الشرطة التركية تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرات في إسطنبول

شباب ميدان تقسيم: أردوغان يتخيل نفسه سلطانا عثمانيا.. ولا يسمع أصواتنا

شرطة مكافحة الشغب التركية وهي تحاول تفريق المحتجين ضد سياسات الحكومة في ميدان تقسيم أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

يصر الشباب الأتراك المحتجون على سياسات حكومة رجب طيب أردوغان على الوجود في ميدان تقسيم وسط إسطنبول، ذلك الميدان الذي تحول إلى رمز للمتظاهرين والمحتجين ضد الحكومة التركية بعد أن كان مجرد موقع يمر به السياح وهم في طريقهم إلى جادة الاستقلال المزدحمة بالمحلات التجارية نهارا وبالمطاعم والمقاهي الليلية مساء.

وبعد أن شهدت احتجاجات الشباب الأتراك انحسارا أو فتورا طيلة الأسابيع الماضية، تجددت ليلة أول من أمس المواجهات بينهم وبين قوات شرطة مكافحة الشغب التركية التي أطلقت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المئات من المتظاهرين المناهضين للحكومة في ساحة تقسيم التي شهدت مظاهرات عنيفة هزت البلاد في يونيو (حزيران). وذكر شهود عيان أن أربعة أشخاص على الأقل أصيبوا بعد أن تدخلت الشرطة لتفريق حشد من نحو 500 متظاهر تجمعوا في الساحة.

وهتف المحتجون: «سنقاوم حتى نكسب.. هذه هي البداية فقط، وسنواصل الكفاح». وواجهت الحكومة التركية ذات الأصول الإسلامية في يونيو موجة من المظاهرات التي شكلت أكبر تحد لها منذ توليها السلطة قبل أكثر من عشر سنوات. وكانت الشرطة تدخلت في حديقة جيزي في 31 مايو (أيار) الفائت واستخدمت القوة لطرد مئات الناشطين الذين كانوا يحتجون على إعلان إزالة الحديقة. وشكل هذا الحادث الشرارة التي أشعلت الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة الإسلامية المحافظة التي تحكم تركيا منذ 2002.

بعض المحتجين في ميدان تقسيم، وهم من طلبة وخريجي الجامعات ومن الشباب، والذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن أردوغان يتصرف بطريقة «ديكتاتورية» في حكم تركيا، وأنه «ينفذ ما يريد دون العودة إلى رأي الشعب».

تقول الدكتورة يازكي كوي، وهي طبيبة شابة (26 عاما)، إن «مشكلة أردوغان أنه لا يستمع إلينا، لا يريد أن يسمع أصواتنا نحن الشباب، هو فقط يستمع لمعاونيه ولفئة من الشعب تؤيده»، وتتساءل قائلة: «لماذا لا يستمع رئيس حكومتنا لأصواتنا؟ فالشباب لهم آراء مهمة في سير وبناء الدولة، وهو (أردوغان) يعتقد بأننا فوضويون أو ننفذ أجندات خارجية مع أننا منظمون جدا وأتراك ونحب وطننا ولا نريده أن يمضي نحو الهاوية».

وترى ميرفت (24 عاما)، وهي طالبة جامعية، أن «أردوغان تحول إلى ديكتاتور، معتقدا بأنه يتمتع بقوة أصوات 51 في المائة من الناخبين الأتراك، إذن ماذا عن الآخرين؟ ماذا عن الـ49 في المائة؟ ألا يحق لهم أن يفكروا ويعترضوا؟ أم على الحكومة إهمال نصف الشعب التركي؟»، مشيرة إلى أن «رئيس الحكومة يجب أن يكون رئيس كل الشعب التركي وليس لناخبيه فقط»، وعن سبب مشاركتها في الاحتجاجات، تقول: «نحن هنا لنقول لأردوغان إنك لن تستطيع أن تحقق حكما ديكتاتوريا في تركيا، ونحن بالمرصاد لكل هذه الممارسات».

ويوضح مراد (31 عاما)، وهو موظف في بلدية منطقة الفاتح، كبرى بلديات إسطنبول، أن «علينا أن نعترف بأن أردوغان قدم الكثير لتركيا، وخصوصا إسطنبول التي كان هو عمدتها، لكن ذلك لا يحوله إلى سلطان عثماني مثلما قد يعتقد ذلك. إن زمن الولاة والسلاطين قد انتهى، والشعب الذي نصب أردوغان رئيسا للحكومة قادر على إبعاده عن هذا المنصب»، منبها إلى أن «الشباب الأتراك، ليس في إسطنبول وحدها وإنما في أنقرة وفي مدن تركية أخرى، قادرون على مواصلة الاحتجاجات وبقوة، ونحن لا نخشى ممارسات الشرطة التي كانت قد قتلت 4 من المحتجين سابقا، وهم يعرفون ذلك»، وفي رده على سؤالنا حول سبب اعتقاده بأن أردوغان يريد التحول إلى سلطان عثماني مع أن الدستور واضح بمنح صلاحياته لرئيس الحكومة، يجيب مراد قائلا: «هناك دائما أكثر من وسيلة للتلاعب بالقوانين ومواد الدستور، وأردوغان يريد أن يفرض حكما إسلاميا في تركيا العلمانية بطريقة وبأخرى، وهو لا يريد أن يصدق بأن هناك من يؤيد سياساته وبالمقابل هناك من يعارضها ويعترض عليها».

وعن التقدم الاقتصادي في تركيا، الذي يقرن بحكم أردوغان، تقول كاميز، وهي موظفة شابة (27 عاما) في أحد البنوك، إن «أردوغان باع تركيا للغرب وللخليجيين، وبالذات باع إسطنبول، لقد أزال غابات واسعة لتحويل أراضيها إلى مجمعات سكنية راقية تباع فيللاتها بملايين الدولارات، وإلى مراكز تجارية، وهي عبارة عن أبراج بعشرات الطوابق، هذه الاستثمارات لم تعد بالخير على الفقراء أو ذوي الدخل المحدود، بل زادت من ثراء الأثرياء لا غير».