المنطقة الكردية على أبواب «معركة حاسمة» بعد وقف الحوار مع المعارضة السورية

سبع كتائب إسلامية تحاصر عين العرب وتقطع أوتوستراد منبج ــ الحسكة

TT

فاقمت كتائب إسلامية في ريف حلب، بعضها يتبع الجيش السوري الحر، أمس، المشكلة مع الأكراد في شمال وشرق سوريا، وقادتها إلى مزيد من التأزم، بإعلانها اتخاذ إجراءات عسكرية وأمنية في المنطقة ذات الأغلبية الكردية، بينها اعتبار أوتوستراد منبج - الحسكة منطقة عسكرية، وفرض حصار على مدينة عين عرب، في مقابل إجراءات عسكرية اتخذها المقاتلون الأكراد «الذين تجاوزوا خلافاتهم للدفاع عن أنفسهم»، بحسب ما قال مصدر كردي بارز لـ«الشرق الأوسط».

وتزامنت هذه الإجراءات المتقابلة، مع قيام مسلحين تابعين لجبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام، بخطف نحو 200 مدني من بلدتين كرديتين في ريف حلب شمالي سوريا، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأوضح أن المقاتلين الإسلاميين سيطروا على بلدة تل عرن في ريف حلب، فيما لا تزال قرية تل حاصل محاصرة من قبلهم.

وتعيش المنطقة الكردية الممتدة من عفرين في ريف حلب، إلى شرق سوريا على مسافة 20 ألف كيلومتر مربع، قلقا بالغا إثر اشتباكات متقطعة بين حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ومقاتلين إسلاميين، اشتعلت على نطاق واسع نهاية الأسبوع الماضي. واتهم إسلاميون حزب العمال الكردستاني بالدخول على خط القتال، على الرغم من نفي مصادر كردية ذلك، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «الإسلاميين يتذرعون بأن الأكراد تابعون لحزب العمال الكردستاني لتبرير قتالهم».

وأصدرت كتائب مقاتلة في مدينة منبج وصرّين وشيوخ وجرابلس، أمس، بيانا حول تأزم الوضع بين الثوار وما قالوا إنه حزب العمال الكردستاني في ريف حلب، أعلنت فيه «بدء حصار كامل لمدينة عين العرب والاستعداد لأي حالات هجوم من الكردستاني، واعتبار طريق أوتوستراد منبج - الحسكة منطقة عسكرية حتى يتم السيطرة عليها بشكل كامل وطرد حواجز حزب العمال الكردستاني منها»، و«وقف جميع المفاوضات والاجتماعات السياسية بين الثوار وأي جهة تعتبر ممثلة لحزب العمال الكردستاني». ووقّع على البيان كل من لواء التوحيد، ولواء جند الحرمين ودولة الإسلام في العراق والشام وحركة أحرار الشام الإسلامية ولواء أصحاب اليمين ولواء اليرموك ولواء أحرار الشيوخ وألوية صقور الشام.

لكن الأكراد يعتبرون أن الإسلاميين يستهدفون جميع بني قومهم في المنطقة، من غير التفريق بين أحزاب وشخصيات. ويشير مدير مركز التآخي للديمقراطية والمجتمع المدني في شمال سوريا ميرال أمادوا إلى أن الأكراد يتحضرون للقتال في الداخل «دفاعا عن النفس»، مؤكدا ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن جميع الفصائل الكردية «ترى خطرا وجوديا عليها، فتضامنت للدفاع عن النفس». وقال: «كل مواطن كردي بات مضطرا للدفاع عن ماله وعرضه، كي لا يتكرر ما حصل في تل أبيض، حيث كان أفراد الدولة الإسلامية ينتزعون ملكية البيوت والممتلكات من المدنيين».

وتقاطعت هذه المعلومات مع ما أعلنته مصادر كردية من أن قوات الحماية قامت بمراجعة تكتيكاتها القتالية، للدخول إلى المناطق التي ينطلق منها المهاجمون، لضرب خطوط الإمداد في الرقة المعقل الرئيس لمسلحي النصرة والقريبة من المناطق الكردية، وذلك بعد يومين من دعوة الأكراد إلى التعبئة المسلحة وإعلان النفير العام في القرى الكردية السورية ضد هجمات مسلحي النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام.

وتدور المعارك بين الأكراد والإسلاميين في ريف حلب وعفرين وكوباني، وتمتد شرقا نحو تل أبيض فرأس العين، ونزولا إلى القامشلي وحقول النفط في السويدية والرميلان، في أقصى الشمال الشرقي في محافظة الحسكة. وباشتعال جبهة ريف حلب، تصبح المنطقة الكردية بأكملها ساحة حرب مفتوحة مع الإسلاميين، وكتائب الجيش الحر ذات التوجه الإسلامي، مثل لواءي التوحيد وصقور الشام. وتقول المصادر إن «المعارك ستمتد من عفرين إلى الشرق، وصولا إلى رميلان والقحطانية وقرية بيازو التابعة لها التي تعرضت أول من أمس لهجوم بقذائف المدفعية».

وضاعفت الإجراءات العسكرية في المنطقة الكردية الأزمة التي تعيشها المنطقة على وقع اشتباكات واغتيالات وتهديدات بين الطرفين. ويقول ميرال إن العملية «امتداد للمشكلات التي تتواصل في تل أبيض وريفه، وبعض القرى التابعة لتل عرن التي شهدت اختطاف 200 مدني، وقد تعرضت أمس لهجوم من كتائب موالية لدولة الإسلام، وليست تابعة للجيش الحر وهيئة أركانه التي نؤكد أنها غير معنية بقصف الأكراد وقتالهم».

وعلى أثر اختطاف المدنيين، قالت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة كوباني التي يعيش فيها نحو 50 ألف مواطن كردي، «شهدت حشدا عسكريا كرديا كبيرا، تخلله تسليح للأهالي للدفاع عن أنفسهم، ورد الهجمات المتتالية للإسلاميين عليهم».

ويدخل الأكراد في المعركة مع الإسلاميين «منعا لاستباحة المدن الكردية التي يريدها الإسلاميون»، كما يقول ميرال لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن الإسلاميين «يطلبون فتح المدن الكردية أمامهم، وهذا ما يرفضه الأكراد كي لا تتكرر تجربة مدينة رأس العين». وقال إن «مركز التآخي للديمقراطية، الذي يتخذ من الحسكة مركزا له، وثق تعرض مواطنين أكراد لانتهاكات حقوق الإنسان في رأس العين، لجهة فرض شروط الدولة الإسلامية على غير المسلمين، وقصف الأحياء الآمنة التي يسكنها المدنيون بعد خروج الإسلاميين منها، وقصف الأفران».

وينظر هؤلاء إلى «الاعتداء على الأكراد» على أنه «اعتداء على الثوار والمواطنين». ويؤكد ميرال، أن الهجمة على الأكراد «غير مبررة». وأوضح أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي اتخذ موقفا دفاعيا عن الأكراد، لكنه في المقابل لم يتعرض لأي أحد من العرب أو المكونات الأخرى لأذى، على الرغم من أن خروقاته الحقوقية كانت ضد الأكراد أنفسهم، كون هذا الحزب يقدم نفسه كممثل وحيد للشعب الكردي أو وصي عليه.