اختطاف كاهن إيطالي ناصر الثورة السورية في مدينة الرقة

ناشطون يتهمون «دولة العراق والشام الإسلامية» بالوقوف وراء الحادثة

TT

اتهم ناشطون سوريون تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» باختطاف رجل الدين المسيحي باولو دالوليو، الإيطالي الجنسية، في مدينة الرقة، شرق سوريا، في حين لم يستبعد قياديون في المعارضة السورية وقوف مجموعات كردية خلف عملية اختطاف الراهب المعروف بمناصرته للثورة السورية، والتي دفعت النظام السوري إلى طرده من سوريا، قبل أكثر من عام، بعد مكوثه فيها نحو 30 عاما.

وأشارت تنسيقية «شباب الرقة» على صفحتها في موقع «فيس بوك» إلى أن «الأب باولو كان على موعد مع زيارة مقر (الدولة الإسلامية في العراق والشام) في مدينة الرقة ومن ثم انقطعت أخباره»، فيما أكد ناشطون أن «أصابع الاتهام تتوجه إلى هذا التنظيم المتشدد لأنه قام أخيرا باعتقال عدد كبير من الإعلاميين السوريين، والناشطين المعارضين».

وكانت «دولة العراق والشام الإسلامية» قد بدأت منذ سيطرة أميرها العراقي أبو بكر البغدادي على قيادتها تطبيقا مشددا للشريعة الإسلامية على السكان، خاصة في مدينة الرقة حيث المعقل الرئيس لها، فاختطفت عددا كبيرا من الناشطين أعضاء المجلس المحلي التابعة للمعارضة السورية منذ طرد القوات النظامية من المدينة، وما زال بعضهم قيد الاعتقال.

وبينما لم تكن أسباب عودة دالوليو إلى سوريا معروفة، قال ناشطون إنه دخل من تركيا عبر معبر تل أبيض الحدودي إلى سوريا، للقيام بمبادرة توقف القتال بين المقاتلين الإسلاميين ووحدات حماية الشعب الكردي. كما شارك في مظاهرة في مدينة الرقة أمام كنيسة الأرمن، دعما للشعب السوري وانتفاضته ضد النظام الحاكم، وتضامنا مع مدينة حمص. ويظهر شريط فيديو تم بثه على موقع «يوتيوب» الأب باولو وهو يتحدث خلال هذه المظاهرة، مؤكدا أنه «يشعر بالفرح لوجوده بين اتحاد طبلة الرقة لسببين، الأول أن هذا الاتحاد يجمع كل السوريين، والثاني أنه للطلبة مما يعني الإصرار على التعليم من أجل بناء سوريا الجديدة».

وفي تعليقه الأخير على صفحته الشخصية على موقع «فيس بوك» كتب الأب باولو يوم السبت الفائت «أصدقائي الأعزاء جئت اليوم إلى مدينة الرقة وأنا أشعر بالسعادة لسببين، أولهما أنني على أرض سوريا الوطن وفي مدينة محررة، والسبب الثاني الاستقبال الرائع من قبل هذه المدينة الجميلة. عشت أمسية رمضانية من أحلى ما يكون والناس في الشوارع يسيرون بحرية ووئام، إنها صورة للوطن الذي نريده لكل السوريين». مضيفا «لا يوجد شيء كامل، لكن الانطلاق جيد. ادعوا لي بالتوفيق من أجل المهمة التي جئت من أجلها. إن الثورة ليست توقّعات بل التزام. السلام عليكم وشهر رمضان كريم علينا أجمعين».

وأوضح إبراهيم مسلم، عضو المجلس المحلي في منطقة تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الأب باولو قد تحدث معه عبر الهاتف من مدينة «غازي عنتاب» التركية قبل مجيئه إلى الرقة، مشيرا إلى أنه «طلب المساعدة للدخول إلى المدينة لكنني نصحته بألا يأتي لأن جماعات أصولية تسيطر على المدينة». وأكد مسلم أن «تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية» هو من يقف وراء عملية الاختطاف لا سيما أن الأب باولو انتقد هذا التنظيم في حوار مع أحد المواقع الإخبارية الكردية منتقدا ممارساته ضد الأكراد».

وكان الأب باولو، المعروف بمواقفه الداعية إلى الحفاظ على الثورة السورية، قد وصف في حوار مع موقع «ولاتي نت» الكردي ما يحصل في مدينة تل أبيض بأنه «عار على الشعب السوري ولا يجوز للمسلحين أن يمارسوا أي نوع من الضغط على السكان المدنيين»، داعيا إلى «معالجة هذه المسائل عن طريق المجتمع المدني، وعلى المسلحين أن يلتزموا بضوابط ومبادئ الثورة وحقوق الإنسان».

وفي حين قال ناشطون معارضون إن «الأب باولو كان أبلغ بعض المقربين إليه بأنه سيغيب لمدة 3 أيام، لافتا إلى أنه إذا لم يظهر بعدها فحينها سيكون قد أصيب بمكروه»، لم يستبعد عضو المجلس الوطني السوري المعارض عبد الرحمن الحاج في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «تكون مجموعات حزب الاتحاد الديمقراطي المقربة من النظام السوري هي من يقف وراء عملية الاختطاف»، مشيرا إلى أن «كل متضرر من إقامة مصالحة كردية عربية كان الأب المخطوف يسعى إليها يعد متهما بالوقوف وراء هذه العملية المستنكرة».

وقضى الأب باولو المتحدر من أصول إيطالية ثلاثين عاما من عمره في دير مار موسى الحبشي للسريان الكاثوليك في جبال القلمون قرب مدينة النبك شمال العاصمة دمشق، بعد أن تمكن من إعادة بنائه. وكان يروّج لحوار الأديان، وقد دعا للحوار منذ بدء النزاع في سوريا، ورفض أي تدخل عسكري أجنبي، وتم طرده من قبل النظام السوري بعد الزيارة التي قام بها لمدينة القصير ليعلن بعدها مواقف مناصرة للثورة السورية.

ويثير اختطاف الأب باولو دالوليو مخاوف المسيحيين في سوريا بعد اتساع نفوذ المجموعات الإسلامية المتشددة، لا سيما أن هذا الاختطاف يأتي بعد ثلاثة أشهر من اختطاف المطرانين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب. وقد أثارت الأنباء عن اختطافه سيلا من المواقف السورية المنتقدة والمستنكرة على مواقع التواصل الاجتماعي.