فابيوس يدعو للإفراج عن مرسي والسجناء السياسيين

رسالة فرنسية مزدوجة للجيش وللسلطات الجديدة في مصر

TT

إزاء التدهور المستمر للأوضاع في مصر ووصولها سياسيا إلى طريق مسدود، خرجت فرنسا جزئيا عن تحفظها الذي التزمته منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي والتحقت بالموقف الأوروبي الجماعي للمطالبة بالإفراج عنه وعن كافة «السجناء السياسيين» الذين قبضت عليهم السلطات منذ الثالث من يوليو (تموز).

وقال وزير الخارجية لوران فابيوس قبيل ظهر أمس، في إطار لقاء صحافي عقد بمقر الوزارة، إن «الوضع في مصر خطير للغاية، ونحن ندعو لرفض العنف وللإفراج عن السجناء السياسيين بمن فيهم الرئيس السابق مرسي». وحث الوزير الفرنسي الأطراف في مصر على الحوار وعلى الابتعاد عن العنف، منددا بـ«الوحشية» التي ظهرت في الأيام الماضية، ولكن من غير أن يسمي الطرف المسؤول عنها.

وحتى هذه التصريحات، تحاشت باريس المطالبة علنا بالإفراج عن مرسي، كما أنها المرة الأولى التي تتحدث فيها عن «سجناء سياسيين»، الأمر الذي يكشف حالة من الخيبة داخل الحكومة الفرنسية من المسار الذي سلكته الأحداث في مصر. وبحسب مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن فرنسا «حرصت حتى الآن على الابتعاد عن إحراج السلطات الجديدة» التي قامت بعد 3 يوليو، كما أنها فضلت موقف «الترقب» بانتظار أن تتوضح الأمور في القاهرة، فضلا عن أنها لم ترد «حرق أوراقها».

وتسعى باريس للتواصل مع القاهرة لغرضين اثنين؛ أولهما تكرار الدعوة لحل سياسي يشمل الجميع بمن فيهم الإخوان المسلمون، والثاني الدعوة إلى الإسراع في العودة إلى المسار الديمقراطي من خلال تقصير فترة المرحلة الانتقالية وتنظيم الانتخابات التشريعية المبكرة. وكانت فرنسا تفضل أن تجرى الانتخابات الرئاسية أولا، مما كان من شأنه تقصير مدة إمساك الجيش بالسلطة والإسراع في العودة إلى الحكم المدني. وفي هذا السياق، فإن وزير الخارجية تواصل مع نظيره المصري نبيل فهمي ومع نائب الرئيس المؤقت للشؤون الدولية الدكتور محمد البرادعي.

ويبدو واضحا أن جمود المواقف دفع فرنسا إلى الوقوف وراء مبادرة الوساطة التي تقوم بها مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، التي هاتفها الوزير فابيوس أمس. وحتى الآن، تبدو المبعوثة الأوروبية «وحيدة» في ساحة الوساطات، في الوقت الذي بقيت فيه واشنطن، الحليف الأكثر تأثيرا، بعيدة عن القيام بهذا الدور بسبب غياب خط واضح في سياستها إزاء مصر في الوقت الراهن. ووجه فابيوس رسالة مزدوجة: الأولى باتجاه القوات المسلحة المصرية التي دعاها إلى البقاء بعيدة عن «الخط الأمامي» للسلطة، والثانية إلى النظام القائم الذي دعاه للعودة «بأسرع وقت» إلى «المقاربة الديمقراطية والابتعاد عن العنف». وتعتبر باريس أن تجربة الجيش في السلطة، كما مارسها بعد سقوط نظام الرئيس مبارك وقيام المجلس العسكري بداية عام 2011: «لا تدفع إلى التفاؤل».. ولذا، فإن الحل الأمثل بالنسبة إليها هو صندوق الانتخاب لقيام شرعية جديدة، علما بأن فرنسا تعتبر أن «صفحة مرسي قد قلبت»، وبالتالي فلا عودة للماضي. وبرأي فابيوس، فإن الخروج من المأزق يجب أن يكون بالسياسة، لأن «المواجهات بين الجيش والإخوان المسلمين لن تفضي إلى نتيجة»، وجل ما جاءت به حتى الآن أنها «أفضت إلى توترات يتعين خفضها بسلوك مسار مدني وديمقراطي يضم الجميع».

وعزا الوزير الفرنسي سقوط مرسي الذي اعتبر أن انتخابه تم في ظروف «صحيحة» إلى أمرين، هما: رغبته في الإسراع في فرض نظام إسلامي بمصر، والثاني لفشله في إدارة الوضع الاقتصادي الذي وصفه بأنه كان «كارثيا». وبرر امتناع بلاده عن وصف ما حصل في مصر بأنه «انقلاب» لأنه كان سيستدعي وقف المساعدات الدولية لمصر. وبرأيه، فإن الوقت «غير مناسب» لجعل الوضع الاقتصادي في مصر أكثر صعوبة.