«الدولة» و«النصرة»: اتفاق على الاستراتيجية وخلاف على «الأولويات»

المعارضون يخشون بطش الأولى مع قلة عناصرها ويرون أنهما «وجهان لعملة واحدة»

مقاتل من تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» يراقب طابورا للعابرين إلى الشطر الذي يسيطر عليه النظام السوري في حلب (رويترز)
TT

خرجت «الدولة»، وهو الاسم الذي يطلقه الناشطون والقادة الميدانيون في سوريا على «دولة العراق والشام الإسلامية»، من رحم «جبهة النصرة» أو «الجبهة»، كما يسمونها كذلك، حيث تتمركز بشكل خاص في شمال سوريا. لكن هناك اتفاقا على أن «الدولة» و«الجبهة» لا تختلفان على إقامة الدولة الإسلامية الخاصة بهما، بل على التوقيت والتكتيك المتبع.

لكن قائدا ميدانيا كان قد تعاون مع «الدولة» سابقا ويعرف خباياها، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة والنصرة وجهان لعملة واحدة»، مشيرا إلى أن أصدق مقاتلي هذه الدولة هم «الأجانب لا العرب الذين أتوا بهدف قتال بشار والجهاد فقط.. أما سوريو الدولة فغالبيهم من الشبيحة السابقين للنظام». ودافع ناشطون آخرون عن «صدق الدولة وجهادها»، لكن الملاحظ أن كل من انتقدها ولو من بعيد طلب عدم نشر اسمه أو كنيته خوفا من الانتقام منه أو من عائلته.

وفي هذا السياق، شرح أحد الناشطين الإعلاميين البارزين في محافظة الحسكة لـ«الشرق الأوسط»، كيفية الانشقاق بين «الجبهة» و«الدولة». وأوضح أنه «بالنسبة لجبهة النصرة فمعظم أمرائها في الحسكة هم من أبناء المحافظة بينهم أكراد وعرب»، مضيفا أنه «بعد إعلان بيان الأمير أبو بكر البغدادي عن ضم الشام إلى دولة العراق لتصبح دولة العراق والشام حصلت خلافات بين الجبهة من أبناء البلد والمهاجرين وهم غير سوريين من عرب وأجانب كانوا أتوا من خارج سوريا ليناصروا الجبهة وقاتلوا في صفوفها». وأكد أن «الانشقاق الذي حصل داخل صفوف النصرة لم يكن على إقامة الدولة الإسلامية، بل على التوقيت والتقدير»، مشيرا إلى أن «البغدادي يرى أنه حان إعلان دولة الشام والعراق وذلك على العكس من أيمن الظواهري وأمير النصرة أبو محمد الجولاني».

ولفت الناشط الإعلامي الذي فضل عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام من عائلته التي تسكن في منطقة نفوذ لـ«الدولة»، إلى أنه «على الرغم من صدور بيان من الظواهري يفصل الدولتين عن بعضهما، لكن مناصري بغدادي تمسكوا برأيه، وهؤلاء غالبيتهم من المهاجرين أي غير السوريين، أما بالنسبة لمقاتلي الجبهة وهم غالبيتهم سوريون فيرون أن إعلان دولة إسلامية لا يمكن أن يكون في هذا الوقت». وشدد على أن «مطلب النصرة مثل الدولة وهو الدولة الإسلامية، لكن النصرة يعتقدون أنه ليس هذا الوقت المناسب وأن عدوهم ما زال هو النظام السوري».

وتطرق إلى الأعداد، لافتا إلى أنه «بحسب معلوماتي عنهم بالحسكة فأعدادهم (مقاتلو الدولة) قليلة، لكن قلوبهم قوية وهم دائما على خط الهجوم الأول»، مؤكدا أنهم «بالتأكيد أقل بكثير من عدد مقاتلي النصرة، ربما عددهم ثلث عدد النصرة». وأوضح الناشط أنه «لا توجد تجاوزات في محافظة الحسكة من قبل الدولة كما حصل في تل أبيض»، مشيرا إلى أنهم مشغولون بالقتال و«قبل أيام وخلال المعارك الأخيرة دخلت كتائب من دولة العراق والشام بعضهم ليبيون إلى الخطوط الأمامية في المعارك الأكراد، كما أن هناك كتائب أخرى شاركت في اقتحام الفوج 121 في لميلبيه وهؤلاء ليبيون».

تأكيد الناشط الإعلامي في الحسكة أن الخلاف بين «الدولة» و«النصرة» ليس أساسيا، بل على «توقيت» إعلان الدولة الإسلامية، يزيد عليه القائد الميداني لأحد ألوية الجيش الحر في منبج بريف حلب بقوله لـ«الشرق الأوسط»، إن «قصة انشقاق النصرة عن دولة العراق كذب بكذب». وأوضح القائد الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «(القاعدة) في سوريا تتبع سياسة تقوم على أن الدولة تطبق الشرع وتقيم الخلافة، بينما النصرة تتقرب من الشعب»، مضيفا أنهم يقومون بذلك من منطلق أنه «في حال هاجمتنا أميركا فلا بد من أن تكون هناك قاعدة شعبية للإسلاميين حتى لا يضطروا للهرب إلى الجبال مثل أفغانستان». وشدد القيادي الذي كانت له تعاون وثيق مع «الدولة» على أن سياسة القاعدة تقوم على «العصا والجزرة، الدولة تشد والنصرة ترخي. لكن النتيجة واحدة، أي سيطرتهما»، معتبرا أنهم «يعرفون أنهم سيطردون من سوريا كما حصل معهم في العراق وأفغانستان لكنهم اعتقادهم أن الرباط في بلاد الشام مقدس هو ما يجعلهم أكثر تمسكا بالبقاء هنا». وكشف في إطار تأكيد كلامه، عن أن «والي حلب في الدولة هو نفسه محمد الجولاني أمير جبهة النصرة على الرغم من أن الأمير الصوري هو أبو لقمان من منبج وشرح أن «هناك أميرا عسكريا وأميرا دعويا، أي دينيا، دوره مثل المرشد، كما أن هناك أميرا ميدانيا وأميرا حاجزا»، مضيفا أن «هناك ما يسمى أمير القطاع ويكون أمير المدينة».

وأوضح أن «أماكن وجودهم (مقاتلو الدولة) في المناطق المحررة فقط، أي شمال سوريا في حلب ومدن ريف حلب، بالإضافة إلى الرقة وتل أبيض وريف دير الزور الشرقي من جهة العراق»، مشيرا إلى أن «عناصرهم غير السوريين هم عراقيون وكثير من الخليجيين وهؤلاء من يأتون ليجاهدوا بالنفس والمال، أما النسبة الأكبر من العرب الآخرين فهي من تونس ومن ثم ليبيا ثم مصر والعراق». وكشف عن أن «عناصر الدولة من السوريين أغلبهم شبيحة النظام الذين رفض الجيش الحر انضمامهم فالتحقوا بالدولة الإسلامية بحجة أنهم يريدون التوبة إلى الله تعالى». وأشار إلى أن «الأجانب يشكلون نحو 40% من عناصر الدولة»، ورأى أن «الأجانب أفضل من العرب فهم أتوا ليجاهدوا ضد بشار الأسد فقط وتركوا بلادهم وأهلهم وكل مالهم سعيا وراء الشهادة فقط».

من ناحيته، شرح الناطق باسم لواء أبي دجانة التابع لألوية أحفاد الرسول أبو عمر الجولاني لـ«الشرق الأوسط»، الهرمية الخاصة بدولة العراق والشام الإسلامية في سوريا. وأوضح الجولاني، أن «القيادة تبدأ بالأمير، ثم هناك سرايا وعلى رأس كل منها قائد سرية، وتنتهي الهرمية بالمجاهدين وهم المقاتلون في كل سرية».