الرئيس اللبناني وجنبلاط لا يستبعدان «الحكومة الحيادية».. وسلام يسعى لحكومة «مصالحة»

مبادرة الحريري بعدم مشاركته وحزب الله لا تلقى اهتماما.. ورد متوقع للحزب اليوم

TT

سرق إطلاق الصواريخ المجهولة المصدر، التي استهدفت منطقة اليرزة، إضافة إلى إطلالتي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس الحكومة السابق، رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، الأضواء في اليومين الأخيرين عن موقف هو الأول من نوعه جاء على لسان الرئيس اللبناني ميشال سليمان، من بين جملة المواقف التي أطلقها في عيد الجيش، لناحية التوجه إلى تشكيل «حكومة حيادية» إذا تعذر تشكيل حكومة «المصلحة الوطنية».

وبينما لاقى رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط سريعا الرئيس اللبناني بتأييده تشكيل حكومة حيادية، بعد أن كان من أشد معارضيها في وقت سابق، أعرب الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة تمام سلام أمس عن رغبته في تشكيل «حكومة مصالحة وطنية حقيقية بعيدا عن لغة التحدي والاستئثار والمحاصصة والاستفزاز بالتوافق مع رئيس الجمهورية، صاحب المواقف الوطنية المتقدمة التي ما فتئت تستجلب عليه صواريخ الحقد والإنكار».

وتزامن موقف سلام مع موقف مماثل صدر عن الرئيس اللبناني الذي شدد أمس أمام زواره على «أهمية تضافر الجهود للمشاركة في حكومة تضم الجميع وتحظى بأوسع تأييد».

وكان سليمان قد أعلن خلال كلمته بعيد الجيش اللبناني، قائلا: «إننا لن نقبع في دوّامة الانتظار طويلا قبل الشروع في تشكيل حكومة الوزن الوطني والمصلحة الوطنية»، وقال إنه «إذا تعذر ذلك، فلا بد من حكومة حيادية». ولاقت مواقف سليمان تأييدا فوريا من جنبلاط، الذي سأل في موقف نشرته صحيفة الأنباء الإلكترونية التابعة لحزبه أول من أمس: «أهي جريمة أن يدق الرئيس ناقوس الخطر محذرا من استمرار الفراغ الحكومي ومنتقدا عن حق الشروط التعجيزية المتقابلة؟ وأن يذهب للمناداة بتأليف حكومة حيادية بهدف الخروج من حالة المراوحة والسعي لمعالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المتفاقمة؟».

وتقول مصادر سلام لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا غبار على مواقف الرئيس اللبناني، الذي يدق ناقوس الخطر للوصول إلى توافق، وإلا فالبديل الذهاب إلى حكومة حيادية، وهذا الأمر متروك للاتصالات». وتؤكد أنه «ما من كلام نضيفه على كلام سليمان، وهو من دون شك كلام لافت وشديد الأهمية ويعكس عمق الأزمة الراهنة»، موضحة أن «الفراغ في السلطة التنفيذية ينعكس اليوم بشكل كبير على المؤسسات جميعها».

وفي السياق ذاته، يقول مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط رامي الريس لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا شك أنه بعد استنفاد كل المحاولات لثني فرقاء النزاع عن التمسك بشروطهم، لا بد من موقف اليوم لئلا تبقى البلاد أسيرة المراوحة الحكومية، والفراغ بظل لحظة شديدة الحساسية، ومع استمرار أزمة سوريا والقطيعة بين اللبنانيين».

ويعتبر الريس أن تقاطع موقفي سليمان وجنبلاط ينطلق من أنه «لا بد اليوم من تفكير جدي بخيارات سياسية للخروج من المأزق الحكومي»، موضحا: «إننا بالأساس مقتنعون بأن أي خيارات خارج السياق السياسي لا مصلحة لأحد بها، وتعرض البلاد للدخول في نفق مظلم، وسبق أن جربت وأثبتت عقمها، لكن استيلاد الشروط والشروط المضادة من قبل فريقين أساسيين يشل البلد ويقفل جميع المنافذ لأي تسوية حكومية».

ويبدو أن استمرار الفرقاء في طرح شروط «تعجيزية» لا يمكن التوصل معها إلى حلول وسط، يجعل تشكيل الحكومة اللبنانية أكثر تعقيدا. ففي حين يتصدى حزب الله لمحاولة عزله داخليا بعد عزله خارجيا بإدراج جناحه العسكري على لائحة الإرهاب الأوروبية، مصرا أكثر فأكثر على مطلب الثلث المعطل داخل الحكومة، أي الأكثرية العددية التي تمكنه من تعطيل اتخاذ القرار، تصر قوى «14 آذار» على رفض تشكيل حكومة سياسية يشارك فيها حزب الله. بل إن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل، اقترح مساء أول من أمس مبادرة تقضي بعدم مشاركة المستقبل وحزب الله في الحكومة، مقابل التوجه إلى طاولة الحوار لبحث المشكلة الأساس وهي السلاح.

لكن مبادرة الحريري، الذي أكد ثقته بالرئيس سلام داعيا «من يريد أن يساعد على تشكيل الحكومة إلى أن يتعاون معه»، قوبلت أمس بحالة من اللامبالاة من قبل فريق «8 آذار»، من دون أن تصدر أي مواقف من حلفائه في 14 آذار.

وعكست التعليقات القليلة الصادرة عن نواب من فريق «8 آذار» رفضها عدم مشاركة حزب الله في الحكومة، ففي حين قال النائب في كتلة «التحرير والتنمية» غازي زعيتر إن «المشاركة في الحكومة هي تحمّل للمسؤولية، وهي بالتالي واجب مقدس، ولا يجوز لأي كان أن يتخلف عن المسؤولية»، اعتبر النائب بلال الأعور أن «الموضوع ليس مزحة يتسلى به (الشيخ سعد)، بل المسألة مرتبطة ببناء الوطن وبالمشروع الاستراتيجي في الشرق الأوسط».

وبينما يتوقع أن يرد قياديو حزب الله اليوم على مواقف الحريري خلال مشاركتهم في مناسبات واحتفالات تأبينية، على غرار كل يوم أحد، نقل موقع «جنوبية» الإلكتروني عن نائب من حزب الله، من دون أن يسميه، قوله إن الحريري «كان يظن أنه كحّل الحكومة بما سمي (مبادرته)، لكنه في الواقع عماها»، واصفا اقتراح عدم مشاركة الحزب في الحكومة مقابل عدم مشاركة حزب الله، بـ«نكتة سمجة».

وبينما يعتبر الريس مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، أن «مطلب إبعاد أي فريق لا يفيد، كذلك الأمر بالنسبة إلى الثلث المعطّل وسبق وجرّب هذا الأمر وفشل على أكثر من صعيد»، ترى مصادر سلام، في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»، أن «البلد لم يعد يحتمل المزيد من الفراغ والحدث الأمني المتمثل بإطلاق الصواريخ مؤشر على أننا بحاجة اليوم قبل الغد إلى حكومة تتولى زمام الأمور»، مذكرة بأن سلام سبق وأن أعلن مرارا أن «لديه خيارات عدة على رأسها أن ينجح بتشكيل حكومة جامعة لكن الوقت اقترب من النفاد، ولا يمكن الانتظار أكثر وترك البلد رهينة لشروط وشروط مضادة، سبق أن تمت تجربتها وأثبتت فشلها».