لبنان: انقسام في رفع الشعارات والاحتفالات دعما للجيش في عيده

حملة بعنوان «بتحب الجيش سلمه سلاحك» مقابل تحرك «الشعب يريد الجيش»

TT

لا يمكن أن تمر مناسبة في لبنان من دون تجسيد الانقسام السياسي حولها. عيد الجيش اللبناني الذي يحتفل به لبنان سنويا في الأول من شهر أغسطس (آب) مثال جديد. اليوم ثمة احتفالان «شعبيان» بالعيد الثامن والستين للجيش في وسط بيروت، على أن يسبقهما احتفال مركزي رسمي في المدرسة الحربية في الفياضية، يحضره الرؤساء الثلاثة ووزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن.

عند الرابعة من بعد ظهر اليوم تطلق المنظمات الشبابية لقوى «14 آذار» من مجمع البيال وسط بيروت عريضة بعنوان «بتحب الجيش.. سلمه سلاحك!»، في دعوة مباشرة موجهة إلى حزب الله من أجل تسليم سلاحه. ودعت المنظمات الشبابية، التي استوحت شعار حملتها هذه من حملة سبق أن أطلقها وزير الصناعة السابق بيار الجميل، قبل اغتياله بعنوان «بتحب لبنان.. حب صناعته»، جميع اللبنانيين إلى التوقيع عليها.

وبعد ساعة تحديدا من إطلاق حملة جمع التواقيع من قبل منظمات «14 آذار»، وعلى بعد أمتار قليلة، تشهد ساحة الشهداء احتفالا بعيد الجيش شعاره «الشعب يريد الجيش». وهو شعار مستوحى بدوره من شعارات الربيع العربي «الشعب يريد..». لكن المنظمين وهم مجموعة من الناشطين أبرزهم الفنان ميشال ألفتريادس، لا يريدون رفع شعارات سياسية أو أعلام حزبية. يريدون فقط التضامن مع الجيش وشهدائه الذين سقطوا في الأشهر الأخيرة، في طرابلس وصيدا والبقاع، وفي وجه حملات التحريض السياسي التي تستهدفه يوميا.

برنامج احتفال ساحة الشهداء حافل: مجموعة من أطفال شهداء الجيش ينشدون النشيد الوطني اللبناني، ثم يلقي نجل اللواء الراحل فرانسوا الحاج (الذي اغتيل عام 2008) كلمة أهالي الشهداء، على أن تتخلل الاحتفال كلمات لرجال دين وحلقة تجمع إعلاميين من مؤسسات إعلامية مختلفة يقدمون شهاداتهم حول الجيش.

الفنان ميشال ألفتريادس، أحد منظمي هذا التحرك، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه طرح الفكرة في برنامج تلفزيوني عشية معارك عبرا التي قدم فيها الجيش اللبناني 20 شهيدا، بالتزامن مع إطلاقه مبادرة بعنوان «فليحكم الجيش»، لافتا إلى أنه «بعد التواصل مع المهتمين عبر (فيس بوك) و(تويتر)، تم عقد اجتماعات متتالية من أجل التحضير لهذا الاحتفال».

ويشير إلى أنه «تواصل مع قيادة الجيش اللبناني لوضعه في أجواء التحرك باعتبار أنه لا يمكن المضي في خطوة مماثلة من دون العودة إليه»، موضحا أن «الجيش حدد لنا الضوابط والحدود التي بإمكاننا التحرك في إطارها على غرار عدم التسييس أو رفع الشعارات الحزبية أو السياسية وضرورة المشاركة الشعبية الجامعة».

وينفي ألفتريادس أن يكون للتحرك أي طابع سياسي، بل يؤكد على مشاركة جامعة من كل التوجهات السياسية، مشددا على أن «الشعب اللبناني كله يريد الجيش». ويضيف «صحيح أن اللبنانيين يختلفون على الاقتصاد والبيئة والسياحة، لكن عندما يتعلق الأمر بالجيش يلتفون حوله»، مشيرا إلى أن «الجيش قد يكون نقطة اللقاء الأخيرة بين اللبنانيين والتي يمكن عبرها بناء الجسور».

وفي موازاة ذلك، رفض ألفتريادس التعليق على تزامن احتفاله مع إطلاق المنظمات الشبابية في قوى «14 آذار» حملة ترفع شعار «بتحب الجيش.. سلمه سلاحك»، مكتفيا بالقول «نحن مع الجيش وننسق معه لكن لا أعتقد أنهم ينسقون بدورهم مع الجيش»، داعيا «كل من يوقع على العريضة إذا كان يملك سلاحا إلى تسليم رشاشه بعدها».

ويعتبر رئيس مصلحة طلاب القوات اللبنانية نديم يزبك أنه «إذا كان الاحتفال الآخر داعما للجيش فهذا أمر ممتاز، لكننا نريدهم أن يدعموا الجيش بمواجهة كل السلاح المتفلت في البلد». ويقول يزبك لـ«الشرق الأوسط» إن «إطلاق حملة التواقيع ليس دعما للجيش فحسب، بل لمنطق الدولة، لأن الجيش ليس معصوما عن الأخطاء، وثمة استنسابية في بعض قراراته، لكننا نريد تأمين المناخ الذي يمكنه من أن يفرض هيبته على الجميع وأن يجمع السلاح من أيدي الجميع».

لا يتخلل احتفال البيال سوى إطلاق حملة جمع تواقيع محلية بالتزامن مع إطلاق حملة مماثلة في بلاد الاغتراب التي يوجد فيها اللبنانيون. يوضح يزبك «إننا لا نريد سلاحا إلا بيد الجيش اللبناني، وإذا كانت قوى 8 آذار تنظم المهرجانات وتدعي أنها تدعم الجيش فيما تتهمنا بدعم الأصوليات والإرهابيين، فواقع الأمر يظهر أننا نحن عمليا من يدعم الجيش ويريده أن يمسك وحده بالسلاح».

يدرك المنظمون، وفق يزبك، أن «جمع التواقيع لن يؤدي إلى تسليم حزب الله سلاحه إلى الجيش، لكننا نريد أن نثبت للرأي العام اللبناني والعالمي أن هناك أحرارا في لبنان لا يزالون يؤمنون ببناء الدولة ويرفضون حمل السلاح غير الشرعي، سواء أكان بيد حزب الله أو بيد أي منظمات متشددة أو إرهابية أو تكفيرية»، مشددا على أن «قوى 14 آذار دعمت خلال مسيرتها السياسية كل من حمل السلاح بوجه الجيش».