بدء المشاورات بين الحكومة التونسية والمعارضة لإيجاد حل سياسي

رئيسة لجنة التشريع العام: لدينا اتصالات مع النواب المنسحبين وهناك رغبة لمواصلة أنشطة البرلمان

رئيس الوزراء علي العريض أثناء اجتماعه الطارئ أمس مع حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغلالذي طالب باستقالة الحكومة مؤخرا (أ.ف.ب)
TT

بدأ القادة التونسيون أمس (الخميس) مشاورات مع منتقديهم من المعارضة والمجتمع المدني في محاولة لإيجاد حل للأزمة السياسية العميقة التي اندلعت إثر اغتيال معارض في 25 يوليو (تموز).

واستقبل الرئيس المنصف المرزوقي العلماني المتحالف مع إسلاميي حركة النهضة الذين يقودون الحكومة، مسؤولين من الحزب الجمهوري الذي دعا إلى تشكيل حكومة «خلاص وطني» تقودها شخصية مستقلة، كما ورد في تسجيل فيديو بثته الرئاسة.

وصرحت مية الجريبي القيادية في الحزب بأن «إنقاذ تونس يقتضي حكومة خلاص وطني تقودها شخصية مستقلة يتم إجماع من حولها ويلتزم أعضاؤها بعدم الترشح إلى الانتخابات المقبلة ويطبقون برنامج مكافحة الإرهاب والعنف السياسي». حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهة أخرى، استقبل رئيس الوزراء علي العريض، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي الذي تطالبه نقابته النافذة باستقالة الحكومة.

من جهتهم عقد النواب غير المنسحبين من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) يوم أمس جلسة استشارية مفتوحة لوسائل الإعلام خصصت لمناقشة الوضع العام في تونس. وتأتي هذه الجلسة بعد إعلان مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان، عن تعليق الأنشطة الرسمية للمجلس إلى غاية نهاية الأسبوع وبعد تتالي الدعوات إلى المحافظة على المجلس التأسيسي «كضمانة لشرعية الدولة ولتواصل مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد». واجتمع نواب حركة النهضة وحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (شريكي حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم) وحركة وفاء للثورة التي يتزعمها عبد الرؤوف العيادي في ظل غياب قرابة 73 نائبا يمثلون نحو ثلث عدد النواب عن المجلس. وينتمي النواب المنسحبون إلى أحزاب معارضة فيما يعرف في تونس بـ«الكتلة الديمقراطية». ودعت قيادات من المعارضة إلى إسقاط الحكومة التي تقودها حركة النهضة وحل المجلس التأسيسي (البرلمان) باعتماد العصيان المدني والخروج عن السلطة القائمة.

وبشأن تواصل التجاذب السياسي حول بقاء المجلس من عدمه، قالت كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي والقيادية في حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إن النواب غير المنسحبين يرغبون في استئناف نشاط المجلس والمحافظة على نتائج مجهودات بذلت طوال أكثر من سنة ونصف السنة. وأضافت أن المجلس بإمكانه مواصلة نشاطه في صورة عدم التحاق النواب المنسحبين ولا «يوجد مانع من ذلك باعتبار أن النصاب القانوني متوفر وهو في حدود 109 نواب».

وأضافت كلثوم أن اتصالات لا تزال جارية مع النواب المنسحبين وخاصة منهم المجموعة التي لا توافق على فرضية حل المجلس وقالت إن الدعوة مفتوحة للالتحاق بالمجلس في مرحلة أولى ثم التحاور داخل المجلس حول كل نقاط الخلاف. وأشارت رئيسة لجنة التشريع العام إلى أن اللجان التشريعية بالمجلس التأسيسي ستستأنف أنشطتها بداية من يوم الاثنين المقبل ولا يوجد من الناحية القانونية ما يمنعها عن ذلك.

وقالت رئيس لجنة التشريع العام لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة ترغب في مناقشة اقتراح تشكيل وحدة تفكير تهتم بصياغة مشروع القانون الانتخابي وأشارت إلى أن هذا المقترح قد لقي تجاوبا من مختلف الكتل البرلمانية وهو يأتي في إطار تسريع عملية الانتقال الديمقراطي.

وبشأن الوضع الميداني في جبل الشعانبي، قال الفاضل السايحي رئيس نقابة قوات الأمن الداخلي بالقصرين لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات تمشيط بالذخيرة الحية انطلقت في المناطق الجبلية تقودها فرق مختصة وقال إن هذه الطريقة عسكرية وغايتها تفجير الألغام المهددة لحياة قوات الأمن والجيش.

وحول هوية منفذي العملية الإرهابية التي قضت مساء الاثنين الماضي على ثمانية عسكريين، قال السايحي إن عدم التمكن من القبض على أي من عناصر المجموعة الإرهابية يجعل كل الاحتمالات ممكنة ونفى أن يكون هناك ارتباط بين عصابات التهريب والمجموعات الجهادية في المنطقة وعلل الأمر بأن المهربين غالبا ما ينقلون بضائعهم عبر طرق سريعة ولا يغامرون بدخول تلك الجبال الوعرة بشعابها ومسالكها الصعبة.

وبشأن زرع العبوات الناسفة التي خرجت من المناطق الجبلية إلى بعض المناطق السكنية (حلق الوادي والمحمدية اللتين شهدتا تفجير عبوات ناسفة) قال السايحي إنها «كمناورات خسيسة من هنا وهناك» غايتها إرباك قوات الأمن والجيش ولفت الأنظار عن جبال الشعانبي والإيهام بأن المخاطر الإرهابية تجاوزت حدود الشعانبي لتصل إلى المناطق السكنية. ودعا التونسيين إلى عدم تهويل الأمور وإخراجها من سياقها الضيق اعتبارا إلى أن ظاهرة الإرهاب باستعمال الأسلحة لا تزال جديدة على تونس وتضخيمها سيصر بالجميع على حد تقديره. وخلافا للدعوات المتكررة لتفعيل قانون مكافحة الإرهاب المعروف في تونس بقانون 2003، قال السايحي إن المطلوب الآن هو العمل بالوسائل المتاحة ولا يمكن انتظار سن هذا القانون بعد تنقيحه لمحاصرة الظاهرة الإرهابية.

وواصلت قوات الجيش التونسي لليوم الثاني على التوالي استهداف مواقع يشتبه في تحصن الإرهابيين بها وقصفتها باستعمال المدافع الرشاشة استعدادا كما ذكرت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» لتنفيذ عمليات إنزال تدعم جهود التمشيط وتميط اللثام عن مخابئ الإرهابيين.

وبشأن حصيلة العمليات العسكرية في جبال الشعانبي قال العميد توفيق الرحموني المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن «حصيلة عمليات التمشيط لم تضبط بعد بصفة نهائية»، وأضاف أن تعقب المجموعات الإرهابية يتم في كنف السرية المطلقة لضمان نجاح العملية ووعد بالإعلان عن النتائج الكاملة إثر انتهاء العمليات العسكرية. في غضون ذلك أمر القضاء التونسي أمس بالإفراج عن الناشطة التونسية في حركة «فيمن» أمينة السبوعي في انتظار محاكمتها بتهمة تدنيس مقبرة، وفق ما أفاد وكالة الصحافة الفرنسية محاميها حليم المؤدب.