أنباء عن تشكيل «الإخوان» جناحا عسكريا وتخزين أسلح

تصدعات داخل الجماعة وتضارب حول استقالة المتحدث باسمها

«إخوان سوريا» يؤكدون دعمهم فصائل المعارضة المسلحة وينفون نية الصراع مع المجاميع الجهادية (رويترز)
TT

تتجه جماعة الإخوان المسلمين والمعروفة بمعارضتها التاريخية للنظام السوري إلى تشكيل جناح عسكري داخل سوريا يقاتل إلى جانب «الجيش السوري الحر» ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بحسب ما أفادت به تقارير نشرتها مواقع سورية معارضة. وتتزامن هذه الأنباء مع تصدعات في كوادر الجماعة وسط تضارب حول استقالة المتحدث باسمها زهير سالم.

وفي حين ينفي قياديون إخوانيون التوجه لإنشاء جناح عسكري، مؤكدين أن «التنظيم على مسافة واحدة من كافة فصائل الجيش (الحر)»، تتهم جهات في المعارضة السورية ذات توجهات علمانية «الإخوان» بتخزين السلاح لمرحلة ما بعد الأسد بهدف الاستحواذ على السلطة.

وأفادت تقارير إعلامية معارضة بأن «التحضيرات النهائية تتم حاليا لعقد اجتماع كبير يضم قيادات (الإخوان المسلمين) داخل الأراضي السورية وبالسرعة القصوى، ومن المرجح أن يكون في حلب بهدف تشكيل الجناح العسكري». وأشارت إلى أن «التشكيل سيكون معلنا ومنظما ومدروسا ومدعوما سياسيا وعسكريا من أجل إحداث تغييرات جذرية على الأرض في مسار المعركة التي يخوضها ثوار سوريا ضد نظام الأسد»، وذلك «بعد مراوحة الثورة السورية في ذات المكان وسط تزايد المجازر وطغيان النظام».

وقال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عضو المجلس الوطني السوري ملهم الدروبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجماعة تدعم العديد من الكتائب المسلحة التي تقاتل النظام السوري»، مؤكدا أن «من أبرز هذه الكتائب (هيئة دروع الثورة) باعتبارها الأقرب فكريا إلى فكرنا المعتدل». وشدد الدروبي في الوقت نفسه على أن «الجماعة تقف على مساحة واحدة من جميع الكتائب وتدعمها بما هو متاح لها».

وبحسب شريط فيديو تم بثه على موقع «يوتيوب» في يناير (كانون الثاني) 2013، فإن هيئة «دروع الثورة» تضم 43 فصيلا مسلحا، وكلها تستخدم أسماء تتمحور حول كلمة «درع». ويتمركز نحو نصف الفصائل في محافظة إدلب، فيما تتواجد الفصائل الأخرى في حماه، التي تعد المعقل الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين، لكن عددا ضئيلا من العمليات منسوب إلى الهيئة التي نادرا ما يرد اسمها في التقارير الإخبارية الميدانية.

وكان الدروبي، في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» تعود إلى مطلع شهر أغسطس (آب) الفائت، قد أعلن أن «جماعة الإخوان شكلت أول وحداتها المسلحة داخل سوريا قبل نحو ثلاثة أشهر». لكن المرشد العام السابق للجماعة رياض الشقفة سارع إلى إصدار بيان رسمي أوضح فيه أنه في حين أن (الإخوان المسلمين) يدعمون المعارضة المسلحة، لكن «هذا لا يعني أن لدينا وحدات خاصة بجماعة الإخوان».

ولفت الدروبي أمس إلى أن «فكرة تشكيل تنظيم عسكري يتبع لـ(الإخوان) غير مطروحة حاليا»، مشيرا إلى أن «الجماعة ليست في صدد الدخول بصراعات مع المجموعات الجهادية التي تحارب النظام في سوريا». وقال: «عدونا هو النظام السوري، أما علاقتنا مع الجهاديين فتقتصر على المحاورات الفكرية لمحاولة جذبهم إلى فكرنا المعتدل».

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن «الدافع الأساس لتشكيل جناح إخواني عسكري هو انتشار الجهاديين بشكل كبير في سوريا، ما يؤشر إلى أن أول مواجهة بعد سقوط النظام ربما تكون معهم لإرساء دعائم الدولة الجديدة». ودافعت جماعة الإخوان عن الجهاديين في مواجهة وصف الولايات المتحدة لهم بالإرهاب. وفي بيان صادر في الحادي عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول)، دعت الجماعة إلى مراجعة القرار الأميركي واصفة جبهة النصرة بأنها «جماعة يمكن الاعتماد عليها للدفاع عن البلاد وحماية المدنيين ضد جيش النظام».

وفي إطار الأنباء عن نية «الإخوان المسلمين» تشكيل جناح عسكري داخل سوريا، كشف كمال اللبواني عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الجماعة تملك في سوريا حاليا سلطة متكاملة لا تقتصر على الصعيد العسكري وإنما الاقتصادي والاجتماعي والإغاثي»، موضحا أن ما يسمى «هيئة حماية المدنيين» عبارة عن «دولة إخوانية متكاملة تشتري ولاءات الناس عبر تقديم بعض الخدمات ودفع الأموال». وأكد أن «هذه الشبكات الزبائنية لن تنفعهم شيئا لأنهم يفتقرون إلى الحاضنة الاجتماعية في سوريا».

وقال اللبواني إن «جماعة الإخوان المسلمين تقوم بتخزين الأسلحة تمهيدا لمرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد»، مؤكدا أن «(الإخوان) لن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع لأنهم يعلمون أن الفشل ينتظرهم»، مرجحا أن يكون العنف أحد خياراتهم.

وتزامنت هذه الأنباء مع تقديم القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين والمتحدث باسمها زهير سالم استقالته من عضوية قيادة الجماعة، وفق مصادر في المعارضة السورية. وقال سالم إنه سيستمر «جنديا في الصف» حسب تعبيره، مع متابعة عمله في إدارة مركز الشرق العربي للبحوث والدراسات، لكن القيادي الإخواني ملهم الدروبي أكد لـ«الشرق الأوسط» عودة سالم عن استقالته، واضعا هذه الأمور في إطار «الشؤون الداخلية للجماعة».

ويعتبر زهير سالم من الشخصيات الإسلامية المعتدلة داخل جماعة الإخوان المسلمين التي تميل إلى التفاوض والتفاهم في السياسة.. الأمر الذي يجعل محاولة إقصائه تنعكس تشددا وتطرفا على الجماعة. ويقول متابعون للشأن الإخواني في سوريا إن استقالة «سالم» وعودته عنها تمثل انفراط أول حبة في عقد «الإخوان» السوريين وبداية لمزيد من الانشقاقات داخل الجماعة.