نواب عون يقاطعون لقاء بري الأسبوعي بعد تراكم الخلافات معه

العلاقة لم تقرب الود منذ انتخابات 2009.. والانقسام مؤشر على قطيعة

بري مستقبلا النواب في «لقاء الأربعاء» الذي قاطعه نواب كتلة عون (تصوير: حسن إبراهيم)
TT

كشف لقاء الأربعاء النيابي، أمس، الذي يعقده رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بموعد أسبوعي، عن قطيعة بينه وبين رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، حيث تغيب نواب كتلة عون عن حضور لقاء دأبوا على المشاركة فيه منذ انطلاقته.

وتراكمت الخلافات السياسية بين الفريقين بشكل مطرد الأسبوع الماضي، على خلفية التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، بعد سلسلة خلافات، كانت سرعان ما تتلاشى بين حليفين كان يقرب المسافة بينهما الحليف المشترك حزب الله. وهذا التحالف، جمع عون مع بري في قوى 8 آذار التي نعاها رئيس البرلمان الأسبوع الماضي، رغم أن مكونات هذا الفريق «السابق»، باستثناء عون، ينسجمون بقرارات سياسية مشتركة، بينهم كتلة «تيار المردة».

وبدا أمس أن الخلافات بين الفريقين وصلت إلى مرحلة حاسمة، بدليل مقاطعة نواب عون للقاء الأربعاء النيابي. ولطالما كان نواب عون، قبل هذا اللقاء، يواظبون على المشاركة «من باب الحفاظ على التواصل بين النواب ورئيس المجلس»، رغم أن العلاقة بين الرجلين كان تمر بمحطات سياسية متوترة، على ضوء انقسامات بالآراء والخيارات.

لكن مصادر رئيس المجلس النواب ترفض أن يكون غياب نواب عون عن اللقاء «دليلا على قطيعة بين الرجلين»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن الغياب والحضور «ليسا قاعدة، ولا يمكن الاستدلال على حسن العلاقة من خلال الحضور». وأضافت: «بعض نواب حركة أمل وحزب الله تغيبوا عن الجلسة، كذلك نواب رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، كما أن نواب التيار الوطني كانوا الأسبوع الماضي في اللقاء، ما يؤكد أن الغياب والحضور ليسا دليلا».

ولطالما كانت الكيمياء السياسية بين عون وبري مفقودة، ولم يجمعهما ود قوي ولا علاقة متينة؛ ففي عز «شهر العسل» السياسي بينهما، بعد تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كان عون يصف بري بأنه «حليف حليفي» في إشارة إلى تحالف الأخير مع حزب الله. وفقدت الكيمياء بينهما في انتخابات عام 2009 النيابية، بعد إصرار عون على خوض معركة انتخابية ضد بري في قضاء جزين في جنوب لبنان، وكسبها.

وبقي بعض التردي في العلاقة بينهما، في إطار التفاصيل التي كان يلملمها حزب الله، لكن الانقسام على قضايا استراتيجية كبرى، مثل التمديد للبرلمان لنفسه، وتمديد ولاية قائد الجيش أول من أمس، أخرج الخلافات إلى وجه السطح، وصولا إلى فتح عون ملف الهدر في مجلس الجنوب المحسوب على الرئيس بري، لكن المجلس رد بطريقة ناعمة، بقي محصورا بالإطار القانوني، في المرتين، ما يوحي بأن بري يتجنب السجالات مع عون. ولم يصدر أي تلويح بفتح ملفات فساد يتهم بها وزراء عون.

وفي المقابل، يتهم عونيون بري بتحريك ملف المياومين في شركة كهرباء لبنان، كلما فشل الطرفان على اتفاق حول قضية سياسية، فيخرج موظفو الكهرباء إلى الشارع ويطالبون بحقوقهم، للضغط على وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، وهو صهر عون.

وينظر مراقبون إلى أن «الزكزكة» بين الطرفين، من خلال فتح ملفات والتلويح بملفات أخرى «غير مفيدة، ولا تؤدي إلا لزيادة التباعد بين الأطراف المتحالفة»، علما بأن بري، عادة، يحافظ على «شعرة معاوية» في العلاقة السياسية مع جميع الأطراف.

ويشير الباحث السياسي طلال عتريسي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الخلاف الأساس الآن بين الطرفين، يقوم على مبدأ التعيينات، والتمديد للبرلمان لنفسه ولقائد الجيش»، لافتا إلى أن هذا المبدأ «يرفضه عون، وهو سبب خلافه مع بري وحزب الله وسائر الأطراف اللبنانية، وليس مع بري فقط». وإذا كان عون ينسجم مع نفسه في رفض المبدأ من أساسه، فإن الوقائع «تفرض التمديد واتخاذ تلك الخيارات الإدارية».

ويمتد الخلاف الحاد بينهما، بحسب عتريسي، إلى الجلسة النيابية التي أقرت القانون الأرثوذكسي، الذي يعتبره عون مكسبا، ولم يعرضه بري على التصويت في جلسة برلمانية عامة لأنه لا يسير بقانون لا يحظى بإجماع. وبعدها، يضيف عتريسي: «كان عون متحمسا لإقرار الانتخابات وفق قانون الستين، قبل أن يقر مجلس النواب التمديد لنفسه، لأنه كان قادرا على التفوق على جعجع بأصوات المسيحيين، كون الأخير تراجع عن دعمه للقانون الأرثوذكسي الذي كان يعتبر مكسبا للمسيحيين».

اليوم، وبعد إعلان بري عن انفراط عقد 8 آذار، اتسعت الهوة بين عون وبري، كما اتسعت بين عون وحزب الله، رغم اللقاء الشهير الذي جمع عون والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، للتوفيق بين حلفاء الأمس، علما بأن «المصالح والحسابات السياسية تجمع الحلفاء وتفرقهم، وليس الكيمياء بينهم»، بحسب عتريسي.