الدبلوماسية الغربية ترمي بثقلها لاحتواء «إخوان مصر»

الاتحاد الأوروبي يراهن على حمائم الجماعة وبيرنز يعود للقاهرة

متظاهرات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالقرب من ميدان رابعة العدوية أمس (إ.ب.أ)
TT

يبدو أن الوسطاء الغربيين بين طرفي الصراع في مصر (قادة الجيش وجماعة الإخوان المسلمين)، باتوا على قناعة بأنهم في حاجة للضغط على قيادات «الإخوان» لدفع من يصفونهم بـ«المعتدلين» منهم إلى فرض رؤيتهم داخل التنظيم الأكبر في البلاد، من أجل قبول قرار الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي الذي ينتمي لـ«الإخوان».

بينما بات واضحا أيضا لأطراف اللعبة السياسية في البلاد والوسطاء الغربيين أن حمائم جماعة الإخوان يحتاجون إلى «مكسب» يمكن تسويقه لإقناع أنصارهم بالعودة مجددا إلى الطاولة السياسية، في وقت لا يبدو فيه قادة الجيش مستعدين لتقديم تنازلات.

وعزل الجيش مرسي يوم 3 يوليو (تموز) الماضي، بضغط شعبي جارف، لكن جماعة الإخوان اعتبرت الخطوة بمثابة «انقلاب على الشرعية». وتحدت الجماعة قرار الجيش باعتصام أنصارها في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة)، ونهضة مصر (جنوب القاهرة)، منذ أكثر من شهر.

وتلقت جماعة الإخوان، التي راهنت على الدعم الغربي، بحسب مراقبين، صفعة أميركية أول من أمس، بعد تصريحات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري قال فيها، إن «الجيش المصري يعيد التأسيس للديمقراطية في البلاد من جديد»، مضيفا أن «الملايين من الناس الذين يخافون من انتشار الفوضى والعنف في مصر، طالبوا بتدخل الجيش».

التصريح الذي أدلى به كيري إلى قناة «غيو نيوز» الباكستانية، خلال وجوده في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، تزامن مع أنباء عن عودة ويليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأميركي إلى القاهرة، في زيارة لم يعلن عنها من قبل، هي الثانية له منذ عزل مرسي.

والتقى بيرنز خلال زيارته الأولى للقاهرة القادة السياسيين للحكومة المؤقتة، ومن غير المعروف ما إذا كان بيرنز سيلتقي هذه المرة قيادات من جماعة الإخوان أم لا.

وبينما انتقد القيادي الإخواني محمد علي بشر الذي يتولى ملف التفاوض مع الدبلوماسيين الغربيين، تصريحات كيري، ووصفها بأنها «مخيبة للآمال»، معلنا رفض الجماعة القاطع لها، نفى أحمد عارف، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان، تعرض الجماعة لضغوط غربية، لكنه يشير إلى أن قادة «الإخوان» يسعون حاليا إلى مقاومة التشخيص الخاطئ لدى الغرب حول حقيقة ما جرى في البلاد. وتراجعت جماعة الإخوان عن الحديث عن موقف غربي مهتز تجاه عزل مرسي، وهي ترى حاليا، بحسب عارف، أن الآلة الإعلامية الجبارة التي تقف خلفها أجهزة الدولة المصرية عملت بقوة على تسويق أن ما جرى في البلاد ثورة.

يقول عارف لـ«الشرق الأوسط»: «نسعى لكشف حقيقة أن ما جرى انقلاب عسكري يدبر له منذ تولي الرئيس مرسي السلطة. كان هناك تعمد لإفشال التجربة، واصطناع الأزمات، وتم استغلال غضب بعض الناس من تردي أحوالهم المعيشية لتصوير الأمر على أنه ثورة».

ويرى عارف أنه لا بديل عن عودة المشهد السياسي إلى ما قبل 3 يوليو. ويشير إلى أن التشخيص الخاطئ للغربيين يشمل أيضا الاعتقاد أن جماعة الإخوان وحدها هي التي تقاوم «الانقلاب»، يقول: «هناك ثورة قائمة بالفعل منذ شهر في البلاد».

وفي حين تتواصل الجهود الغربية للتوصل إلى حل، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أطرافا غربية ومصرية تسعى حاليا لطرح مبادرة تستهدف تبريد أجواء المشهد السياسي، في أعقاب تلويح السلطات بفض اعتصامي «الإخوان» بالقوة.

وأضافت المصادر: «القيادة السياسية الحالية ترى أن الكرة في ملعب الإخوان المسلمين. وإذا تراجعت الجماعة عن محاولات إشاعة الفوضى عبر المسيرات وقطع الطرق يمكن البدء في إجراءات بناء الثقة». ونقلت «رويترز» على لسان دبلوماسيين غربيين قولهم، إن نتيجة أي تفاوض محتمل يجب أن يشمل: الإفراج عن جميع المعتقلين من قيادات «الإخوان»، إسقاط الاتهامات الموجهة لمرسي، وإنهاء اعتصامي جماعة الإخوان، ووقف العنف ضد قوات الأمن في سيناء، واستقالة الرئيس المعزول، والسماح لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لـ«الإخوان» بخوض الانتخابات. والتقى برناردينو ليون، المبعوث الأوروبي لدول جنوب البحر المتوسط، الأربعاء الماضي القيادي الإخواني البارز عمرو دراج، وجهاد الحداد، المتحدث باسم الجماعة داخل اعتصام رابعة العدوية. وقال ليون في تصريحات صحافية، إنه رغم صعوبة التوصل لحلول، فإن هناك مساحة مشتركة يمكن البناء عليها إذا ما علا صوت المعتدلين. وأعرب ليون الذي يواصل البناء على ما بدأته كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن اعتقاده أن جماعة الإخوان تملك قيادات معتدلة على رأسها محمد علي بشر، عضو مكتب إرشاد «الإخوان»، ودراج، وحداد.