سلفا كير يوجه انتقادات لاذعة لنائبه المقال

الانقسامات تظلل على جنوب السودان في ذكرى مقتل قرنق الثامنة

TT

وجه رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت انتقادات لاذعة لنائبه المقال رياك مشار، معتبرا أن بعض القيادات في حكومته وحزبه الحاكم الحركة الشعبية لديها طموحات شخصية، فاتحا الباب أمام معارضيه داخل حزبه إذا أرادوا تحقيق طموحاتهم بأن يؤسسوا كيانهم الخاص بهم، مشددا على أنه لن يعود ببلاده إلى الحرب مرة أخرى في خلافاتها مع السودان، وأن الحوار السلمي سيتواصل لحل القضايا الخلافية.

وقال كير خلال كلمة له، بمناسبة الذكرى الثامنة لمقتل زعيم ومؤسس الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، بثها التلفزيون الرسمي مساء أمس من أمام ضريح قرنق في جوبا، إن هناك من لديهم طموحات شخصية عملوا على دفعه إلى اتخاذ قراره بحل الحكومة وإقالة نائبه رياك مشار. وأضاف أن حل الحكومة كان مطلبا شعبيا، وأن هناك من اعتقد أن الرئيس لا يرى ما يحدث في الحكومة، مؤكدا «كنت أراقب كل شيء ولم أكن نائما.. وكنت أعتبر أن كل شيء بأوانه».

وأضاف أن مشار أعلن من خلال الإعلام أنه سيترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2015، وكشف عن أنه حذر مشار من تلك الخطوة، وقال «أبلغت مشار عند اجتماع بيننا وحدنا (أنت تشتمني في الإعلام، وإذا كنت غير مقتنع بهذه الحكومة فاستقل منها واذهب إلى الشارع لتشتمني كما تريد؛ ولكن ليس من داخل الحكومة)»، وتابع «لم يقدم استقالته، وأنا أجبرته على ذلك بإقالته ومعه جميع الوزراء». وقال إن هناك من اتصلوا من قبل المجتمع الدولي ليعبروا عن قلقهم من إقالته للحكومة ونائب الرئيس، وأن ذلك سيقود إلى الحرب، وأضاف «أبلغتهم بأن إقالة الحكومات تحدث في كل العالم، وليس هناك من يقودنا في حل مشاكلنا وما نريد أن نفعله».

وقال كير، في أول حديث له بعد أسبوع من إقالته للحكومة ونائبه رياك مشار وإحالة أمين عام حزبه الحاكم باقان أموم إلى التحقيق، إن الحكومة كانت مترهلة للغاية، وقطع وعدا لشعبه بأن يأتي بحكومة جديدة في القريب العاجل تقدم الخدمات، ووصف ما يحدث في بلاده بأنه صراع حول السلطة، مشيرا إلى أن إحالته أموم كانت «لمخالفات يعلمها هو وكل أعضاء الحزب»، مضيفا «شكلنا لباقان لجنة تحقيق، وسنرى نتائج التحقيق».

وقال إن هناك من تخلى عن الحركة الشعبية في عام 1991 ورفض أن يكون تحت إمرة شخص ما، ويمكنه أن يذهب ويؤسس حزبه السياسي، في إشارة إلى نائبه مشار الذي انشق عن الحركة الشعبية في عام 1991. وأضاف أن الوقت ما زال مبكرا لبدء الحملة الانتخابية، وواصل «هذا ليس وقت الحملة للانتخابات، وأولئك المستعجلون أقول لهم إذا كانوا لا يستطيعون الانتظار للوقت الأصلي فعليهم أن يغادروا الحركة الشعبية وأن يؤسسوا حزبهم السياسي».

وقال كير إن السودان سيغلق الأنبوب الناقل للنفط في 22 أغسطس (آب) المقبل، وأضاف أن «وزارة النفط قامت بوضع تحوطات قبل الموعد المحدد إذا كانت الخرطوم جادة في إغلاق النفط حتى لا تتضرر الآبار المنتجة للنفط والبنيات التحتية لصناعته»، مؤكدا أنه سيستمر في التفاوض مع الخرطوم حتى لا يتم التهديد بإغلاق النفط مجددا.

وأحيا السودانيون الجنوبيون في احتفال رسمي أمس الذكرى الثامنة لمقتل زعيم ومؤسس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان الدكتور جون قرنق دي مبيور، الذي قاد أطول حرب أهلية مع الحكومات المركزية في السودان لأكثر من 22 عاما، إلى أن توصل بعدها إلى اتفاق سلام شامل في يناير (كانون الثاني) 2005 نص على تقرير مصير جنوب السودان. لكن قرنق، بعد أدائه اليمين الدستورية نائبا أول للرئيس السوداني عمر البشير في يوليو (تموز) 2005، تحطمت به مروحية تابعة للرئيس الأوغندي يوري موسيفيني على حدود جنوب السودان وأوغندا. وصوت الجنوبيون بنسبة 98 في المائة على الاستقلال عن السودان في يوليو (تموز) 2011.

وقال رئيس الاستخبارات الأسبق إدوارد لينو، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجنوبيين ومحبي الحرية والعدالة والسلام يفتقدون اليوم قرنق وكأنهم فقدوه قبل ساعات. وأضاف أن الألم يعتصر الجميع لا سيما في جنوب السودان وهم يرون حالهم الآن بعد حرب طويلة من أجل الحرية. وتابع «لم نعط قرنق أي اعتبار لأن معظمنا اشتغل بأموره الذاتية وراحت آمال الناس سدى»، داعيا مسؤولي الدولة لبذل مزيد من الجهود.

من جانبه، قال زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان اتيم قرنق، لـ«الشرق الأوسط»، إن ثوار الجنوب لم يفشلوا في تجربة الدولة خلال عامين منذ الاستقلال. وأضاف أن كثيرين كانوا يتحدثون عن أن الجنوب سيفشل بعد استقلاله لكن ذلك لم يحدث، حيث إن الدولة استطاعت أن تبدأ في بناء البنيات التحتية. وأردف قائلا «نحن لم نجلس لامتحانات حتى تصدر شهادة إن كنا دولة ناجحة أو فاشلة.. ولا يمكن الحكم علينا بالفشل خلال عامين مقارنة مع السودان الذي له أكثر من ستين عاما»، مؤكدا «نحن نبدأ من الصفر، حيث لم تشهد بلادنا أي تنمية أو مؤسسات منذ الاستعمار الإنجليزي قبل أكثر من مائة عام».