قانون إسرائيلي جديد يستهدف «تطهير» الكنيست من العرب

النواب يردون بالكلام إلى «الحائط» ويحذرون من الفاشية

TT

أقر الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قانونا جديدا يرفع بموجبه نسبة الحسم في الانتخابات البرلمانية من 2 في المائة إلى 4 في المائة، وذلك في سبيل التخلص من الأحزاب الصغيرة. وقد اعتبر النواب العرب هذا القانون استمرارا لنهج «تصعيد العنصرية والعداء للعرب» لأنه يؤدي إلى منع وصول أحزاب عربية إلى الكنيست. وردوا عليه بخطوات احتجاجية بالوقوف صامتين أمام المايكروفون على منصة الخطابة. وحذروا ومعهم عدد من نواب اليسار من تدهور إسرائيل للفاشية.

وجاء هذا القانون ضمن النهج الذي فرضه حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان، الذي يسعى لتقليص عدد الأحزاب في إسرائيل بدعوى «منع الأحزاب الصغيرة من ابتزاز رؤساء الحكومات ومحاربي الفساد»، علما بأن ليبرمان نفسه يحاكم اليوم بتهمة فساد منعته من دخول الحكومة وتهدد مستقبله السياسي. وقد تجاوب معه اليمين الحاكم، رغم أن عددا من نوابه أعربوا عن معارضتهم للقانون، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد فسر هؤلاء رضوخهم لليبرمان بأنه «تجربة جديدة لا تلحق ضررا بالديمقراطية».

ولكن نواب اليسار اعترضوا بشدة على القانون. فقالت رئيسة المعارضة شيلي يحيموفتش، إن هذا القانون مستورد من «الاتحاد السوفياتي المنهار»، في إشارة إلى مكان ولادة ليبرمان. بينما وقفت رئيسة حزب «ميرتس» زهافا غلاون تبكي على منصة الكنيست وتقول: «هذا قانون فاشي، لا أتصور أن إسرائيل تقبل بتمريره في برلمانها». وقال النائب إيتسيك شمولي من حزب العمل إن سن هذا القانون في إسرائيل «في الوقت الذي تشهد فيه الدول العربية هبات تطالب بالديمقراطية، هو دليل على أن إسرائيل تسير عكس التيار وتفقد ديمقراطيتها خطوة خطوة».

وقد اعترض النواب من الأحزاب العربية الوطنية، على هذا القانون بشدة. واعتبروه فاشيا وعنصريا. وقالت النائبة حنين زعبي من حزب التجمع الوطني الديمقراطي إنه «قانون ترانسفير (ترحيل) للعرب من الكنيست». ووقف النواب العرب، الواحد تلو الآخر، على المنصة صامتا لمدة ثلاث دقائق، هي المدة المقررة لخطاب كل منهم. وعلق أحد الصحافيين الإسرائيليين القدامى قائلا: «هذا الصمت يعتبر أكبر صرخة في تاريخ الكنيست».

وبعد أن وقف النائب د. عفو إغبارية، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، صامتا لمدة ثلاث دقائق، ألقى كلمة من على منصة الكنيست قال فيها لنواب اليمين من الائتلاف الحكومي: «لو كانت لديكم الشجاعة الكافية للفظتم بألسنتكم المسمومة وبوضوح أنكم لا تريدون أي تمثيل عربي في الكنيست، هذا هو الوجه الحقيقي المشوه لقانونكم العنصري... بئس لكم ولقوانينكم الجائرة». ووجه إغبارية كلامه لمقدم القانون ديفيد روتم، من حزب ليبرمان، قائلا: «لم تصل إلى الكنيست من خلال انتخابات ديمقراطية (برايمرز) في حزبك، وإنما من خلال تعيين النجم اللامع ليبرمان لك والذي أشرف على ترتيب قائمة حزبك حزب الرجل الواحد، ولهذا لا يحق لمن يتشدق بتحقيق الديمقراطية أن يقترح قانونا عنصريا كهذا يهدف إلى ترانسفير سياسي للمواطنين العرب من الكنيست. كذلك الأمر في هذا الائتلاف الحكومي (النموذجي) تنطبق هذه المواصفات على حزب (ييش عتيد - يوجد مستقبل) وهو حزب لا ماضي له ولا حاضر ولا مستقبل، ولا بد من أن مصير هذين الحزبين في المستقبل أن ينكشفا على حقيقتهما الكاذبة وستتقلص قوتهما مع الوقت في المجتمع الإسرائيلي ويختفيا عن الوجود».

وفند إغبارية الادعاءات الديمقراطية للقانون فقال: «إن ادعاءكم بأن رفع نسبة الحسم هو خطوة ديمقراطية نحو تقوية سلطة الحكم هو تضليل وكذب للمجتمع الإسرائيلي في وضح النهار. فعندما كانت نسبة الحسم 1 في المائة تم ضياع 55 ألفا وخمسمائة ألف صوت، وعندما تم رفع نسبة الحسم إلى 2 في المائة تم ضياع وحرق 197 ألف صوت تقريبا، فهل رفع نسبة الحسم ساهم في تثبيت وتقوية سلطة الحكم وتعميق الديمقراطية؟ الجواب هو عكس ذلك تماما، ولنأخذ نموذج تركيا، حيث نسبة الحسم هناك تصل إلى 10 في المائة، ففي انتخابات عام 2002 شارك في الانتخابات 18 حزبا، تجاوز حزبان فقط نسبة الحسم وتساقط 16 حزبا لم يتجاوزوا نسبة الحسم، وبلغ عدد الأصوات المحروقة للأحزاب التي لم تتمثل في البرلمان التركي 14 مليونا و350 ألف صوت تقريبا».