الخريطة العسكرية في سوريا تتغير ببطء: «الحر» يتقدم في حلب.. والنظام يركز على حمص

خبير استراتيجي: لا حسم عسكريا هناك.. وما يجري هو تحضير أرضية التفاوض

TT

منذ أسابيع قليلة وفي ظل تراجع الحديث عن الحل السياسي، بدأت المعارك بين المعارضة السورية المسلحة وجيش النظام تتخذ طابع تغيير «الستاتيكو» على الكثير من الجبهات: تقدم النظام من خلال انتصارات الريف الحمصي الجنوبي في القصير وتلكلخ، فردت المعارضة بعملية سيطرت فيها على كامل الريف الغربي للمدينة. وبعد دخول النظام إلى حي الخالدية في قلب حمص المحاصرة منذ أكثر من 14 شهرا، كان رد المعارضة دخول بلدة خان العسل حيث راج الحديث عن معادلة خان العسل مقابل الخالدية، وبات الهدف الرئيس لكتائب المعارضة أكاديمية الأسد الحصن المنيع في حلب والتي سيعني سقوطها استعادة السيطرة على كل المدنية. كذلك أطلقت قيادة الجبهة الجنوبية التابعة لأركان الجيش الحر عمليتين منسقتين، وبالتزامن، في كل من دمشق ودرعا، تهدف الأولى إلى السيطرة على حي القابون وتخفيف الضغط عن المزة والوصول إلى قلب العاصمة وعزلها عن إمداد الشمال والجنوب.

وبعد نحو سنتين من عسكرة الأزمة السورية، وحمل المعارضة السلاح لإسقاط النظام الذي تصدى للمظاهرات السورية بالسلاح، تبدو صورة الوضع الميداني في سوريا متوازنة إلى حد ما، بعد أن استعاد النظام المبادرة محققا تقدما في محيط دمشق وحمص، متابعا الإمساك بالمدن الرئيسة ما عدا محافظة الرقة التي سقطت بكاملها بيد المعارضة وأجزاء كبيرة من حلب.

وفي حين يقبض النظام على كل من إدلب المدينة فإن ريفها بمعظمه بيد المعارضة. وهو يسيطر على حماه المدينة وسط عمليات مد وجزر في الريف. بينما يسيطر «الجيش الحر» على معظم المنطقة الشرقية ويستعد بحسب ناطق رسمي باسم «الجيش الحر» لشن هجوم يستولي فيه على مطار دير الزور وباقي المناطق الاستراتيجية.

لكن كل هذه الاختراقات والتغييرات على الأرض «لا تعني أن هناك حسما عسكريا»، بحسب أحد الخبراء الاستراتيجيين، الذي شدد على أن كل ذلك يهدف لتحضير الأرضية لتسوية سياسية، و«مهما حصل فمن المستحيل على النظام استعادة سوريا وكذلك على (الحر) السيطرة على الساحل».

وأكد الخبير الاستراتيجي العميد إلياس حنا لـ«الشرق الأوسط» أن «الضربة النوعية التي حققها النظام في القصير كان إجباريا أن يستغلها ويتبعها حمص حتى يستكمل نصره في القصير»، موضحا أن «حلب حاليا خارج هذا الإطار بالنسبة للنظام بينما الأساس حمص التي تعني السيطرة عليها التحكم بالساحل والعاصمة». ورأى أن استراتيجية الجيش الحر حاليا قامت على «الإسراع في فتح معركة حلب لأنه قوي هناك ولأنه أراد أن يستعيد ويستوعب ما حصل في القصير من خلال تحقيق مكاسب في حلب»، واصفا ما يقوم به «الحر» في حلب بأنه «حرب استباقية لأنه يعرف أنه إذا انتصر النظام في حمص فإن وجهته حلب وسيكون قادرا على الحشد في حلب مدعوما بانتصار معنوي».

وشكك حنا بـ«قدرة النظام على استرجاع حلب»، مضيفا أن «النظام يبقي وحدات اشتباك في حلب ودير الزور لتكون بمثابة تثبيت وتشتيت لقوات الجيش الحر». وأكد أنه «مهما حصل فمن المستحيل تماما أن يسترد النظام السيطرة على كل سوريا»، مشددا على أنه «في المقابل، لن تستطيع المعارضة السيطرة على الساحل أبدا. وأساسا الولايات المتحدة لن تسمح بذلك لأنه يعني حصول تطهير طائفي ومذابح. الولايات المتحدة لا تريد ذلك بل تريد بناء الدولة الجديدة على أسس من القديمة لا هدم القديمة كلها».

ورأى أن «السيناريو المتوقع ليس تقسيما»، مضيفا أنه «لن يكون هناك تقسيم لسوريا، بل ستبقى ضمن حدودها الدولية المعترف بها سنة 1920 لكنها ستكون مقسمة داخليا بين دويلات ومناطق نفوذ. الحرب قد تستمر 15 سنة». ولفت إلى أنه «حتى لو تسلم الجيش الحر السلاح الآن فإنه يحتاج ستة أشهر ليحصل على نتيجة، أما بالنسبة للجيش السوري النظامي فصار عنده تجربة أكبر ولحمة داخلية لأنه يدافع عن البقاء». وأكد حنا أنه «لن ينتصر أحد في سوريا وكل هذه الانتصارات من الجهتين تكتيكية لا استراتيجية وهدفها الوصول إلى طاولة المفاوضات ولا حسم عسكري».

وشدد على أنه بالنسبة للواء أبو الفضل العباس وحزب الله، فـ«لا أهمية للأول الذي هو بعيد جغرافيا، أما التأثير الكبير والفاعل فهو لحزب الله بسبب قربه الجغرافي من مناطق القتال». ورأى أن «حزب الله عنصر أساسي في بقاء النظام وتأمين ساحته الخلفية الآمنة»، مقدرا عدد عناصره المقاتلة في سوريا بأنها «ما بين 1500 و3000 من النخبة. لكن يجب الانتباه أن حزب الله يستطيع المبادرة في حمص لكن لا يقدر على ذلك بحلب. فعاليته بحمص أكبر بكثير بسبب القرب الجغرافي».

* قيادة «الحر»: الأولوية لحمص ودمشق

* الناطق الرسمي باسم القيادة العليا للجيش السوري الحر العقيد طيار قاسم سعد الدين، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام لا يسترد فعليا المناطق التي سيطر عليها الجيش الحر بل هو فقط يدمر ويقتل ويتغنى بقتل من يسميهم جماعات إرهابية ودك أوكارهم وليس باستعادة مناطق فقدها». وشدد سعد الدين على أن «الأولوية بالنسبة للجيش الحر تتمثل بجبهتي حمص ودمشق»، موضحا أنه «بالنسبة لإدلب وحلب فنحن من نحاصر الجيش النظامي». وأضاف أن «تقدم الجيش الحر في درعا ممتاز والعمل أكثر تنظيما من المناطق الشمالية بسبب إنشاء العديد من غرف العمليات»، مشيرا إلى أن «الأهداف الاستراتيجية التي يسعى إليها (الحر) في درعا هي مناطق مثل خربة غزالة والصنمين وإجمالا الطريق الدولي الذي يربط درعا بدمشق».

ولفت سعد الدين إلى أنه في الوقت الذي يستعين فيه النظام بحزب الله والإيرانيين، فإن التسليح بالنسبة للجيش الحر «ما زال يتأخر ونحن نصر على تسلم سلاح أميركي فعال مثل (صواريخ ستينغر) المضادة للطائرات»، محذرا من أن سوريا «ستتحول لساحة للمتطرفين وسيكون الغرب ارتكب جريمة في منطقة الشرق الأوسط برمتها».

* دمشق.. «الحر» يحاول قطع إمدادات النظام

* بعد هجوم شرس للنظام على حي القابون الدمشقي وكذلك مخيم اليرموك، استعاد «الحر» المبادرة بشن هجوم كبير على القابون وصولا إلى كراجات العباسيين لتحقيق هدفين هما: قطع إمدادات النظام على كل من الطريق الدولي بين دمشق وحمص من جهة، ودمشق ودرعا من جهة ثانية. ويشرح سليم، نائب قائد المجلس العسكري الثوري لدمشق وريفها وقائد لواء «الشام»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «استراتيجية النظام في دمشق تقوم على فتح اشتباكات على المحاور التي تحاذي الريف مثل المخيم (اليرموك) وجوبر والقابون، حيث إنه يهدف إلى تحويل هذه الجبهات إلى جبهات استنزاف لذخيرة وطاقة المقاتلين حتى ينتهي من معركة حمص ويحكم السيطرة». وأوضح سليم أن «النظام طبق هذه الاستراتيجية في مناطق العتيبة والعبادة والقاسمية والدير سلمان والبحارية، حيث كان تقدم بشكل كبير جدا لكنه عاد وخفف الضغط على هذه الجهة من الغوطة الشرقية وحولها إلى جبهة استنزاف بحيث تكون عمليات مناوشة لأنه أدرك أن الغوطة الشرقية محاصرة ولا يمكن أن يدخلها السلاح فيعمل حاليا على استنزاف قوة وذخيرة المجاهدين كي يدخلها بكل سهولة لاحقا».

وأوضح أنه «بسبب الخناق الذي يفرضه النظام على مناطق دمشق وريفها أولا وعدم التحرك الجاد من الداعمين الدوليين بشكل خاص وهيئة الأركان بشكل عام باتجاه إيصال الدعم لدمشق وريفها، فإن الجيش الحر يعتمد في العاصمة على ما يغنمه فقط». وشدد على أن «الجيش الحر يسعى في دمشق إلى الحفاظ أولا على نقاط تقدمه التي أحرزها وثانيا تنفيذ عمليات نوعية داخل دمشق تزعزع النظام داخليا وتشتت استراتيجيته»، بينما «استحدث النظام قلعة منيعة داخل دمشق منذ شهور واستقدم ترسانة قوية مما استدعى تأخر دخول الثوار أو البدء بالمعركة الحاسمة في دمشق».

من جانبه، أشار الناطق باسم الجبهة الجنوبية التابعة لهيئة الأركان في الجيش الحر مطر إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» إلى المعركة التي بدأها الجيش الحر في دمشق منذ أيام بالتزامن والتنسيق مع بدء معركة «بدر الكبرى» في درعا. وأضاف مطر أنه «تم تحرير معمل الكهرباء والمطاحن على طريق مطار دمشق الدولي ومعمل المعكرونة ضمن معركة الفرقان بالغوطة الشرقية والتحرير مستمر على جبهة القابون والاشتباكات حول رحبة الدبابات»، مشيرا إلى أن لـ«السيطرة على المطاحن أهمية كبيرة لأنه يتمركز فيها قناصو النظام على طريق مطار دمشق الدولي حيث يطالون العديد من البلدات وموقعها مهم جدا لأن تحريرها يعني تحول طريق المطار لمنطقة اشتباكات وبالتالي منطقة عسكرية مغلقة».

وتطرق إسماعيل إلى استراتيجية النظام في العاصمة، فأوضح أن «النظام يحاول منذ فترة طويلة اقتحام حيي برزة والقابون شمال دمشق لتطويق الغوطة الشرقية من جهة الأوتوستراد الدولي والبدء بعملية عسكرية في حرستا ودوما، والسيطرة الكاملة على الحيين الاستراتيجيين القريبين من قلب العاصمة وعدة مواقع عسكرية وأمنية مهمة منها مقر الوحدات الخاصة والشرطة العسكرية ومبنى البحوث العلمية وغيرها»، مضيفا أن قوات النظام «تحاول أيضا باعتماد كامل على شبيحة القيادة العامة من الفلسطينيين اقتحام مخيم فلسطين جنوب دمشق مع استخدام محدود للغازات السامة أوقعت مصابين من الجيش الحر».

ولفت إلى أن الجيش النظامي «من جهة أخرى يحاول السيطرة بعد أكثر من ثمانية أشهر على مدينتي داريا والمعضمية في الغوطة الغربية القريبتين من مطار المزة العسكري وسرايا الدفاع وجبال الفرقة الرابعة بهدف تحجيم وجود الجيش الحر حول مواقع عسكرية أمنية استراتيجية جدا كمطار المزة». ولفت إلى أن «معركة دمشق من الممكن أن تزيد الضغط على النظام شمالا في حمص عبر قطع الأوتوستراد الدولي وجنوبا في درعا عبر خلق طرق موت، أي طرق خطرة على إمدادات النظام».

وشدد على أن النظام يسعى إلى «خلق أكبر مساحة جغرافية محتلة من قبله وتوسيعها للعمل على الضغط الدولي اعتمادا على هذه الإنجازات وإرضاخ المعارضة الخارجية والائتلاف والدول الغربية الداعمة للمعارضة من أجل تأكيد فكرة أن الحسم العسكري أمر مستحيل، ولكننا نؤكد أن الحسم العسكري التدريجي سيكون واقعا في حال وصلت إلينا أسلحة ثقيلة ونوعية».

* درعا.. والقنيطرة

* أكد قائد الجبهة الجنوبية وقائد لواء اليرموك بشار الزعبي لـ«الشرق الأوسط» من درعا، أنه مع «إطلاق معركة (بدر الكبرى) ضمن معركة (قادمون يا دمشق)، فإن استراتيجية الجيش الحر في درعا تقوم على تحرير بلدة خربة غزالة وعدة نقاط والتوجه لفتح الطريق إلى ريف دمشق الغربي، حيث إن هدفنا الأخير هو الوصول إلى داريا لكن هناك مراحل لا يمكن الخوض بتفاصيلها». ولفت الزعبي إلى أن «نوى تقريبا محررة. والمناطق الاستراتيجية التي ننوي تحريرها هي خربة غزالة ونوى والصنمين وأنخل وجاسم، بالإضافة إلى توسيع رقعة القتال وتشتيت العدو وتخفيف الضغط عن دمشق»، مشددا على أن «النظام في درعا في وضع دفاعي ويستخدم القصف العشوائي بينما نحن من نبادر بالهجوم». وأضاف أنه «يشترك في معركة (بدر الكبرى) ستة ألوية هي لواء اليرموك، ولواء فلوجة حوران، ولواء الحق، ولواء درع حوران، ولواء محمد بن عبد الله، ولواء المهاجرين والأنصار»، مردفا أن «كلها تتبع للأركان».

ومن القنيطرة، أوضح الناطق باسم لواء أبو دجانة التابع لألوية أحفاد الرسول، أبو عمر الجولاني، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أنه «لا تقدم للجيش الحر في منطقة الجولان والقنيطرة بسبب طبيعة المنطقة حيث يمسك النظام برؤوس الجبال والتلال بشكل عسكري محكم». وعدّد هذه المواقع العسكرية وهي: تل الشعار، وتل أيوبا، والتلول الحمر، وتل الشحم، وتل الحارة، وتل أحمر الغربي، وتل السقري، وقيادة اللواء 90، مشيرا إلى أنه «يوجد ما لا يقل عن حاجزين للنظام في كل منطقة». وأضاف الجولاني أنه «لا يوجد سلاح ثقيل مع النظام في المنطقة لكن قبل مدة حصل تعاون بين النظام وإسرائيل عندما تحرر المعبر، حيث سمحت إسرائيل للنظام بإدخال ما يقارب 50 دبابة للمنطقة المعزولة»، مشيرا إلى أن «الأمر نفسه تكرر في معركة القحطانية التي جرت قبل أسبوعين تقريبا»، لكنه لفت إلى أن «هذه الدبابات انسحبت بعد إتمام عملياتها»، مقدرا عدد عناصر «جيش الأسد في المنطقة بنحو 5 آلاف لكن تم دخول عناصر من حزب الله اللبناني وعناصر درزية فوصل عددهم لما يقارب 10 آلاف تقريبا».

* حمص.. عمود استراتيجية النظام

* أحكمت القوات النظامية السيطرة على قلب المدينة المحاصرة متمثلا بحي الخالدية ومدعومة من الميليشيات المحلية وحزب الله اللبناني، وتدور اشتباكات عنيفة في الوقت الذي يسعى فيه النظام لاستعادة المدينة، بينما تغيب أي استراتيجية واضحة لقيادة «الحر» لتحرير المدينة أو وقف تقدم قوات الأسد.

وفي هذا السياق، لفت قائد جبهة حمص ومساعد رئيس الأركان في الجيش الحر العقيد فاتح حسون في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك خططا لتحرير حمص ويمكن تنفيذها في حال توفر الدعم لها، وهي مدروسة». وكشف حسون أنه «لم تكن لحمص حصة في الأسلحة النوعية الواصلة أخيرا»، موضحا أنه «لم تصل إلى الأركان أي أسلحة من هذا النوع بشأن حمص». لكنه أقر في الوقت نفسه بأن «هناك تشكيلات تعمل في حمص تسلمت هذا السلاح (النوعي والمضاد للدروع تحديدا) ولكن مباشرة من الدولة الداعمة» التي لم يسمها.

من جهته، رأى عضو المجلس العسكري والثوري في حمص النقيب واصل أيوب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجميع تخلى عن حمص والسلاح الذي أرسل إلى حمص لم يكن للتحرير أو لتحقيق انتصار». ورأى أيوب أن «ما يجري الترويج له حاليا بالدعوة لتحرير سوريا من الشمال للجنوب يعني أن نوقف الدعم عن حمص بحجة تحرير إدلب وحلب»، مضيفا أن «فتح جبهة جديدة في الحسكة والتي توجه إليها جزء كبير من مقاتلي حمص من الريف والمدينة يصب في هذا الاتجاه أيضا». وأكد أيوب أن النظام «بدأ في السيطرة على حمص من الجنوب للشمال بطريقة تشبه التنظيف الكامل بحيث لا يترك أي جيوب خلفه ليبقى ظهره محميا». وحذر من أنه «إذا استطاع النظام السيطرة على حمص المدينة، فتبقى الحولة وهي محاصرة بالأساس وضعيفة»، وبالتالي يصبح هدفه التالي «الرستن وتلبيسة وهما عبارة عن جبهة واحدة».

وأكد أن النظام «لن يلتف على حمص المدينة إذا طالت المقاومة فيها لأنه بعد حمص المدينة تنتظره المعركة الأقوى في الرستن ومن المستحيل أن يتجه صوب الرستن إلا بمعنويات مرتفعة وانتصارات سابقة»، مشيرا إلى أن «صمود حمص المحاصرة حتى الآن ما زال ضمن التوقعات العسكرية للنظام الذي يتعمد القتال بهدوء حتى لا يخسر الدبابات لأنه لا يعرف السلاح المضاد للدروع الذي ينتظره».

وأوضح أن «الاستراتيجية المقابلة التي يمكن للجيش الحر أن يستخدمها لإفشال مخطط النظام تتمثل بفتح جبهة الريف الشمالي من قبل الجيش الحر أو بالهجوم من الخارج (حمص المدينة) ونقل المعركة للمناطق المؤيدة للنظام سواء أحياء أو قرى أو مدن».

* حلب.. «أكاديمية الأسد» العائق الأخير

* في حلب صارت «أكاديمية الأسد» الهدف الذي تتفق عليه كل الكتائب المقاتلة تمهيدا لتحرير باقي المدينة، في الوقت الذي ينتظر فيه «الحر» 50 صاروخا «كونكورس» للسيطرة تماما على الريف الجنوبي. وأوضح النقيب حسام أبو محمد الضابط في غرفة العمليات في حلب لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطة الجيش النظامي في حلب المحافظة تقوم على السيطرة أولا على الريف الجنوبي وذلك للمحافظة على طريق الإمداد الوحيد له من أثريا إلى خناصر إلى معامل الدفاع، ومن معامل الدفاع إلى كلية المدفعية»، مشيرا إلى أن «الطريق من المدفعية إلى حلب المحاصرة مفتوح لأنها مناطق تابعة لسيطرته (النظام). ثانيا، محاولة اقتحام الريف الغربي عن طريق معارة الأرتيق وذلك للوصول إلى نبل والزهراء، حيث إن الهدف الأساسي هو الوصول إلى الريف الشمالي، وتحديدا مطار منغ ومنه إلى معبر باب السلامة»، شارحا أن «ما حصل على الأرض هو أن النظام بالفعل انطلق من الأكاديمية والمخابرات الجوية بطريقة مختلفة ومتطورة ووصل إلى معارة الأرتيق في الريف الغربي لكنه طبعا لم يكن يقدر القوة الموجودة» للجيش الحر. وأوضح الضابط الذي كان يقود صد الهجوم في معارة الأرتيق أن «النظام فوجئ بقوة الجيش الحر ونجحنا بصده وخصوصا عبر صواريخ (السهم الأحمر) الصينية المضادة للدروع التي كنا تسلمناها حديثا ولا يعلم بها». وأضاف أنه «بعدها تم من خلال معركة القادسية الدخول إلى الراشدين وذلك للوصول لمبنى البحوث العلمية ثم إلى مدفعية الزهراء ومن الطرف الآخر باتجاه خان العسل»، لافتا إلى أنه «قامت غرفة العمليات مع الفرقة 19 من الجيش الحر باقتحام خان العسل والسيطرة عليها وصرنا نحاصر الأكاديمية (أكاديمية الأسد) من الطرف الغربي، وهذا ما لم يكن بحسبان النظام». وكشف أبو محمد أنه «سنتسلم قريبا 50 صاروخا (كونكورس) مضادا للدروع، وهذا يعني أنه ستكون لنا اليد العليا في الريف الجنوبي».

من جهته، أكد المسؤول الإعلامي العام لحركة أحرار الشام، حازم الشامي، لـ«الشرق الأوسط»، انطلاق «عملية رص الصفوف لقطع طريق الإمداد عن حلب من حماه». وأوضح الشامي أنه يقود هذه المعركة «غرفة عمليات مشتركة بين ثلاثة فصائل هي حركة أحرار الشام الإسلامية، وتجمع ألوية (فاستقم كما أمرت)، وكتائب مجاهدي ابن تيمية»، مشيرا إلى أنه «لا علاقة للمجلس العسكري لحلب بهذه العملية».

ووصف الشامي هذه المعركة بأنها «أهم معركة بحلب لأنها ستؤدي إلى قطع إمداد النظام بالكامل من خلال قطع خط إمداده الوحيد من حماه لحلب، وبالتالي سقوطه في حلب يصبح سهلا جدا»، مشددا على أن الهدف التالي بعد تثبيت السيطرة على خط الإمداد هذا هو «الاتجاه نحو الأكاديمية».

* الجبهة الشرقية

* شرح الناطق باسم الجبهة الشرقية لأركان الجيش الحر، عمر أبو ليلى، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، الاستراتيجية العسكرية التي يعتمدها جيش النظام في المنطقة الشرقية، مشيرا إلى أنه «بعد تحرير أكبر قطاع في سوريا وهو ريف دير الزور بالكامل وأجزاء كبيرة من المدينة، يعتمد جيش بشار الأسد على استراتيجية القصف عن بعد وإلحاق الدمار بأكبر قدر ممكن من البنى التحتية، بالإضافة لأسلوب الانتقام، وخصوصا حينما يحرز الجيش الحر انتصارات مدوية ويحرر نقاطا وثكنات عسكرية». وأوضح أبو ليلى أنه «منذ ما يقارب السنة تماما فقد (جيش النظام) زمام الأمور وأصبح في موقع المدافع في الوقت الراهن ويحاول أن يبقى مدافعا عن الثكنات التي هي محاصرة تقريبا الآن كلها ولعل أبرزها المطار العسكري».

وكشف أنه «في الفترة القريبة المقبلة سيكون هناك عمل عسكري ضخم جدا وسيكون حاسما، وأنا أتكلم على مستوى ثكنات عسكرية ضخمة ستخرج عن سيطرة قوات الأسد وربما أولها المطار العسكري».