ذلك يأتي تطبيقا لاتفاق بعض العرب وبعض الغرب، كما قيل، لتوسيع قطاع غزة باتجاه سيناء وتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية ونقلهم إلى المنطقة الموسعة؟ وهل هي مجرد صدفة؟ ولماذا لم تكشف نتائج التحقيقات في العمليات التي تحصل في سيناء وقد وقع عدد منها في عهد الرئيس السابق محمد مرسي؟ وما أسباب التكتم عن مضمونها؟» ورأى جنبلاط أنه «مع تسارع الأحداث والتطورات السياسية في مصر، وبعضها اتخذ الطابع الدراماتيكي المؤسف بفعل سيلان الدماء وتوسل العنف وسيلة للتعبير عن الرأي السياسي، بات من الضروري إعادة طرح بعض العناوين الفكرية الإشكالية التي فرضت نفسها لقرون على العالم العربي والإسلامي من دون أن تلقى ما يكفي من البحث والنقاش والتفكير، وهي تتصل بعناوين وقضايا خاضتها أوروبا والغرب وأنتجت لها حلولا جذرية، ولو بتكلفة عالية، وتمثلت بفصل الدين عن الدولة وبتطبيق العلمانية، مما أدى إلى تقدم الغرب فيما تواصل المنطقة العربية تراجعها وتفككها وتقهقرها».

وأشار إلى أن «الحركات الدينية، بفعل تركيبتها البنيوية والعقائدية تواجه مصاعب جمة في التطور والتقدم، لا سيما أنها تستلهم الشريعة الإلهية وترتكز إلى قناعات قائمة على أنها تمثل الله على الأرض، وهي تماثل بذلك بعض الأنظمة الديكتاتورية، التي حتى لو هللت شكلا بسقوط الأنظمة الدينية، إلا أنها لا تختلف جوهريا عنها بكثير، خصوصا لناحية رفض الرأي الآخر وعدم تقبل التنوع والتعددية والديمقراطية».

وفي موازاة إشارته إلى أن «الغرب خاض لسنوات طويلة حروبا دينية إلى أن انبلج عصر النهضة والتطور العلمي وصولا إلى الثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الحرية والأخوة والمساواة التي تحولت إلى عناوين مفصلية في التاريخ الحديث»، اعتبر جنبلاط أن «إسلام الأندلس، للأسف، تراجع واضمحل تدريجيا وقد غلبت عليه التيارات الفكرية الأحادية التي صارت تصدر الفتاوى الجهادية الرافضة للتعددية والتنوع والديمقراطية».

وأضاف: «حتى مرحلة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شهدت حقبة جزئية من النهضة بوجود أعلام من أمثال محمد عبدو وجمال الدين الأفغاني وقاسم أمين وعباس محمود العقاد ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعبد الرزاق السنهوري وطه حسين ونجيب محفوظ وسعد زغلول ومكرم عبيد وسواهم العشرات من الشخصيات المتنورة، ولكن الذين لم يكتب لهم المجال لاستكمال إضافاتهم الفكرية إلى الواقع بفعل حالة التراجع والجهل التي مرت وتمر بها المنطقة العربية قاطبة».

واستغرب كيف أنه «بعد كل هذا الثراء الفكري، أصبحت فتاوى القرضاوي ومحمد بديع هي المرجع الفقهي والقانوني والاجتماعي!».