انتخابات رئاسية حاسمة في زيمبابوي وسط مخاوف من التزوير والعنف

موغابي واثق من الفوز وكذا خصمه تشانغيراي.. وتحديد نزاهة الاقتراع بأيدي مراقبين أفارقة

زيمبابويون ينتظرون في طابور للإدلاء بأصواتهم في هراري أمس (أ.ب)
TT

أدلى الناخبون في زيمبابوي، أمس، بأصواتهم في انتخابات رئاسية وتشريعية شهدت منافسة حامية بين الرئيس روبرت موغابي ورئيس الوزراء مورغان تشانغيراي الذي توعد بهزيمة أقدم زعيم في أفريقيا بعد 33 عاما في الحكم. وفي غياب استطلاعات للرأي يعتد بها بدا من الصعب نهار أمس التكهن بما إذا كان تشانغيراي (61 عاما)، سينجح في محاولته الثالثة للإطاحة بموغابي (89 عاما)، الذي يحكم البلد منذ استقلاله عن بريطانيا في 1980. وتوقع كل من المرشحين تحقيق فوز ساحق في السباق الرئاسي، لكن في ظل أعمال العنف التي شهدتها البلاد في أعقاب انتخابات سابقة فإن السؤال المهم هو قبول المرشح الخاسر بالنتيجة.

وعشية العملية الانتخابية، أراد موغابي الإيحاء بأنه يحترم الديمقراطية رغم أن الانتخابات التي سبق أن خاضها شابتها أعمال عنف وتزوير، واعدا مباشرة على التلفزيون بأن يحترم النتيجة مهما كانت. وفي الوقت نفسه، كان حزب خصمه التاريخي رئيس الوزراء مورغان تشانغيراي يندد بتزوير في القوائم الانتخابية التي نشرت قبل أقل من 24 ساعة من العملية الانتخابية.

ووعد موغابي بعيد تصويته أمس في مدرسة ابتدائية في مدينة الصفيح هايفيلد في هراري بأن تجري الانتخابات بحرية وعدالة. وقال: «إنني واثق من أن الناس سيصوتون بحرية ولن يمارس أي ضغط على أي كان. كل شيء على ما يرام الآن». ومن جهته، أكد تشانغيراي أنه واثق من الفوز في الاقتراع. وقال إن حزبه «سيحقق فوزا مدويا»، مؤكدا أنها لحظة تاريخية لنا جميعا. وتابع: «إن التصويت لحظة مفعمة بالمشاعر بعد النزاع والطريق المسدود وعدم الثقة والعداء». وأكد تشانغيراي: «أخيرا ستتمكن زيمبابوي من التحرك من جديد».

فتحت مراكز الاقتراع في وقت مبكر (الخامسة صباحا) في مختلف أرجاء البلاد واصطف الناخبون في طوابير طويلة متحدين موجة باردة غير معتادة في مثل هذا الوقت من العام. وفي مركز تصويت بمنطقة مانيسالاند وهي منطقة لا يتمتع فيها أي مرشح بأغلبية امتد طابور الناخبين لمسافة كيلومتر. وقال كليفورد تشاساكارا وهو عامل «استيقظت في الرابعة صباحا ورغم ذلك لم أتمكن من الوقوف في المقدمة. أصابعي تجمدت لكنني واثق من أنني سأستطيع التصويت. أنا مصمم على التصويت وعلى أن يحتسب صوتي».

سلم جايسمون تيمبا الوزير المنتدب لدى رئيس الوزراء والعضو في حزب تشانغيراي قائمة بأسماء ناخبين وهميين لمراقبي مجموعة تنمية أفريقيا الجنوبية الذين حضروا للتأكد من صدقية الانتخابات إلى جانب مراقبي الاتحاد الأفريقي. وقال تيمبا: «شاهدنا أسماء كثيرة وردت مرتين في القائمة، حيث تلاحظون أن هناك أشخاصا سجلوا مرتين تاريخ الولادة نفسه والعنوان نفسه ولكن هناك فرقا بسيطا في أرقام هوياتهم، وهذا الأمر (حصل) في مختلف أنحاء البلاد».

وسيكون رأي المراقبين الأفارقة حاسما في مدى نزاهة الانتخابات، وخصوصا أن موغابي منع مراقبي الاتحاد الأوروبي من دخول زيمبابوي. وينتظر الاتحاد الأوروبي ما سيعلنه الأفارقة لتقييم علاقته مع موغابي الذي بات شخصا غير مرغوب فيه في أوروبا منذ عام 2002 بسبب الانتهاكات الخطيرة والمتكررة لحقوق الإنسان.

وأبدت واشنطن يوم الثلاثاء الماضي خشيتها من عمليات تزوير محتملة، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، إن «الولايات المتحدة وشركاءنا الدوليين لا يزالون يدعون إلى انتخابات سلمية، شفافة وصادقة»، مضيفة: «نظل قلقين من انعدام الشفافية في التحضير للانتخابات».

وفي آخر انتخابات عام 2008، تقدم تشانغيراي في الدورة الأولى محرزا 47 في المائة من الأصوات مقابل 43 في المائة لموغابي. ففجر أنصار الرئيس موجة عنف في البلاد أسفرت عن نحو مائتي قتيل. ولتجنب حرب أهلية، سحب تشانغيراي ترشحه تاركا موغابي مرشحا وحيدا في الدورة الثانية.

وردا على سؤال الثلاثاء الماضي عن احتمال حصول تزوير، قال موغابي في مؤتمر صحافي نقلت وقائعه مباشرة: «أبدا، لا نقوم بأشياء مماثلة. لم نغش. ليست المرة الأولى التي نصوت»، لكنه كان وعد قبل يومين بـ«العمل على توقيف» رئيس الوزراء إذا كان ينوي كشف النتائج قبل إعلانها رسميا، أي بعد خمسة أيام من عملية الاقتراع. وكان تشانغيراي وافق عام 2009 على هذا التعايش الصعب مع موغابي بضغط من المجتمع الدولي لوضع حد لأعمال العنف السياسية.

وبدأت الشكوك تحوم حول الطابع الديمقراطي لهذه الانتخابات منذ قرر موغابي من جانب واحد في 13 يونيو (حزيران) الماضي تحديد موعدها في 31 يوليو (تموز). وبدا أن الرئيس يريد قطع الطريق على معارضيه الذين أملوا بإقرار إصلاحات قبل موعد الانتخابات تحد من هيمنة معسكره على وسائل الإعلام الرسمية وقوات الأمن من جيش وشرطة. وتعززت الشكوك الثلاثاء الماضي مع النشر المتأخر لقوائم الناخبين الذي كان ينبغي إعلانها ضمن «مهلة منطقية» بموجب القانون.

وقالت إيرين بيتراس مديرة جمعية المحامين لحقوق الإنسان: «ليس سرا أن صحة هذه القوائم عرضة للانتقاد منذ وقت طويل»، وخصوصا أنها تضمنت عام 2008 ناخبين أعمارهم 125 عاما. ويذكر حزب تشانغيراي أن أحد مساعدي رئيس الوزراء اعتقل نهاية الأسبوع الماضي، إضافة إلى اعتقال عضو بارز في الحزب الاثنين الماضي في شرق البلاد.