الجزائر: غياب «جلسات المحاسبة الرمضانية» يطرح تساؤلات حول حقبة بوتفليقة

نشاط سلال وزيارته الميدانية برأي البعض «طموح لخلافة الرئيس» في ربيع 2014

TT

غابت «جلسات المحاسبة الرمضانية» المخصصة لمتابعة نشاط الوزراء، عن التداول السياسي في الجزائر للعام الثاني على التوالي بعدما كانت تقليدا دأب عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مدة 10 سنوات على الأقل.

ويؤشر هذا الغياب على بداية نهاية «مرحلة بوتفليقة»، الذي غيبه المرض عن تسيير دفة السلطة ومنعه من التفاعل مع أهم الأحداث. وأثار توقف الرئيس العام الماضي عن ممارسة هذا التقليد، جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية. وعزا البعض ذلك حينها إلى ضعف الرئيس بدنيا بسبب العملية الجراحية التي أجريت له في 2005، والتي فرضت عليه متابعة فحوصات طبية متكررة في الخارج. بينما نقلت مصادر عن الرئيس أن لا جدوى من الجلوس إلى الوزراء ساعات طويلة في شهر رمضان، مادامت النتائج لا تظهر على معيشة المواطنين.

وكانت «جلسات المحاسبة الرمضانية» دائما بمثابة اختبار عسير للوزراء الذين يتوجسون من مقابلة الرئيس في رمضان، لأنه كثيرا ما اتهمهم بالتقصير في حق المواطنين وبانعدام الكفاءة وسوء التسيير، بل أحيانا بالكذب عليه. ويحاول غالبية الوزراء عادة الإسراع في وتيرة الملفات الآنية التي يشرفون عليها، قبل حلول رمضان تفاديا لملاحظات قاسية من الرئيس بوتفليقة. وكان الرئيس يبحث مع وزرائه، ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتذمر فئات واسعة من غلاء المعيشة، ودعم أسعار المواد الأساسية منها مثل الحليب والقمح والزيت.

وحل محل «جلسات رمضان الوزارية»، خروج مكثف لرئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى الولايات مرفوقا بأعضاء من الحكومة. وزار الأسبوع الماضي تندوف الحدودية مع المغرب، وسيزور الخميس المقبل تيارت بغرب البلاد. وليس من عادة الطاقم الحكومي أن ينشط بكثافة في شهر الصيام، ما عدا بعض القطاعات المرتبطة بهذا الشهر خاصة وزارة التجارة. وقال مسؤول حكومي التقته «الشرق الأوسط» في حفل نظمه الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» يسعى سلال من خلال زياراته الميدانية، إلى التأكيد على أن الدولة ما زالت قائمة رغم تراجع نشاط الرئيس بسبب المرض، وهو بذلك يطبق توجيهات رئيس الجمهورية.

غير أن قراءة أخرى أعطيت لنشاط رئيس الوزراء المكثف. فالرجل برأي البعض يملك طموحا في خلافة الرئيس بمناسبة انتخابات الرئاسة المنتظرة في ربيع 2014، أو قد يكون تلقى إشارة من نافذين في المؤسسة الأمنية، لتحضير نفسه ليكون مرشح النظام. وذكر قيادي بحزب الأغلبية، «جبهة التحرير الوطني» رفض نشر اسمه: «لو كان للرئيس كلمة فاصلة بخصوص من سيخلفه، سوف يدعم الترشح المحتمل لسلال». وحول تفسيره لغياب «جلسات المحاسبة الرمضانية»، قال نفس القيادي: «لا شك أن الرئيس لم يعد يقوى على أعباء تسيير الحكم، فبعد الوعكة الصحية التي أصابته منذ ثلاثة أشهر (جلطة في الدماغ) لا يمكنه مناقشة الملفات ومراجعتها مع وزرائه لساعات طويلة في النهار، كما كان يفعل ذلك في ولايته الثانية (2004 - 2009). ولكني أعتقد أن تدهور صحته ليس السبب الوحيد. فالرئيس يرى أن التوجيهات التي يقدمها في هذه الجلسات لا تطبق في الميدان، وبالتالي لم يعد هناك جدوى من عقدها».

وتعرض بوتفليقة لانتقاد شديد في السنين الماضية، بسبب «جلسات رمضان الوزارية»، بذريعة أنه تخلى عن الآلية الدستورية التي تمثل أداة عمل السلطة التنفيذية، وهي مجلس الوزراء. ولا يعرف سبب تفضيل بوتفليقة الاجتماع بوزرائه في رمضان لبحث شؤون البلاد، بدل اجتماعات مجلس الوزارات التي غابت منذ 7 أشهر. أما اجتماعات الحكومة الرسمية فقد ألغاها الرئيس بموجب تعديل الدستور عام 2008، عندما قلص صلاحيات رئيس الحكومة وبدل تسميته إلى وزير أول ينقل فقط تعليماته لأعضاء الطاقم الحكومي.