السودان: مقتل العشرات وانقطاع الطرق وتهدم آلاف المنازل

السيول تجتاح البلاد وتوقعات بتزايد الأمطار

TT

قتل أكثر من عشرة سودانيين في مناطق مختلفة من البلاد، بسبب الأمطار الغزيرة التي ظلت تهطل طوال يومين متواليين، وما نجم عنها من سيول أدت لتهدم منازل، وتقطع طرق، وعزل مناطق متفرقة من السودان عن بعضها تماما.

ولا توجد إحصائية دقيقة بالخسائر التي أحدثتها الأمطار التي هطلت يومي الخميس والجمعة، وبتواصل دام أكثر من 15 ساعة.

بيد أن العاصمة الخرطوم تتأثر في الأحول العادية، من هطول الأمطار، بسبب رداءة التجهيزات وشبكة الصرف الصحي، وسنويا تزعم السلطات أنها أعدت العدة لمواجهة الموسم المطير، لكن سرعان ما يتضح عدم دقة حديث السلطات الاتحادية أو المحلية بشأن الاستعداد، للخريف، وتغرق المدينة في «شبر ماء».

وتحولت الخرطوم ومدنها إلى بحيرات من المياه، والسيول طوال اليومين الماضيين، وانعزلت مناطق كاملة خاصة في شرق وشمال المدينة وغربها عن وسطها، وانقطعت عنها وسائل المواصلات.

وكما هو الحال في الخرطوم فإن عواصم ولايات أخرى عاشت نفس الأوضاع، وقال مدير شرطة الدفاع المدني السوداني اللواء هاشم حسين عبد المجيد إن الأمطار بدأت الهطول منذ الخميس واستمرت حتى الجمعة، وبمعدلات هطول غير معتادة، وغير مسبوقة، ونتجت عنها سيول اجتاحت بعض ولايات البلاد، وأحدثت أضرارا بالغة في أنحاء مختلفة من السودان.

وأضاف في حديث نشرته وكالة الأنباء الرسمية «سونا» الجمعة، إن السيول التي نجمت عن الأمطار الغزيرة قطعت الطريق الرابط بين مدينتي عطبرة - أبوحمد، بشمال البلاد، والطريق البري القومي الذي يربط ميناء بورتسودان بشرق البلاد عن منطقة «درديب» بولاية الأحمر.

وحسب مدير الدفاع المدني فإن السيول اجتاحت عددا من ولايات البلاد: «الشمالية، شمال كردفان، النيل الأزرق» محدثة «بعض الأضرار»، حسب عبارة اللواء عبد المجيد.

ونقلت صحيفة «حكايات» الصادرة بالخرطوم أمس، أن طفلين لقيّا مصرعهما بانهيار منزل بمنطقة «الفتح» بأم درمان، وأن سيدة لقيت مصرعها بعد أن جرفتها السيول، وقتل شخص صعقا بالكهرباء أثناء محاولته نضح المياه من منزله، ولقي شخصان مصرعهما في منطقة أبوحمد بشمال البلاد مصرعهما جراء السيول، وتوفي شخص بمدينة الفاشر غرب البلاد، وحملت السيول ثلاث جثث مجهولة في أحد الأودية بولاية شمال دارفور.

من جهتها توقعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية أن تشهد البلاد، بما فيها ولاية الخرطوم المزيد من الأمطار المصحوبة بالزوابع الرعدية، خلال الأربع وعشرين ساعة المقبلة.

وقال مدير الأرصاد د. عبد الله خيار إن أنحاء واسعة من البلاد تأثرت بأمطار غزيرة، وسيول كبيرة، وإن معدلات هطول الأمطار بلغت (56) ملم في مدينة عطبرة شمال البلاد، وشندي (43) ملم.

وحسب الأرصاد فإن أنحاء واسعة من السودان تأثرت بهذه الأمطار، وبمستويات مختلفة، وهي ولايات الخرطوم وكسلا والقضارف والنيل الأبيض وشمال وجنوب كردفان والنيل الأزرق البحر الأحمر.

وأعلنت ولاية الخرطوم «العاصمة» حالة الاستنفار لمواجهة الطوارئ المترتبة على الأمطار التي تأثرت بها أنحاء واسعة من الولاية.

وقال والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر إن مناطق «الفتح» بمحلية كرري، ومحلية شرق النيل تأثرت بالسيول المقبلة من سهول «البطانة» بوسط البلاد.

وأنشأت الخرطوم «غرفة طوارئ مركزية» مهمتها متابعة المستجدات على مدار الساعة، والأمر بالتدخل في الوقت المناسب، لتصريف المياه حتى تنعزل المناطق المتأثرة بالسيول.

وشهدت ولاية كسلا، شرق البلاد، أمطارا غزيرة وسيولا جارفة، أدت لأضرار فادحة بالممتلكات الخاصة والعامة، وقال مسؤول ولائي إن قرابة (500) أسرة فقدت المأوى، فيما عزلت السيول عشرات القرى، وإن السلطات المحلية فشلت في الوصول إلى مناطق «أبو عشر، بركات، السيالة، وأم عشوشة، والدار البيضاء» بعد أن عزلتها السيول والأمطار تماما.

وتأخر موسم الأمطار هذا العام كثيرا، وتدافع الناس لتأدية صلاة الاستسقاء، بل ودعتهم السلطات لذلك، كما أسهم الشح المتوقع للأمطار في «انتزاع» أول اعتراف صريح بالظلم وسفك دماء «المواطنين» من الرئيس عمر البشير، الذي قال في وليمة إفطار نظمها رئيس السلطة الانتقالية لدارفور التجاني السيسي، إن الظلم خيم على البلاد في ظل حكمه، ما سبب في الجفاف وتأخر نزول الأمطار، وقوله: «كيف يستجيب الله لدعائنا ونحن نسفك دماء المسلمين ودماء بعضنا البعض»، ويعد هذا أول اعتراف بفداحة الجرائم التي ارتكبها الحكم، منذ الانقلاب في يونيو (حزيران) عام 1989م، ما جعل الأقدار تبدو كأنها تصفي حسابها مع «الظلم» مرتين، مرة بشح الأمطار، والثانية حين جادت بها.