سنودن يدخل الأراضي الروسية بعد منحه لجوءا مؤقتا لمدة عام

تسريبات العميل السابق تكشف عن برنامج جديد تستخدمه الاستخبارات الأميركية لمراقبة الإنترنت

محامي سنودن يعرض الوثيقة التي قدمت لموكله وتسمح له بدخول الأراضي الروسية بصفته لاجئا لمدة عام في مطار موسكو أمس (أ.ب)
TT

بعد تردد دام لأكثر من أربعين حسمت موسكو أمرها وقررت الموافقة على قبول إدوارد سنودن المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية، لاجئا مؤقتا لمدة عام اعتبارا من يوم أمس. وقال أناتولي كوتشيرينا القانوني الروسي الذي تعهد متطوعا بمساعدة سنودن إنه سلمه الوثائق الدالة على موافقة الوكالة الفيدرالية الروسية للهجرة على طلبه الذي كان تقدم به في وقت سابق من هذا الشهر.

وأشار كوتشيرينا في تصريحات لوكالة «إنترفاكس» إلى أن التصريح الذي تسلمه سنودن يسمح له بمغادرة منطقة الترانزيت بمطار موسكو لأول مرة منذ وصوله إليها في 23 يونيو (حزيران) الماضي قادما من هونغ كونغ. وأكدت مصادر حرس الحدود في مطار موسكو في تصريحات نشرتها وكالتا أنباء «إنترفاكس» و«ايتار تاس» أن «سنودن دخل الأراضي الروسية أمس بموجب وثيقة الوكالة الروسية للهجرة التي تسمح له بالتواجد على أراضي الدولة الروسية».

وقالت المصادر إن سنودن دخل موسكو برفقة سارة هاريسون مستشارة «ويكيليكس» التي كانت رافقته إلى مطار العاصمة الروسية في رحلته من هونغ كونغ.

وأكد كوتشيرينا أن مكان إقامة سنودن سيظل سرا لن تكشف السلطات الروسية عنه بوصفه «أكثر البشر المطلوبين في العالم». وأضاف أنه «غادر المطار إلى مكان آمن»، لكنه قال إنه «لن يبوح به لاعتبارات أمنية». وكانت مصادر الوكالة الفيدرالية للهجرة في موسكو سبق أن أشارت إلى أن سنودن سيقيم في حال الموافقة على طلب منحه حق اللجوء في مركز الإيواء الخاص بالمهاجرين المؤقتين، حيث يشكل السوريون أغلبية المقيمين فيه.

وتعليقا على هذا التطور، قال سيناتور أميركي بارز إن قرار روسيا منح اللجوء المؤقت لسنودن يشكل «نكسة» للعلاقات الأميركية - الروسية. وقال السيناتور روبرت منينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية المتنفذة في مجلس الشيوخ الأميركي إن «إدوارد سنودن هارب يجب أن يمثل أمام المحكمة الأميركية، وليس رجلا حرا يستحق منحه اللجوء في روسيا». وأضاف: «بغض النظر عن حقيقة أن روسيا منحته اللجوء لمدة عام، فإن هذا الفعل يشكل نكسة للعلاقات الأميركية - الروسية».

ومنحت السلطات الروسية سنودن اللجوء المؤقت غداة نشر صحيفة «الغارديان» البريطانية نقلا عن وثائق سربها المتعاقد السابق مع الاستخبارات الأميركية، تفيد بأن الاستخبارات الأميركية تستخدم برنامجا سريا لمراقبة الإنترنت يتيح لها أن تعرف «تقريبا كل ما يفعله مستخدم ما» على الإنترنت. وذكرت «الغارديان» أن برنامج «إكس كي سكور» يتيح لوكالة الأمن القومي التي تستخدمه، أكبر قدر من المراقبة عبر الإنترنت. وقالت الصحيفة إن وجود هذا البرنامج يثبت صحة مزاعم سنودن التي نفاها مسؤولون أميركيون ومفادها أن «إكس كي سكور» يتيح للعميل الذي يستخدمه أن يراقب بشكل مباشر كل الرسائل الإلكترونية وعمليات البحث عبر الإنترنت أو استخدام شبكات التواصل الاجتماعي أو أي نشاط آخر يقوم به شخص ما على الإنترنت.

لكن البيت الأبيض شدد على أن استخدام هذه الأدوات متاح فقط للأشخاص المكلفين هذا الأمر، وأن عمليات مراقبة تطبق تفاديا لأي تجاوزات. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني: «كما شرحنا وشرحت أوساط الاستخبارات فإن ادعاءات وصول محللين من دون مراقبة إلى المعلومات المخزنة لدى وكالة الأمن القومي خاطئة». ونفت الوكالة في بيان الأربعاء أن تكون عملية «جمع المعلومات تعسفية وغير مشروطة».

ونشرت «الغارديان» على موقعها الإلكتروني صفحات مقتطعة، على ما يبدو، من حصة مخصصة لتدريب عملاء الاستخبارات الأميركية. وأوضحت الصحيفة أنها امتنعت عن نشر أربع من الصفحات الـ32 التي تتألف منها الوثيقة، وذلك لأنها «تكشف معلومات عن عمليات محددة لوكالة الأمن القومي». وكتب على هذه العمليات عبارة «في غاية السرية»، ويسمح فقط للعاملين المرخص لهم في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا بالاطلاع عليها. وتم إصدارها في 2007 على أن تبقى سرية حتى عام 2032.

ويسمح هذا البرنامج للجواسيس الأميركيين بالاطلاع مباشرة على الرسائل الإلكترونية لكل مستخدم وعمليات تصفحه للإنترنت والبحث على الشبكة العنكبوتية واستخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي وكل أنشطة الإنترنت الأخرى. ويعمل هذا البرنامج بفضل نحو 500 خادم موزعة في أنحاء العالم أجمع، بما في ذلك روسيا والصين وفنزويلا. وخلافا لبقية برامج المراقبة والتنصت التي تم كشفها حتى الآن، فإن «إكس كي سكور» يتيح مراقبة شخص ما حتى وإن لم يتمكن العميل من الحصول على خيط «قوي» يوصل إليه، كعنوان بريده الإلكتروني على سبيل المثال، إذ إن مجرد عملية بحث بسيطة يقوم بها هذا الشخص عبر الإنترنت تجعل مراقبته ممكنة.